عندما تصبح كرة القدم روح عالم لا قلب له
عندما تصبح كرة القدم روح عالم لا قلب له
السفير 24 – محمد تكناوي – مراكش
أكيد ان لكل منا انطباعاته وتصوره ومفهومه الخاص عن كرة القدم، فهي لعبة و روح وإثارة وفن وتفاعل جماعي يلاءم العقليات والاتجاهات والأجناس مهما تعددت وتباعدت، وهي الرياضة الشعبية الأكثر شهرة، إذ تطورت وتنوعت ممارساتها، واحتفظت بمكانتها في حياة الناس رغم مرور الوقت وتنوع الأماكن والثقافات، و طبعت وخلدت سيرتها في الحضارة الإنسانية المعاصرة، و عرفت باوصاف و أسماءً كثيرة، كالجلدة والساحرة والمعشوقة والمدورة والمكورة ورياضة الشطرنج الأخضر، وأسماء أخرى.
واعتبر ديفيد جولد بلات في كتابه الكرة المستديرة، التاريخ العالمي لكرة القدم أنها “ضوءاً يوفر التألق الفردي، والتحدي في قلب المسعى الجماعي”.
وقال عنها الكاتب المغربي عبد الكريم الجويطي “ كرة القدم شبيهةٌ بالأدب، هي استعارة كبرى للحياة، الشيء الوحيد في هذا العالم الذي يُمجّد المجهود، ويمكن أن يتلاعب فيه الضعيف بالقوي”.
وبالنسبة للكاتب والصحفي البيروفي -ماريو فارغاس يوسا فكرة القدم عبارة عن روايةً لها بداية، وتطورات، ولحظات من الشد العاطفي بنهايات سعيدة تارة ومأساوية تارة. النقد في كرة القدم آلة هائلة لصنع الأساطير، ينبوع دافق من اللاواقعية يغذي الشهية الخيالية لأعداد كبيرة.
في حين اعتبر الباحث الفرنسي في الإثنوغرافيا كريستيان برومبيرجي في مؤلفه الشهير ”كرة القدم، التفاهة الأكثر جدية في العالم” و الذي يعد مرجعا اساسيا بالنسبة للباحثين في مجال كرة القدم.”إن الرياضة الجدية و خاصة كرة القدم لا علاقة لها باللعب النزيه، فهي محكومة بالغيرة والكراهية والتبجح وتجاهل القواعد، والمتعة السادية المتمثلة في مشاهدة العنف، وإذلال الخصم، وبكلمات أخرى إنها الحرب من دون إطلاق الرصاص”.
وشبه برومبيرجي مباراة كرة القدم بالطقس الديني، حيث تُقام في مواعيد محددة مثل الصلاة في الأديان، ويصبح التعلق ببعض اللاعبين الكبار، يحيطهم بهالة من القداسة.
وابرز الكاتب الفرنسي أن الجلد المدور اي كرة القدم يعكس تناقض الحياة أيضا، فهي من جهة، تكرس مبادئ الديمقراطية حيث لا يُنتزع الفوز إلا بالاستحقاق والكفاءة . في حين اعتبر الكاتب الارجنتيني بورخيس ان كرة القدم شائعة لأن الغباء شائع .
و نفس المنحى اتخذه الكاتب الإنجليزي جورج أورويل الذي قال إنها رياضة ملعونة، لا يوجد بها أي روح رياضية، تحمل بذور الحقد والكراهية والتعصب، وهي أشبه بالحرب لكن دون إطلاق نار.
وذهب العديد من الكتاب الذين تناولوا تاريخ كرة القدم ان أزمة كورونا لم تكن هي السابقة الأولى التي اوقفت لعب كرة القدم على المستوى الدولي ، بل انه وعلى مر العصور حاول الكثيرون منعها وقتلها ولكن حضورها القوي حال دون إنهاء وجودها.
يتضح انه لا يمكن تعريف كرة القدم بشكل معياري دقيق، فهي رياضة من وجهة نظر الأغلبية، ولكنها أكبر من مجرد رياضة، هي الفرح والحزن والسلام والمحبة، هي السياسة والمجتمع، هي الثروة والحرية، هي في كل شيء. وهناك العديد من الأحداث والدلائل المعروفة التي تحول نطاق كرة القدم عبرها الى مصدر ترويع وفساد حقيقي وصل حد إزهاق الارواح مثلما حدث في الكثير من المناسبات الرياضية وهناك حوادث بقيت في اذهان الجميع وهزت العالم بأسره لفظاعتها وغرابة أسبابها لكن يجمع بينها قاسم مشترك واحد ألا وهو مهيجات كرة القدم.، التي أصبحت روح عالم لا قلب له، و ملاذ الهاربين من الفشل والباحثين عن أي نجاح، والارتواء من انتصارات تافهة.
و اجمالا اختم بقولة لويس خورخي بورخيس ان قيمة كرة القدم والرياضة عموما حينما تُمارس فقط، من يمارسها رياضي أما الجماهير فليسوا كذلك.