تهجير الفلسطينيين إلى سيناء : مَشروع الاحتلال مُنذُ عُقود مَضَت.. مُخطَّطٌ فاشِل لا يُمكن تحقيقُه
تهجير الفلسطينيين إلى سيناء : مَشروع الاحتلال مُنذُ عُقود مَضَت.. مُخطَّطٌ فاشِل لا يُمكن تحقيقُه
السفير 24 – بقلم: علي او عمو
قالت مصادر أمنية مصرية لقناة “القاهرة الإخبارية”، يومه الثلاثاء العاشر من اكتوبر 2023، إن القضية الفلسطينية تشهد الآن منعطفا هو الأخطر في تاريخها، مع دخول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس يومها الرابع.
وأضافت المصادر التي وصفتها القناة بـ”الرفيعة المستوى”، أن هناك “مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال الإسرائيلي القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية المحتلة من أصحاب الأرض وسكانها وإجبارهم على تركها بتخييرهم بين الموت تحت القصف أو النزوح عن أراضيهم”.
وحذَّرت المصادر من تداعيات الأزمة الراهنة “على ثوابت القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني”.
وقالت إن هناك “بعض الأطراف والقوى تخدُم مخطط الاحتلال وتمهد له مُبَرِّرات الأمر الواقع لتزكية أطروحات فاسدة تاريخياً وسياسيّاً سعى الاحتلال لطرحها على مدار الصراع العربي الإسرائيلي بتوطين أهالي غزة في سيناء”.
وكان متحدث عسكري إسرائيلي قال في وقت سابق: “ننصح الفلسطينيين الفارّين من الضربات على غزة بالتوجه إلى مصر”.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيشت، وفق ما نقلت عنه وكالة “رويترز”: “اقترح أن يحاول الفلسطينيون الخروج عبر معبر رفح”.
ويبدو أن هذا التصريح أثار قلقا في مصر التي تخشى أن تدفع إسرائيل بسكان القطاع عنوة نحو سيناء”.
و أشارت “شبكة الحرة” يوم الأربعاء 18 من اكتوبر 2023 إلى أنّ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد اعتبَر ما يحدث في قطاع غزة “مُحاولة لدفع السكان والمدنيين إلى النزوح نحو مصر”، لافتاً إلى أنه “إذا كان من الضروري نَقْل مواطني القطاع خارجَه حتى انتهاء العمليات العسكرية، فيمكن لإسرائيل نقْلَهم إلى صحراء النَّقَب”.
وقال السيسي خلال مؤتمر صحفي في القاهرة، رفقة المستشار الألماني أولاف شولتس، إن ما يحدث في غزة: “نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ اتِّفاق السلام مع إسرائيل، على أن يكون ذلك المسار استراتيجيّاً، ونَعمل على تنميته”.
وأضاف السيسي: “نقْل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، هو نقل فكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء، لتكون الأخيرة قاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وحينها يكون لها (إسرائيل) الحق في الدفاع عن نفسها، وبالتالي تقوم في إطار ردّ الفِعل بالتعامُل مع مصر، وتوجيه ضربات للأراضي المصرية”.
أُشيرُ إلى أنَّ “مشروع إسرائيل” الرّامي إلى تهجير الفلسطينيّين خارِجَ أرضهم ليس وَليد اليوم و إنّما كان منذ فترة طويلة، لقد اعتبَرت إسرائيل فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء حلاًّ للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وعلى مرِّ العقود، قدَّمت أطراف إسرائيلية سياسية وأمنية وعسكرية مشاريع لرؤساء مصر المختلفين، تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وإعادة تشكيل الوجود السكاني في المنطقة.
وكانت هذه الجهود تَستنِد إلى اعتقاد إسرائيل بأن استمرار وجود الفلسطينيين في غزة يُشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي. ومع ذلك، لم تُنفَّذ هذه المشاريع حتى الآن.
وتعود جذور خطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الفترة التي تلت نكبة 1948. في ذلك الوقت، رأى القادة الإسرائيليون أن وُجود الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية يُشكل تهديداً حقيقيّاً لِطابع الدولة اليهودية.
و تجدُر الإشارة إلى أنّ ما تقوم به إسرائيل اليوم في قطاع غزة، من قصفٍ عنيف للمباني السكنيّة للمواطنين الأبرياء بواسطة طائراتها الحربيّة، و دون سابق إنذار، مِمّا خلَّفَ الآلاف من القتلى و المُصابين من الأطفال و النساء و الشيوخ جرّاء تحطيم البيوت على رؤوس أصحابها، بالإضافةِ إلى تدمير البنية التحتية للقطاع و نَسف المُستشفيات و المدارس و المساجد و الكنائس و استهداف أطقُم الإسعاف، علاوة على إغلاق جميع المنافِذ و المعابر و منع دخول مُساعَدات إنسانيّة، من غذاء و أدوية و أطقم طبّيّة، كلّ هذه الجرائم البَشِعة التي يقترفُها الكيان الصّهيوني لَدليل قاطعٌ على أنّ الكيان يَسعى من وراء ذلك إلى تهجيرٍ قسريٍّ للفلسطينيّين من القِطاع و تحقيق أطروحتهم القديمة الجديدة الهادفة إلى تهجير سُكان غزة من بلَدهم، و ما في عِلْمِهم أنَّ المواطنين هم الحاضنة الأساسيّة لفصائل المُقاوَمة و السّنَد الرئيسي لها، فرغم ما يتعرّضون له من جرائم بشعة من قتْل و هدمٍ لبيوتهم و مساكِنهم و خلق الفزَع و الهلع في أوساطهم، رغم كلّ ذلك، فهم مُتشبِّتون بأرضهم و بِمُقاوَمَتهم الباسِلة، فلم نسمع يوْماً قطّ من أيّ مواطن فلسطينيّ أيّة إساءَة للمقاومة، بالعكس من ذلك، فهم يُقدِّرون بُطولاتها و يُمَجّدون رجالاتها الأشاوِس المَغاوِر الذين يُكبِّدون الكيان الغاشم خسائر فادحة كلّ يوم.
إنّ التفاف الشعب الفلسطينيّ حول مُقاوَمته الباسلة هو أكثر ما يُزعِج إسرائيل، لأنّ هدفَها الأساسيّ من هجماتِها الوحشيّة على الشعب الفلسطينيّ هو مُحاوَلة خلق شرخ بين المُقاوَمة الفلسطينيّة و حاضِنته الشعبيّة التي هي أساس قوته و صلابته و دَعامته الأساسيّة، و لم يُدرِك الكيان الصهيوني أن هذا الشعب الصّامِد المُرابِط على أرضه قد مرّ بأسوأ الأحوال طيلة أكثر من سبعة عُقود و لم يزِده ذلك إلّا إصراراً على الصمود و التعلُّق بأرضه، لقد تعرّض هذا الشعب الأبي، خلال هذه الفترة، لِمَجازِر و مذابِح من طرف الكيان الوحشيّ، لقد ارتكبت العصابات الصهيونية المُسلّحة خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين “العُزّل” في مختلف القُرى والمُدن.
وبحسب صحيفة، هآرتس العِبريّة فقد تمّ دفن نحو 200 فلسطيني، بعد إعدامهم في قبر جماعي يقع حاليا تحت ساحة انتظار سيارات “شاطئ دور”.
وبِحسب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (مقره بيروت)، فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الفترة بين 1937 و1948، زادت عن 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلا عن إصابة الآلاف.
وقال المركز، في إحدى إصدارته لعام 2009، إن ذروة تلك المجازر كانت خلال الفترة الممتدة بين عامي 1947 – 1948، وهي الفترة المعروفة بالنكبة.
و رغم كلّ المجازر المُتسلسِلَة التي قام بها الكيان الصّهيونيّ طيلة أكثر من سبعة عُقود ظلّ الشعب الفلسطينيّ صامِداً على أرضه مُكافحاً و مُناضلاً و مُقاوِماً للمُحتلّ الغاشم وافياً لأرواح شُهدائه الأبرار الميامين.
فَمُنذ حرب 1948 التي شنّتها إسرائيل ضدّ الفلسطينيّين و جرائم إسرائيل لم تتوقّف إلى اليوم، إلّا أنّ هذه الجرائم ضدّ الشعب الفلسطينيّ لم تثنيه عن مُقاوَمة المُحتلّ والصّمود على أرضِه، و لم تستطِع إسرائيل تهجيرَه من وَطنِه من خلالِ المَجازِر و المَذابح الشنعاء في حقّ هذا الشعب المُرابِط المُناضل الصّابِر. من الغَباء كُلّ الغباء مُحاوَلة طرد الشعب الفلسطينيّ و إجلائِه إلى بَلَدٍ آخر، فهذا الشعب المُكافِح عازِمٌ على إنهاء الاحتلال و إنشاء دولتِه المُستقِلّة على أرضِه و عاصمتها القدس الشريف، و سيُحقِّق، لا مَحالةَ، هدفَه آجلاً أم عاجِلاً، هذا حقُّه المشروع الذي لا يُمكن أن يتنازَل عنه أبداً.