أقلام حرة
من له مصلحة في تأجيج الصراع بين الأقليات المسلمة وباقي أفراد المجتمع الدنماركي
السفير 24 / الدنمارك -حيمري البشير
كلما أحضر خطبة الجمعة إلا وأخرج بخلاصات إما سلبية أو إيجابية .وعقدت العزم منذ مدة أن لا ألتزم الصمت ،وأن أقول وجهة نظري وأدافع عنها ،خطبة اليوم تختلف عن خطب الجمعة السابقة .كانت راقية ولو أن الخطيب لم يتناول في خطبته الرد على الشخص الذي تقدم بإعلان لمظاهرة أمام البرلمان ضد قرار السياسيين بمنع النقاب في الدنمارك.
في نظري كان على خطيب الجمعة اليوم قول وجهة نظره من الموضوع ،ولو أنه غير متابع لما جرى من جدل بين وزيرة الإندماج والرأي العام ليس فقط في الدنمارك بل في العالم ،كان ضروري أن يكون موضوع خطبة الجمعة التحدث عن الصيام في الغرب وذكر مزايا هذا الشهر العظيم في نفوس المسلمين وتأثيره الإيجابي وليس السلبي ،وتذكير الوزير بأن الصوم من العبادات التي تربط العبد بخالقه وتقوي إيمانه .حتى يكون أرحم بأخيه المسلم وبغيره .ويقنع السيدة الوزيرة انطلاقا من الثقافة الإسلامية الراقية التي يحملها ولا عيب في أن يتحدث بإسهاب عن ضرورة الإبتعاد في الخوض في كل مايثير جدلا في المجتمع الدنماركي ويؤجج الصراع بين الأقلية المسلمة والسياسيين ،القادرين على التأثير في الرأي العام الدنماركي الذي يفتقد لمعطيات كثيرة عن هذا الدين .مع كامل الأسف الداعون للمظاهرة أمام البرلمان الدنماركي ،يتجاهلون أن الذي يسيطر على الإعلام المؤثر ،هم السياسيون الذين يتحكمون في تدبير الشأن العام ،وهم الذين يقررون في كل شيئ احتراما للدستور والشرعية الديمقراطية.
ثم متى يستوعب الداعون للمظاهرة أن الغالبية المطلقة لم آلمجتمعات الإسلامية التي ننحذر منها لا تفرض النقاب ،وأن في العديد من الدول الأروبية عرفت نفس الجدل الذي نعيشه اليوم في الدنمارك وتم اتخاذ قرار المنع فيها تلى سبيل المثال لا الحصر فرنسا ،النرويج .ثم لآبد من الإشارة كذلك أن ليس في مصلحة الأقليات المسلمة في الدنمارك وغيرها من البلدان الأروبية فرض أجندتها التي تتعارض مع قوانين البلدان التي نعيش فيها.إن مادعى إليه البعض للتظاهر خطأ يزيد من عزلتهم أكثر في المجتمع الدنماركي ،وبموقفهم هذا يمنحون فرصة للأحزاب المعادية للإسلام بتشديد القوانين أكثر المضرة بواقعنا كمسلمين في الدنمارك ،وما التصريحات التي باستمرار تفاجؤنا بها وزيرة الإندماج خلال الأسبوع الماضي والسياسي هنركسن من الحزب الشعبي الدنماركي سوى دليل قاطع على واقعية تصوري للأزمة التي أصبحنا نعيشها كأقلية مسلمة في الدنمارك.
قد لايعجب موقفي المعارض للتشبث بظاهرة النقاب في الدنمارك والغائبة في غالبية الدول العربية .المغرب الذي أنحذر منه والذي جعل الإسلام الدين الأول في الدستور الذي اعترف بالكونات الأخري كذلك. وإصرارهم على الإستمرار في هذا الصراع مع الأحزاب السياسية التي لها تقريبا إجماع على منع النقاب في الدنمارك ،قد يؤزم العلاقة المتوترة أصلا بين أغلبيةوسط الأقليات المسلمة الغير المتفقة مع دعاة التشدد وبين باقي فئات المجتمع الدنماركي .إذا في نظري ليس بهذه المواقف يمكن تصحيح الصورة النمطية للإسلام في نظر غالبية الدنماركيي.
وعلينا أن نمتثل للرأي الصائب الداعي للحوار الحضاري ولقوله تعالى ۞ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46).