السفير 24 – بقلم: اسماعيل الحلوتي
في قذيفة نارية مغايرة لتلك التي اعتادت الجماهير على مشاهدتها في الملاعب الكروية، وهي عبارة عن تدوينة أرادها صاحبها أن تكون رسالة قوية لدعم الشعب الفلسطيني الأعزل والتنديد بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها الغزاويون على أيدي العدو الصهيوني المجرم، يلعن من خلالها نجم المنتخب الوطني ولاعب فريق غلطة سراي التركي حكيم زياش في منشور عبر تقنية “ستوري” على حسابه الشخصي في إنستغرام كل الدول المساندة لإسرائيل بما فيها بلده المغرب، داعيا أخواته وإخوانه المغاربة إلى ضرورة إسماع صوتهم للعالم في دعم فلسطين الحرة.
وهي التدوينة/القذيفة التي خلفت ردود فعل متباينة وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات بين مؤيدين ومعارضين لما جاء فيها من تعبير صادق وعميق قبل أن يعود إلى حذفها. إذ لقيت ترحيبا كبيرا في أوساط المغاربة داخل وخارج المغرب وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الذين باركوا هذه الخطوة الجريئة من نجمهم الكروي المحبوب وسارعوا إلى تقاسمها على نطاق واسع، معتبرين أن دعم نجوم الرياضة للقضية الفلسطينية، يساهم كثيرا في تسليط الضوء على حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والكشف عما يتعرض إليه من تنكيل وتقتيل وتطهير عرقي أمام أنظار العالم. ولاسيما أنه نشر ضمن تدوينته، أحد مقاطع فيديو يوثق لجنود في الجيش الإسرائيلي وهم ينكلون ويركلون جثثا لفلسطينيين قبل إسقاطها من فوق سطح عمارة عالية في بلدة قباطية بالضفة الغربية، مرفوقا بتعليق جاء فيه “لتكن الأمور واضحة، تبا لإسرائيل ولكل دولة تدعم هذا الأمر” ثم أضاف في منشور ثان “منشوري الأخير، موجه أيضا إلى حكومة بلدي (المغرب) التي تدعم الإبادة الجماعية وكل البلدان الأخرى التي تدعم ذلك.. عيب عليكم، كفى” قبل أن يتدارك الأمر ويسارع إلى حذفه.
فمن خلال هذا الاصطفاف العريض حول تضامن زياش العفوي مع الشعب الفلسطيني الشجاع، يتأكد للمشككين والمزايدين على الموقف المغربي والمتهمين المغرب بالتخاذل، أن القضية الفلسطينية تجري في عروق المغاربة مع دمائهم الزكية من صغيرهم إلى كبيرهم، نسائهم ورجالهم، لأنها تعتبر قضيتهم الأولى إلى جانب قضية الصحراء المغربية، كما سبق أن أكد العاهل المغربي في اتصال هاتفي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أطلعه من خلاله على مضمون الاتصال المباشر الذي أجراه مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بخصوص الاتفاق الثلاثي بين المغرب وأمريكا وإسرائيل، بأن موقفه “الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، وقد ورثه عن والده المغفور له الملك الحسن الثاني”
إذ كيف لنجم المنتخب المغربي حكيم زياش الذي أغاظته التصرفات الهمجية للجيش الإسرائيلي، أن يستمر في التزام الصمت أمام المجازر الصهيونية، وألا يدعو من أعماق قلبه إلى دعم القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني في معركته المقدسة ضد العدو الصهيوني المتوحش، وهو يرى أن قائد بلاده ورئيس لجنة القدس الملك محمد السادس يشدد على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة”؟
وفي الوقت الذي اعتبر فيه المؤيدون لمنشور زياش أنه يندرج في إطار حرية الرأي والتعبير، سارع المعارضون إلى انتقاده بشدة وخاصة عندما قال بأن حكومة بلاده هي الأخرى معنية بمؤاخذته للدول التي تدعم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من طرف القوات الصهيونية، حيث هناك من رأى في ردة فعله هذه تجاه الحرب القذرة على الفلسطينيين مجرد انفعال عاطفي، خاصة أنه يفتقر إلى تكوين أكاديمي، يساعده في استيعاب طبيعة التحديات التي يخوضها المغرب في إدارة سياسته الخارجية، وأنه كان من الأجدى له احترام اختيارات بلاده الاستراتيجية، وعدم إتاحة الفرصة للإعلام الجزائري في الركوب على مثل هذه التدوينات واستغلالها في اتجاه الإساءة إلى المغرب، كما استغل أحداث الفنيدق حول الهجرة الجماعية غير النظامية وما إلى ذلك من وقائع يجعل منها مادة إعلامية في مهاجمته، مهما كانت تافهة.
إننا إذ نرفع القبعة للنجم المغربي زياش على جرأته في التعبير الصريح والعلني عما يخالج صدره من مشاعر إنسانية جياشة تجاه الشعب الفلسطيني الأبي، الذي يتعرض لشتى أنواع التقتيل والتنكيل والتهجير والتجويع والإبادة الجماعية، من خلال الاجتياح العسكري الهمجي للجيش الإسرائيلي المجرم، ندعوه إلى ضرورة التحلي بمزيد من الصبر وضبط النفس، تفاديا لكل ما من شأنه أن يضعه في مواقف حرجة وغير محسوبة العواقب، مادام هناك سبل ووسائل أخرى لدعم القضية الفلسطينية، ومناصرة الشعب العربي المسلم في تحرير أراضيه المغتصبة.