محاكمة القرن في المغرب
السفير 24 / الدنمارك: حيمري البشير
كنت كلما قرأت افتتاحية لتوفيق بوعشرين أحس فعلا بانتقال ديمقراطي ،وألمس في كلامه نبرة التحدي للمقدسات .التي ستقوده يوما للمحاسبة والمحاكمة .وتصورت السيناريو الذي يعيشه اليوم توفيق، وتأكدت من نظرية المؤامرة وتجدر سياسة المخزن في المجتمع المغربي.
لم يكن بوعشرين ذلك السفيه ،المجرم، بالملف الثقيل الذي نتابعه وسط هالة إعلامية وتجند جيش ٬من المحامين الذين يساندون الضحايا والذين كان بعضهم ضحايا سياسة الدولة العميقة لما قالوا وجهة نظرهم في قضايا تهم إصلاح القضاء.
التطورات التي تعرفها محاكمة بوعشرين غطت على محاكمة زعماء حراك الحسيمة ومعاناتهم في السجن، بل الموت البطيئ والتعذيب النفسي الذي يعيشونه بسبب الإعتقال الإنفرادي ،وعزلتهم عن العالم .ليسوا لوحدهم في محنتهم بل يعيش نفس الظروف والمعاناة الصحفي المهداوي الذي تحدى سلطة المخزن في كتاباته وخرجاته الإعلامية، وتم اعتقاله بتهم ثقيلة ،ليتم إسكات صوته إلى الأبد .مسلسل الإعتقالات لن يتوقف ،بل أتوقع أن تمتد يد المخزن الطويلة لوجوه أخرى .أكثر جرأة وشجاعة لفضح مايقع، المحامي زيان أراه يخطف الأضواء بكشف خيوط المؤامرة في محاكمة القرن .ويعتبر في تصريح نقلته عدة منابر .أن ماعرضته المحكمة من أشرطة جنسية لاعلاقة لبوعشرين بها .وينضاف ذلك لتصريحات إحداهن التي برأت بوعشرين من التهم وأعلنت أن لاعلاقة لها بالمحضر المنسوب إليها.
ليس زيان وحده المستهدف وإنما حتى الجامعي الذي تمرد على حزبه ،وماأخشاه أن تحاك له مؤامرة حتى هو وقد تلفق له تهمة الشدود. ثم ملاحظة لابد من الإشارة إليها هل أصبح المواطن محاصر وغير آمن من المراقبة حتى في بيته وغرفة نومه. كيف تجرأت الأجهزة لنصب كاميرات في مؤسسة إعلامية .وهل القانون المغربي يخول لها المراقبة والتضييق على الناس والحريات والمس في أعراض الناس بهذه الطريقة البشعة .وحتى وإن كان توفيق ملهم بالنساء وهذا مستبعد لأن له زوجة ولاأعتقده من الطينة التي صورته الجهات التي ركبت الكاميرات في مكتبه ونسبت الأشرطة التي قدمتها للمحكمة له.
ما ألاحظه في هذه المحاكمة ارتياح العديد من الأحزاب من هذه المحاكمة عوض التنديد بها لأن بوعشرين ارتكب خطأ بدفاعه عن سياسة الحكومة السابقة وسكوته عن المصائب والمحن التي سببتها السياسة التي نهجها أصدقاؤه في حزب العدالة والتنمية الذين انتصبوا للدفاع عنه في هذه المحاكمة.
أعتقد أن مسلسل المحاكمات والمؤامرات المستمرة في المغرب قد يعيدنا لسنوات الرصاص التي خلفت جروحا لم تندمل بعد. والمؤامرة الخطيرة التي يعيشها المغرب حاليا أحداث جامعة آكادير والتحدي الذي تمارسه عصابة البوليزاريو وسط الجامعة والذين يصرون على عرقلة الدروس والإمتحانات .دون أن تتحرك الدولة والأجهزة لضبط النظام.
ليس في مصلحة بلادنا أن تستمر مثل هذه المحاكمات ،وليس ٬من حق أي كان أن يتجاوز القوانين والحريات الشخصية التي ضمنها الدستور. وليس من مصلحة بلادنا استمرار مسلسل الإعتقالات بسبب الآراء للحد من الحريات الخاصة .لا نريد العودة إلى الوراء ،لأننا نريد الحفاظ على مصداقية الشوط الذي خطوناه في سبيل تثبيت دعائم نظام ديمقراطي وسلطة القانون.