في الواجهةكتاب السفير

اكتشاف المصلحة العامة كجثة هامدة بعد تصفية كائنات التسلط الانتهازي بالعمادة السابقة بكلية الحقوق بالمحمدية (الجزء الرابع)

le patrice

* بقلم: د. المصطفى ساجد

فرغم ما كان يتوصل به من شكايات كتابية وشفوية من فاعلين جامعيين ومن أساتذة وموظفين و طلبة وما تم نشره في المنابر الصحفية، فوزير حقوق الإنسان له موقف آخر باختياره الاصطفاف بجانب “الجلادين الجامعيين” الذين يخرقون أبسط حقوق الإنسان و نهج اللامبالاة اتجاه طبيعة التدبير والاعتداء بالمؤسسة باعتياده على تمرير خطاباته بقاعة تمنع على فاعلين بالمؤسسة وتفتح – عبر زبونية القاعة – لنماذج التلميع والترويج السياسوي، ضدا على حقوق ومكانة الفاعل الجامعي المعني بتجهيزات ومرافق المؤسسة. 

وفي هذا الصدد لا بد من الوقوف عند الزوبعة التي خلفها تدخل وزير حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان خلال الندوة المنعقدة برحاب كلية الحقوق بالمحمدية يوم الأربعاء 19 فبراير 2020 على الساعة العاشرة صباحا، والذي جاء فيه على لسان السيد الوزير أنه في ظل غياب قوانين رادعة وتشريعات وآليات لتجريم نهب المال العام، “لي كال بصحتو”. والذي آثار استغراب و ردود أفعال قوية لدى المتتبعين وعبر جميع وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، بحيث في الوقت الذي كان من المفروض فيه إعمال القانون حماية للمال العام، يفاجأ الرأي العام بهذه الخرجة الخطيرة والتصريحات المستفزة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين المغاربة، خاصة وأنها صدرت من طرف وزير له كامل الصلاحيات كباقي أعضاء الحكومة لدعم الترسانة القانونية عن طريق التشريع و وضع آليات صارمة كفيلة تحد من الإجرام وتربط المسؤولية بالمحاسبة، على اعتبار أن هذا الشعار ظلت ترفعه حكومته كيافطة سياسية فارغة الدلالة.

وهي الحكومة التي كان عليها، بناء على تبجحها ببرنامجها الحكومي، أن تحارب سياسة “لي كال بصحتو” التي كانت ديدن الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال في إطار تكثيف الولاءات والجزاءات والامتيازات للخدام الأوفياء ولتأثيت المشهد السياسي والإداري على المقاس.    

فإذا كان طاقم العمادة السابقة يسعى من خلال دعواته لنماذج حكومية حزبية الي تسويق “المنتوج الجامعي” والى تلميع صورته، فالوزراء والنماذج الحزبية تهدف الى تمرير خطاباتها السياسوية والى توسع تغلغلها بالمؤسسات الجامعية، والمراهنة على هذه المؤسسات العمومية كخزان طلابي قابل للاستقطاب وكقلعة للتجذر في إطار تكثيف دور المنظمات الموازية للأحزاب التي تسعى الى التأثير على الاستحقاقات الانتخابية، و إلى تحسين تموقعها بالمشهد السياسي وفرض قوتها للمساومة في محطات اقتسام وتوزيع الغنيمة.

وفي صدد الشراسة والتهجم الخسيس لمنع الأساتذة الباحثين من أداء مهامهم، يجب الإشارة الى ما تعرض له بعض الفاعلين من تضييقات وتعسفات لا مثيل لها بجميع الجامعات بسائر المعمور، والتي لها عواقب وخيمة على جميع الفاعلين، من أساتذة وطلبة، وذلك من خلال تعليمات الطاقم الإداري بعدم فتح المدرجات والقاعات وعرقلة بعض الأساتذة لولوجها، رغم علم الطلبة ببرمجة الدروس والأعمال التوجيهية الموثقة باستعمالات الزمن أو بالحصص الاستدراكية.

فقد حررت شكايات في صدد عرقلة القيام بالمهام المنوطة بالفاعل الجامعي للتنديد بممارسات دنيئة ولمحاسبة مرتكبيها والمحرضين على ذلك عبر تعليماتهم. 

وبخصوص المستوى المالي ففي حالة عدم ممارسة مجلس المؤسسة وتقاعسه على لعب دوره و أداء مهامه المنصوص عليها في القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي، فيفتح الباب على مصراعيه أمام رئيس المؤسسة والذي يصبح هو الآمر بالصرف، هو المتحكم الفعلي في تدبير الشؤون المالية، و العبث بها في خانات تندرج ضمن نظام الامتيازات كالنفخ في الساعات الإضافية لطاقمه و للمقربين منه، وتعويضات التنقل الوهمية، وكذا التعويض عن أسفار سياحية أكثر ما هي علمية…

فالتجاوزات المالية للعمادة السابقة تتجلى كذلك في احتكار مهمة تدبير التكوين المستمر وما ينجم عن ذلك من استغلال لهذه الموارد باعتبارها ” وزيعة قابلة للاقتسام والنهب” فهذا الاستفراد بالتدبير المالي لموارد التكوين المستمر يعتبر خرقا سافرا للنظام الداخلي للتكوين المستمر المعتمد من طرف مجلس الجامعة، بحيث أن مقتضيات هذا النظام تنص في بنوده على أن التدبير المالي والبيداغوجي لهذا النوع من التكوين هو من اختصاص “نواة التكوين المستمر” المنبثقة عن مجلس المؤسسة والتي تعمل بصفة مباشرة مع المركز الجامعي للتكوين المستمر برئاسة الجامعة.

مسؤولية تدبير الشأن المالي تميزت بالاحتكار التام من طرف العمادة السابقة، خاصة وأن أعضاء مجلس المؤسسة، ذوي الاختصاص التقريري، قبلوا بالتهميش وباركوا إقصاءهم بترك المسؤول، من زاول مهمة عميد وعميد بالنيابة، يتصرف في الميزانية (الإعانة) المرصودة و في موارد التكوين المستمر كما لو أن المؤسسة ليست بمرفق عمومي يخضع، حسب النص الدستوري، لآليات المراقبة والشفافية لحماية المال العام. 

فهاجس تدقيق طرق صرف الميزانية، وموارد التكوين المستمر، يظل مغيبا تماما وأن الفاعلين بالمؤسسة لا علم لهم بأدنى المعلومات في هذا المجال، ولا يتوصلون بمحاضر مجلس الكلية وبجميع المعلومات التي تهم الفاعلين على المستوى العلمي والبيداغوجي والمالي، وأن التعتيم على المعلومة وحصارها، داخل فئة قليلة من الموالين والمقربين، هي سلوكيات تضرب الحق في المعلومة و تخدم الأغراض الضيقة وأهداف السطو على المهام والموارد في إطار قبضة حديدية على “الكلية الضحية” أو “الكلية الحلوبة” والتي دبرت أمورها بدون حسيب ولا رقيب.

يتبع..

أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية *

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى