في الواجهةكتاب السفير

“بقى _فدارك”..”تحمي بلادك”

le patrice

* بقلم : عزيز لعويسي

لسنا مؤهلين للخوض في تفاصيل “وباء كورونا” المرعب، ولسنا مستعدين للتيهان بين أرقام حالات الإصابة وحالات الوفيات المتناسلة بشكل يومي عبر العالم، فما هو مؤكد أن المغرب كغيره من البلدان، يعيش على وقع “الجائحة العالمية” التي اجتاحت كل العالم بكباره وصغاره، بأغنيائه وبسطائه وفقرائه،  وغيرت بشكل قسري كل تقاليدنا وأنماط عيشنا، وحكمت على الكثير منا، بالبقاء والمكوث بالمنازل، ليس فقط، لحماية أنفسنا من ورم العدوى، ولكن أيضا، للإسهام الجماعي في المجهودات التي اتخذتها السلطات العمومية على المستوى الاحترازي والوقائي، بشكل يسمح بمحاصرة الفيروس والتقليل من فرص انتشاره.

هاشتاك “خليك فدارك” أو “خليك فبيتك”، هو اختبار في المواطنة، اجتيازه يفرض علينا جميعا، الالتزام بالقواعد الوقائية، والانخراط في الحملات التي انكبت عليها السلطات العمومية، والرامية إلى تحسيس الساكنة بالبقاء في المنازل وعدم الخروج إلا عند الضرورة القصوى (الشغل، التطبيب، التبضع، التسوق …)، لأننا في مرحلة حاسمة و مفصلية، بناء على تطورات الوباء عبر العالم، واستنادا إلى الارتفاع التدريجي للحالات المؤكدة على المستوى الوطني ولو بشكل ضعيف قياسا لما تشهده بعض البلدان، وفي هذا الصدد، وبالقدر ما يمكن أن نثمن المجهودات الوطنية المبذولة على جميع المستويات، في إطار السياسة الاحترازية والوقائية الرامية إلى الحد من انتشار العدوى، بالقدر ما نتحمل كمواطنين، مسؤولية التقيد بما يصدر من تعليمات وقرارات في “زمن كورونا”، بالحرص على البقاء في المنازل ما استطعنا، وعدم الخروج إلا للضرورة، لأغراض مرتبطة بالعمل أو التطبيب أو التبضع أو التسوق، وأن نكون واعين ومقدرين لحساسية هذه الظرفية الاستثنائية، حتى لا نقع في حالة بعض البلدان، التي استهانت بالفيروس في مراحله الأولى، ولم تتخذ ما يلزم من تدابير وقائية، إلى أن أحرجها الوباء وشل حركاتها.

توضيحا للرؤية، لا مناص من التأكيد أن كل خروج إلى الشارع العام بدون حاجة، وأية تجمعات بشرية بدون وقاية أو احتراز، فهي ممارسات من شأنها أن تشكل بيئة حاضنة للفيروس المرعب، تتيح أكثر من إمكانية للنقل والانتشار المجالي، بشكل قد يرفع من حالات الإصابات المؤكدة وما قد يترتب عنها من حالات وفيات محتملة، وكل حرص على البقاء في المنازل وتفادي الخروج والتجمعات الاعتباطية، هو إسهام في محاصرة الوباء، ونؤكد في هذا الصدد، أن الدولة تتحمل مسؤولياتها في المحافظة على الصحة والسلامة العامة للشعب وضمان الأمن الصحي والغذائي، والشعب بدوره، يتحمل مسؤولية الالتزام بما تقتضيه الظرفية الاستثنائية من تقيد بكل التعليمات والقرارات الصادرة في إطار حملة مكافحة فيروس كورنا المستجد.

هاشتاك “بقى فدارك”، هو أكبر من شعار أو دعاية، هو حملة مواطنة، تفرض ليس فقط، الالتزام بالبقاء في المنازل والبيوتات وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، ولكن هو ممارسة مواطنة، تفرض علينا العودة إلى “تامغربيت” التي تميزنا عن غيرنا، بالتحلي بقيم الالتزام والمواطنة الحقة والتضامن والتعاون والتعاضد ومساعدة بعضنا البعض في هذا الظرف الاستثنائي العالمي، باحترام شروط الوقاية وعدم الخروج إلا للضرورة وتفادي التجمعات والاتصال الوثيق، والابتعاد عن ممارسات الجشع أو الطمع أو الرفع من الأسعار، والانخراط في حملات التوعية والتحسيس كمواطنين ومجتمع مدني وإعلام، لدعم المجهودات الوقائية والاحترازية للسلطات الإدارية والقضائية والأمنية وغيرها، والقطع مع ممارسة ترويج الأخبار الزائفة، لما لها من تداعيات على النظام العام والأمن الصحي والغذائي.

ومن باب المواطنة والإسهام المتواضع في حملة “بقى فدارك” .. “تحمي بلادك”، أهيب بجميع المواطنات والمواطنين، بالتحلي بقيم الالتزام والمسؤولية، لأن الظرفية استثنائية، وتقتضي سلوكات وممارسات استثنائية، تتوحد في التعبئة الجماعية لحماية الوطن لمواجهة وباء كاسح، لا يميز بين البلدان ولا بين التقدم والتخلف ولا يعترف بالحدود، ولا نتمنى أن نصل إلى ما وصلت إليه بعض البلدان التي اكتوت بالفيروس المرعب، لأننا على وعي وإدراك بمحدودية طاقاتنا المادية وقدراتنا الطبية، لذلك، فلا خيار أمامنا، سوى أن نرفع من جرعات المسؤولية والتضحية والتضامن، لنحمي أنفسنا أولا ونحمي محيطنا الأسري ثانيا، ونحمي الوطن ثالثا، من آثار وتداعيات جائحة عالمية، ستنضاف إلى تاريخ الأمراض والأوبئة والمجاعات والمحن والأزمات التي طبعت تاريخ البشرية.

وهي فرصة لتثمين كل المبادرات المواطنة التي انخرطت بعفوية وتلقائية في الإسهام في الصندوق الخاص بتدبير ومكافحة وباء كورونا المستجد، من أشخاص معنويين وذاتيين، ونهيب بكافة الأثرياء والميسورين، ومن مجموع رجالات الفكر والثقافة ونجوم الفن والرياضة، رد الجميل للوطن الذي منحهم فرص البروز والتميز والنجاح، لدعم الصندوق المحدث، لأن الوباء، شل الكثير من القطاعات وحكم على شرائح واسعة من المواطنين بالعطالة عن العمل بعد التوقف الاضطراري للكثير من الأنشطة والممارسات التجارية، استجابة لقرارات السلطات الإدارية، وهو امتحان في المواطنة، بالنسبة لكل الوجوه الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية، للتعبير بالممارسة – لا بالأقوال أو الشعارات – عن حسها الوطني، ومساندة الوطن في هذا الظرف الاستثنائي بما قل أو كثر، حتى نتجاوز جميعا هذه الجائحة التي أربكت كل العالم، وفي جميع الحالات، نحن جميعا أمام امتحان صعب في المواطنة، سيسجل التاريخ حجم تضامننا وتعاضدنا ومستوى التزامنا ومسؤوليتنا، وسيسجل بالمقابل، من رسب في الامتحان، و وجه الأنظار مبكرا نحو الصندوق المحدث مطالبا بالتعويض، وبلغة المكاشفة، نقصد على سبيل المثال لا الحصر، بعض التنظيمات المهنية التابعة للتعليم والتكوين الخاص، التي أٌقدمت بتوجيه مراسلة – منسوبة لها، نشرت عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي – إلى السيد رئيس الحكومة بتاريخ 18 مارس الجاري، يطالب أصحابها باعتبار “القطاع ضمن القطاعات الهشة والمهددة بالإفلاس، والتي يجب دعمها وحمايتها”، ولن نعلق على ما لا يستحق التعليق، ولا يسعنا إلا أن نؤكد “عند الامتحان يعز المرء أو يهان”، عسى أن نكون جميعا في مستوى هذا الامتحان الاستثنائي، لما فيه خير وصلاح للبلاد والعباد، وفي هذا الظرف الحرج، ليس أمامنا سوى التحلي بقيم المسؤولية والانضباط ونكران الذات، سائلين الله عز وجل أن ينعم على هذا الوطن، بالصحة والطمأنينة والهناء ، ملتزمين سويا بهاشتاك “بقى فدارك” ..”تحمي بلادك”…

[email protected]

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى