– بقلم : عزيز لعويسي
صحيح نجح المدرب وحيد في الظفر بورقة التأهل إلى نهائيات مونديال قطر 2022، لكنه فشل في تشكيل لحمة منتخب وطني لانقول أنه سيلبس ثوب البطل في عرس كروي عالمي يسيطر عليه الكبار، ولكن على الأقل يعطي هذا المنتخب الانطباع الفردي والجماعي، أنه ذاهب إلى دوحة قطر من أجل المنافسة الرجولية والتحدي الشرس، لكسب ورقة المرور إلى دور ثان استعصى إدراكه منذ مونديال مكسيكو 1986، ولإعطاء صورة إيجابية تليق وقيمة وسمعة كرة القدم المغربية التي استرجعت السيادة الإفريقية بعد ظفر الأندية المغربية ولأول مرة في التاريخ الكروي المغربي، بمنافسات عصبة أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية الإفريقية.
فرحة الجماهير المغربية بانتزاع ورقة الجواز إلى مونديال قطر 2022، وازته مخاوف مشروعة، بعدما غاب الأداء والإقناع التكتيكي والتقني والجاهزية والاستعداد والشراسة والانسجام، سواء خلال مباريات الإقصائيات ماعدا المباراة الفاصلة، أو خلال منافسات كأس إفريقيا للأمم التي احتضنتها ملاعب الكاميرون قبل أشهر، وما زاد طين المخاوف بلة، هو عدم استقرار التشكيلة ، في ظل عدم صواب بعض الاختيارات، سواء تلك التي ترتبط باللاعبين، أو التي تطال الجوانب التكتيكية للناخب الوطني، الذي عمق بؤرة الخلاف والجدل، سواء باختياراته أو بخرجاته غير المقبولة، أو بالأداء العام للمنتخب الوطني على بعد مسافات قصيرة من مونديال قطر 2022.
هزيمة أسود الأطلس المرة أمام المنتخب الأمريكي بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، لم تحرك فقط مياه الجدل والانتقاد الحاد، بل ووسعت مساحات القلق والمخاوف حول قدرة الأسود على البلاء الحسن في ملاعب قطر، في ظل مهرجان كروي عالمي لا مكان فيه إلا للأقوياء والجاهزين والمستعدين والمثابرين.
الهزيمة القاسية أمام المنتخب الأمريكي، وإن كانت حاملة لطابع “الودية”، فقد وضعتنا وجها لوجه، أمام منتخب أمريكي قوي وشرس، يتملك قدرات تقنية ومهارية، فرض إيقاعا سريعا، أبان ليس فقط عن ضعف ومحدودية الأسود، بل وجعلنا كجمهور، ندرك أن أشياء كثيرة تنقص المنتخب الوطني، يتقاطع فيها التقني بالتكتيكي والجاهزية بالاستعداد والشراسة بالتحدي، وإذا كانت نتيجة المباراة وصفها البعض بالقاسية، فنرى أنها كانت ستكون أقسى جدا، استحضارا للمحاولات الأمريكية التي تصدها لها الحارس ياسين بونو.
في هذه اللحظة، كان يفترض أن يكون المدرب قد اهتدى إلى “التشكيلة المناسبة” القادرة على كسب رهان المرور إلى الدور الثاني في عرس قطر، ومبارزة المنتخبات القوية والوازنة بجرأة وبسالة، لكن “الهوية” لازالت غائبة في ظل عدم صواب بعض الاختيارات التي لم تكرس إلا الضعف والتواضع. على أمل أن يتم استثمار الهزيمة المدلة أمام منتخب أمريكا، بما يضمن القطع مع ممارسات التردد والارتباك والمزاجية والعناد، من أجل الاهتداء إلى نخبة وطنية منسجمة ومتلاحمة، لاوجود فيها إلا للأجود والأصلح، بعيدا عن طقوس المحاباة أو الموالاة أو الانتقام، لأن حمل القميص الوطني، هو “تكليف” وليس “تشريف”، وحامله يتوجه عليه أن يكون كالجندي المرابط في الحدود، أكثر جاهزية وأكثر استعداد وأكثر تضحية ونكران للذات، ونختم بالقول، أن ما حققته وتحققه المملكة من نماء تنموي واقتصادي ومن إشعاع وبهاء دبلوماسي، لابد أن يوازيه “إشعاع كروي”، يقوي الإحساس أن “مغرب اليوم، ليس كمغرب الأمس”، وفي جميع الحالات، نأمل أن يتم تدارك الهفوات وتصحيح ما يمكن تصحيحه، من أجل الظهور في أحس وجه وأجمل حلة، في أول مونديال ستجري طقوسه في ملاعب عربية.