الموت يغيب قيدوم الصحفيين” مصطفى العلوي” عن الأنظار .. والمشهد الإعلامي يستمر في الاندحار
* ذ. طارق شهير
داهم الموت قيدوم الصحفيين “مصطفى العلوي” –صباح يوم السبت المنصرم- قبل أن يتم “حقيقته الضائعة” ؛العمود الصحفي الذي اشتهر به منذ تأسيسه لجريدة الأسبوع والذي شرع في نشر حلقته الأولى اختار لها هذه المرة – في عدد 1055 الخميس الماضي- إشكالية التصالح بين النظام المغربي والريف، معتبرا أن لا وجود للاستقرار إلا باعتبار الريف جزء مكملا للمغرب في إطار ما اتفق عليه المرحومان الملك الحسن الثاني وعبد الكريم الخطابي.
وأزمة الريف هذه، التي ظلت تشغل بال مؤسس “الأسبوع الصحفي” حتى أيامه الأخيرة –وإن لم تكن السبب الوحيد في تدني المشهد الإعلامي على مستوى التصنيف العالمي لحرية الصحافة- فإنه السبب الرئيس الذي لا يزال يلقي بظلاله على مجال حقوق وحريات الصحفيين؛ فإذا كان الصحفي حميد المهداوي قد أدين بثلاث سنوات سجنا نافذة – في السنة الفارطة- على خلفية احتجاجات الحسيمة ، فإن متابعة الصحفي “عمر الراضي” يومه الخميس 26 دجنبر – من طرف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتهمة إهانة القضاء نتيجة تغريدة نشرها منذ أشهر على موقع “التويتر” حول أحكام الريف -تعيد علاقة الصحافة بحرية التعبير إلى الواجهة، مما أثار حفيظة المنظمات الحقوقية ولجنة دعم معتقلي الريف التي طالبت بإطلاق سراحه الفوري، فضلا عن موقف النقابة الوطنية التي اعتبرت بدورها أن متابعة “عمر الراضي” بالقانون الجنائي أمر غير مقبول.
غير أن احتلال المغرب المرتبة 135 من أصل 180 دولة حسب التقرير الأخير ل”مراسلون بلا حدود” الناجم عن تضييق الخناق على الصحفيين لم يكن ناتجا عن قضية الريف فحسب، بل ساهم في بلورته أيضا الحكم الذي صدر في حق الصحفيين: عبد الإله سخير، وكوثر زكي، ومحمد أحداد، عبد الحق بلشكر من طرف محكمة الاستئناف بالرباط والقاضي بتأييد الحكم الإبتدائي ب 6 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم في قضية “لجنة تقصي الحقائق بخصوص صناديق التقاعد”. وهو حكم قابلته النقابة الوطنية -مرة أخرى- بالاستهجان والاستغراب والدعوة إلى الاحتجاج بحمل الشارة الحمراء؛ وهي النقابة التي شارك في تأسيسها صاحب كتاب “الأغلبية الصامتة” (القيدوم مصطفى العلوي) سنة 1963 ؛حيث انتخب حينها أمينا للمال وكان يمني النفس بخلق كيان حقوقي للدفاع عن حرية الصحافة.
يحدث هذا على مرأى ومسمع من المجلس الوطني للصحافة المغربية الذي يعتبر ورشا عميقا من أوراش المملكة المغربية ،والذي يرتكز على التأطير والتنظيم لمهنة الصحافة مع الإسهام في توفير مناخ لاحترام حرية الإعلاميين، إذ يقر رئيسه “يونس مجاهد” -بمناسبة افتتاحه يوم 26 يوليوز 2019 – أن المجلس الوطني خوله القانون صلاحيات كانت في يد السلطات العمومية، مما يجعله أمام اختبار صعب نتيجة حياده السلبي إزاء متابعات الصحفيين، خاصة بعد دخول قانون 31.13 – المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة -حيز التنفيذ منذ 12 مارس 2019 والذي تضمن جملة من المواد المكرسة لحق الصحفيين في الحصول على المعلومة وضمان حماية مصادرها.
تجدر الإشارة أن تونس احتلت المرتبة الأولى عربيا في مؤشر حرية الصحافة حسب تقرير “مراسلون بلا حدود” لسنة 2019 في الرتبة 72عالميا فيما تقدمت مجموعة من الدول العربية على المغرب صاحب رتبة 135 وهي: موريطانيا 94، لبنان 101، الكويت 108، قطر 128، الأردن 130، عمان 132، الإمارات 133.
معطيات رقمية مهمة تم الاختلاف حولها فهي تعكس حجم التحديات التي ستواجه المغرب في السنوات المقبلة في مجال الصحافة سواء على مستوى المنابر الإعلامية من حيث مصداقيتها في نقل الخبر ، أو على مستوى المؤسسات الإدارية والقضائية انطلاقا من توخي الحياد والموضوعية أثناء تعاملها مع السلطة الرابعة.