صحة وجمالفي الواجهةمجتمع

اليوم العالمي للامتناع عن التدخين

اليوم العالمي للامتناع عن التدخين

isjc

السفير 24- هبة السيد المسعودي/ صحفية متدربة

وسط الأزقة الضيقة، يقف وهو موجه رأسه للسماء، يغمض عينيه، ويخرج الدخان من فمه ولا يتوقف حتى يكمل السيجارة التي بيده والرائحة الكريهة تنبعث من ثيابه التي التصق بها دخان السيجارة، تفوح من فمه بمجرد الكلام.

تصبح علبة السجائر والقداحة “البريكة” رفيقجيوبه، أينما رحل تتواجد معه، يومه لا يمر دون استعمالهم في كل وقت وحين فهو إدمان يومي كلما ابتعد عنه مستعمله أثر فيه، فبشفتين داكنتي اللون وهالات سوداء تحت العينين يحكي سمير شاب في العشرينات بكل ندم “كنت أريد تجربته فقط لكن الان أصبحت مدمنا عليه وكلما أحاول الإقلاع لا أستطيع” إنه كالمستنقع كلما تريد الخروج منه لا تجده إلا يسحبك إلى الأعماق.

شرب فنجان قهوة عادة رجولية متداول عليها، فور الدخول لأقرب مقهى، كم هائل من الدخان بكل مكان، كأنه مكان أخمدت نار فيه منذ لحظات، ولم يبقى سوى دخان منبعث، وسط كل مائدة، منفضة سجائر ممتلئة بالرماد وبقايا السجائر، كأن المقهى ليس إلا مكان للتدخين، ولا يسمع في أرجائه إلا صوت السعال المستمر من الذين تزعجهم الرائحة أو تخنقهم كحالة السيد أحمد الذي يعاني من ضيق التنفس “أصبحت أفضل شراء القهوة من البائع المتجول أو أقوم بإعدادها في المنزل”.

يقترب وقت استراحة الغداء، البعض تملكته العصبية والتوتر ولا يكف بالنظر إلى الساعة كل دقيقة في انتظار الوقت، وعندما يحين الموعد، أول ما يقام به، التوجه لأقرب مكان يسمح بالتدخين فيه لاسترجاع راحة داخلية والتخلص من أثار التأخر عن التدخين، “إنه إحساس يصعب وصفه أفقد تركيزي وأشعر بأنني قنبلة على وشك الانفجار” يعبر أيمن عن تحولات مزاجه وهو شابك يديه ويحرك أصابعه باستمرار.

وما من آفة أكبر من طفل لا يبلغ سوى 12 سنة، جميل الهندام، يرتدي وزرته الزرقاء، وعلى ظهره حقيبته الممتلئة بالكتب الدراسية، يحمل في يده سيجارة ويدخن بطريقة يمكن القول إنها ليست أول مرة له، “لأنني أريد ذلك” هكذا كان جوابه عن سبب تدخينه، وتابع “منذ طفولتي وأنا أشاهد أبي يدخن ولطالما أردت تجربة ذلك الشعور”.

في مساء يوم ما، أمام البحر ونسيمه العليل، ومنظر غروب الشمس البانورامي، فتاة نحيفة الجسم يبدو على بشرتها وشفتيها الجفاف، ترمي بقايا سجائرها في الرمال وتأخذ مباشرة علكة بنكهة ما كي لا تفوح من فمها رائحة الدخان، “التدخين يساعدني على التخفيف من ضغوطاتي النفسية” بصوت خشن تتكلم سعاد وهي تتلعثم عن الدوافع والأسباب التي أدت بها لاعتماد التدخين كوسيلة للتخفيف بالرغم من اقتناعها بأنه ليس بحل، وتضيف “كما أنني أجد الأمر الذي أقوم به شيء مخجل لذلك أنا أدخن في السر”.

في شهر رمضان البعض منهم قد يمتنع عن الكلام الكثير، والبعض الآخر يكون على استعداد للشجار على أبسط الأشياء، “يمر اليوم والرعشة تملؤ جسمي” يعلق ياسين عن حالته ويكمل “لا أستطيع التحكم في أعصابي أو تصرفاتي ولا أستوعب الأمر حتى أدخن”، الحالة العصبية وانكماشات الجبهة، تستبدل بعد الإفطار بوجه مبتهج وبابتسامة عريضة

يشعر مصطفى بالندم الشديد لأنه سلك هذا الطريق منذ اكتشاف اصابته بمرض السرطان، لأنه اعتبر في ذلك الحين أنه لم يكن هنالك بديل آخر، وأن السجائر هي منفذه الوحيد الذي سيشعره بالسكينة والراحة في حياته بالرغم من الحالات العصيبة التي كان يعيشها، فبنبرة حزينة وتعابير وجه تظهر الالام التي يحس بها ودموع تملؤ عينيه يقول “لو علمت أنني سأتأذى هكذا لما اقتربت منها ولا نظرت إليها”.

لذلك، نجد أنمنظمة الصحة العالمية تحتفل كل سنة باليوم العالمي للامتناع عن التدخين يوم 31 ماي 2023 تحت شعار “لنزرع الغذاء وليس التبغ” وذلك بهدف تسليط الضوء على أضرار زراعة التبغ على الأرض والإنسان وللتوعية بمضار ومخاطر التدخين على المجتمع بصفة عامة وعلى الصحة الذاتية بصفة خاصة كما أن هذا الموضوع يحظى باهتمامات دولية ووطنية لما له من ضرر بالغ على البيئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى