وتحققت النبوءة في حزب العدالة والتنمية (3)
* نورالدين زاوش
جاء في كتاب “الجالية اليسارية المقيمة بحزب العدالة والتنمية” الذي نشرته سنة 2007م، الصفحة 198-199: “غيرنا طبيعة ملابسنا، وأنواع سياراتنا، وديكورات منازلنا، والمدارس التي يدرس فيها أبناؤنا الصغار، بالأموال التي نتقاضاها عن تمثيل المشروع “الإسلامي” في البرلمان، ولم نكتف بذلك، بل غيرنا أيضا طريقة كلامنا، وتسريحة شعرنا، وغيرنا أولوياتنا “الساذجة”، وأفكارنا “الثورية” التي كنا نعتقد صوابها عن “قلة” تجربة وحنكة”.
حتى وإن كانت الأفعال المذكورة في الفقرة أعلاه تبدو أنها مبنية للماضي؛ إلا أنها في الحقيقة تفيد الحاضر والمستقبل على سبيل الاستغراق، لتصدُق تنبؤات الكتاب الذي خصص له الإعلامي اللامع “مصطفى العلوي” صفحة كاملة على جريدته “الأسبوع الصحافي”، وقال عنه بأنه كتاب يشبه القنبلة على أساس أن مؤلِّفَه كاتبٌ إقليمي سابق لحزب العدالة؛ وبالتالي فهو محيط بخبايا الأمور.
رغم أن السيد بنكيران خطب في أصحابه أمام الكاميرات قائلا: “جينا باش نْحَلُّو شوية المشاكل ديالنا، وتْحَسَّن أحوالنا المادية ما فيها باس”؛ إلا أن الكثيرين لم يعيروا الأمر ما يستحقه من عناية، من كثرة ما يخلط الزعيم الجد بالهزل والحقيقة بالوهم، ومن كثرة ما يلبس الحق ثوب الباطل.
هكذا رفع الزعيم الأممي عن وزرائه وبرلمانييه وعمدائه حرج حل مشاكلهم وتحسن أحوالهم المادية؛ إلا أنه اشترط في ذلك أن يكون التحسن “شوية” ولا يزيد عنه؛ مخلفا بذلك مجموعة من علامات الاستفهام التي تستوجب الاستفسار والتوضيح:
- إن الشرع الحنيف الذي يدّعي أصحاب “المشروع الإسلامي” اتباعه لا يقبل أنصاف الحلول؛ فإما أن يكون تحسن الأحوال المادية بتمثيل الشعب جائزا؛ وبالتالي لا يتقيد بشرط القلة، وإما أن يكون غير جائز، قياسا على “ما أسكر قليله فكثيره حرام”.
- ليس هناك مقياس ثابت لقياس “شوية” التي ركز عليها السيد بنكيران، حتى يكون الشرط واضحا من الناحية العملية، بل إن مقدار “شوية” يختلف من شخص لآخر حسب الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها، ف”شوية” عند فخامة الوزراء مثلا، هي شيء كثير جدا ومبالغ فيه بالنسبة للعامة، في هذا الإطار اقتنى الوزير الأعجوبة “أمكراز” فيلا فخمة بمحاذاة شاطئ الهرهورة، واقتنى الوزير “نجيب بوليف” عقارا مساحته 380م، واقتنى الوزير مصطفى الخلفي فيلا ب600 مليون، وتضم مسبحا وحماما “بلْديا” واللائحة تطول.
- إن خدعة الأيادي البيضاء، التي يحق لأصحابها أن يتمتعوا بزينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق، لم تعد تنطوي على أحد، خصوصا بعد انفجار قنبلة مصطفى الرميد، وزير العدل سابقا، ووزير حقوق الإنسان حاليا، ووزير التشغيل “أمكراز”، اللذان أكلا مال موظفيهما، واغتصبا حقوقهم سنوات طويلة.
لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أحيي عاليا السيد عبد الإلاه بنكيران، الذي بالكاد أصلح “الصالون والكوزينة وبيت النعاس”، كما أغبطه، وربما أحسده، على تواضعه حيث إنه اكتفى بالسكن ببيته المكتوب باسم زوجته المصون “لالة نبيلة” في حي الليمون، ولم ينتقل إلى السكن في مقر رئيس الحكومة مثلما يفعل الآخرون؛ وبارك الله له في عشرات الملايين التي كان يتقاضاها جراء عدوله عن تغيير سكنه.