أقلام حرة

المغرب و الجزائر أو ” الحلم في زمن … الوهم ” !

le patrice

الصادق بنعلال – كاتب

خصص العاهل المغربي مقطعا هاما من خطاب الذكرى الثالثة و الأربعين للمسيرة الخضراء ، للتعبير عن الرغبة الصادقة في طي صفحة الخلافات غير المجدية بين المغرب و الجزائر ، و النظر سويا و بعقلانية إلى راهن و مستقبل الشعبين الشقيقين ، عبر ” إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها ” . و قد سبق لكاتب هذه السطور منذ سنوات، أن رسم صورة متخيلة للقاء قمة بين زعيمي البلدين لوضع حد لحالة التنافر غير الطبيعية بينهما ، و كانت كما يلي :

  ” علم ”  من مصادر مطلعة ، و قريبة جدا من “أصحاب القرار” في الدولتين المغاربيتين العظميين ، أن “لقاء” بالغ الأهمية سيعقد في غضون الأشهر القليلة المقبلة بين القائدين الكبيرين؛ العاهل المغربي الملك محمد السادس و رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة ، من أجل تدارس القضايا الثنائية ذات الأولوية، و باقي المواضيع الإقليمية و الدولية التي تحظي باهتمام الطرفين. و قد جاء ذلك نتيجة جهود حثيثة من قبل حكماء و رجال الفكر و المعرفة من كلا البلدين، حيث أمضوا فترات مديدة في التأمل و الاستقراء العميق و استجلاء الحقائق؛ و كان هاجسهم الأوحد، البحث الجدي عن الحلول الكفيلة بخدمة المصالح الإستراتيجية للقطرين الشقيقين، و تحقيق التقدم و الرقى و التنمية ، التي طالما كانت حلم المغاربيين جميعهم منذ أن كانوا ينسقون فيما بينهم من أجل دحر الاستعمار الفرنسي و تجسيد عهد الحرية و الاستقلال . لقد تيقن أهل الخير و السداد في كلا الثغرين أن سنوات الضياع التي أمضياها في الحروب الباردة ، و التنافس غير الشريف حول زعامة مفترضة، و المناكفات البيزنطية.. لم يجنيا منها سوى ضروب من الهوان و ألوان من الضعة و أنواع من الضعف ! و هدر ملايير الدولارات من مال الشعبين البريئين في اقتناء أسلحة متقادمة و فاقدة الصلاحية، توضع في مخازنها منتظرة مصير التلف و الصدأ و التلاشي، و المستفيدون هم تجار الموت و “مبدعو” الحرائق شرقا و غربا.

 و أخيرا “سمع” زعيما البلدين الجارين  صوت العقل لأول مرة في التاريخ العربي الحديث، و قررا أن يجربا السلام و الوئام و التضامن طريقا نحو النهضة المنشودة، عسى أن تسطع شمسهما في أعلى عليين، بعد عهود من الغيوم الداكنة. و”سيتضمن” جدول أعمال هذا اللقاء المرتقب دوليا و إقليميا حسب مصادرنا “الموثوقة”مواضيع متعددة أبرزها :

1 – مسألة إعادة النظر في رسم الحدود الموروثة عن الاستعمار، و التي تنذر بمواجهات من العيار الثقيل إن لم توضع على طاولة المناقشة الصادقة ، بعيدا عن لغة الخشب و الأساليب الدبلوماسية المائعة.

2 – فتح الحدود البرية و البحرية و الجوية لتنقل الأشخاص و البضائع و المصالح المادية المعطلة ، و إلغاء نظام التأشيرة على مواطني البلدين لاستئناف الزيارات الأسرية و العائلية المجمدة عشرات السنين .

3 – تقصي البحث في قضايا الاتجار في المخدرات و السلاح و المواد الغذائية غير المراقبة ، و موضوع الهجرة الذي أضحى عنصرا سالبا و مؤثرا على أي إنجاز تنموي راجح.

4 – بعث الاتحاد المغاربي و زرع الحياة فيه مجددا، و ضخ الدم في هياكله و مؤسساته المعطلة، لتدارك التأخر الحاصل، و إرضاء المواطنين الذين ينتظرون على أحر من الجمر العدل و الكرامة و المساواة و الحرية و الرفاهية و السلام .. ! و لئن كانت قضية الصحراء عائقا فعليا في وجه الحلم المغاربي، و وحدة الشعبين ، فإنه “تقرر” تجنب الإشارة إليها ، و تركها بيد المنتظم الأممي المعني ببؤر الانفجار دوليا.

و في هذا المضمار ارتأى الطرف الجزائري أن يتوقف عن مناصرة الانفصاليين المغاربة، و يمنع وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة أن تتدخل  في الشؤون الخاصة  بالمملكة المغربية، و تعمل على إحصاء السكان الصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف، على غرار ما يقع في باقي مخيمات اللاجئين عالميا، وأن تراقب المساعدات المادية و المعنوية المتدفقة عليهم، حتى لا تخطئ العنوان و تذهب إلى جيوب المقامرين بالقضية الصحراوية و ما أكثرهم . و أخيرا قبلت الجزائر أن ترفع يدها نهائيا عن مشكل الصحراء باعتباره مشكلا داخليا بين المملكة المغربية و بين أبنائها من ذوي الميول الانفصالية، و تساهم في نشر قيم المواطنة و الديمقراطية و التعددية و حرية الفكر و التعبير داخل المخيمات.

 و في المقابل قبل المغرب أن يتوقف هو بدوره عن التشهير بالجمهورية الجزائرية ، و إظهارها بمظهر الشرير الذي لا يتقن سوى فن المؤامرات، و نسج الدسائس و زرع بذور الفتنة و الشقاق في البلدان المغاربية، و إيقاف الحملات الإعلامية المغرضة، كما أنها سترفع من مجهوداته بكل ما يملك من قوة، لتقديم كل ما من شأنه أن يدخل السعادة إلى قلب الأشقاء الجزائريين ، خاصة و قد أظهرت استطلاعات الرأي الإقليمية و الدولية أن العلاقة القائمة بين الشعبين الجارين أقوى من الحديد رغم أزمنة من الجفاء و العداء المفروضين عليهما . هذا و ينتظر من “لقاء” زعيمي البلدين أن تشهد المنطقة إنجاز مشاريع عملاقة في شتى الميادين الحيوية : مد الطرق السيارة و السكك الحديدية، و إقامة المعاهد العلمية و التكنولوجية عالية الجودة ، و بناء المدارس و السدود و المستشفيات و الملاعب الرياضية الرفيعة، و استغلال الطاقة الشمسية و الهوائية ، و الإنجاز الجماعي للمفاعلات النووية ذات المنحى السلمي .. مما سيخلق الآلاف من مناصب الشغل و يطرد شبح البطالة المخيف، و يجعل بلدينا قبلة للسائحين من كل بقاع العالم، بفضل ما يتميزان به من موقع استراتيجي فريد، و معالم طبيعية غناء و موارد بشرية و طبيعية نوعية. كل ذلك و غيره من أجل تجسيد الغاية الأسمى لمغرب الشعوب ؛ مغرب العمل المشترك و رسم ملحمة الوحدة و التقدم و الازدها.

و على أمل أن تتحقق هذه الأحلام المحلقة في دنيا الخيال، و التي ( إلى هذه اللحظة ) لا مكان لها تحت شمس الواقع المر، و الحقيقة المفجعة، إليكم مني أطيب الأماني، و أزكى التحيات، بمناسبة ذكرى ولادة أطهر الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و كل عام و الشعبان المغربي و الجزائري بألف خير و مودة و وئام !

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى