في الواجهةمجتمع

طنجة.. مطعم عشوائي وسط الطريق العام بـ “بنديبان” – صور

le patrice

السفير 24 – متابعة

من المظاهر السلبية والمشينة التي باتت تؤثث فضاءات عاصمة البوغاز العامة، والتي تكتسي طابع العشوائية والفوضوية،​ ولم تستطع معها الدولة وأجهزتها التصدي لها، هي ظاهرة الاحتلال السافر للملك العمومي بمختلف الشوارع والاحياء السكنية.

فمجرد القيام بجولة قصيرة في ربوع مدينة طنجة، خاصة بشارع أفغانستان بحي بنديبان، بمقاطعة بني مكادة، يتضح وبالملموس مدى فداحة الأمر وخطورته على الصحة العامة للساكنة والبيئة المحلية التي أصبحت في ظل تكريس هذا الواقع، مهددة بسبب تواطئ الفاسدين ممن يدورون في فلك السلطة المحلية والمنتخبة بالمنطقة، وذلك بالسماح لإقامة مطعم عشوائي وربطه بالانارة بشكل خطير خارج المراقبة الادارية والصحية، وسط الفضاء العام الملحق بشارع أفغانستان.

صحيح أن المسؤولية الكبرى​ ​تتحملها هنا​ ​المقاطعة المختصة ومصالح الصحة البلدية، لكن تكريس هذا الواقع​ ​البشع​ يمر دون شك​ الا عبر قنوات السلطة المحلية من جهة، والسلطة المكلفة بحماية القانون من جهة ثانية، إذ تختلف طرق التدخل والكيفية التي يتم بها، ومنها أساسا تواطؤ المسؤولين وبعض أعوان السلطة​ (مقدمين/شيوخ)، مع ذوي النفوذ والمال​ إما بسبب الرشوة، أو لأغراض انتخابوية صرفة، غالبا ما تتم عن طريق​ ​​ تراخيص تمرر تحت ذريعة الاستغلال المؤقت للملك العام، وترخيصات أخرى​ ​مشبوهة​ لذوي القربى ولبعض المستشارين من باب جبر الخواطر…فيما هناك ترخيصات مريبة أخرى تسمح بها السلطات وتغض عليها الطرف​ ​​ لأغراض لا تعلم بخفاياها إلا هي، والراسخون في عمليات السمسرة.

هذا، ومازلنا نرى بالعين المجردة فضاءات عامة محتلة يحرم الراجلون فيها من حقهم في الرصيف، حتى أن سكان المدينة​ ​​ لا يسيرون إلا وسط الطرق​​ فوق الزفت،​ ​لأنه لم يبق لديهم ممر خاص بهم، ما ينشأ عنه تشويه للطريق وتلويث للبيئة وعرقلة لحركة السير والجولان،​ ​​ كما هو الحال على سبيل الذكر لا الحصر، ما يحدث الآن بسبب التواطئ بشارع أفغانستان بحي بنديبان،​ التابع لنفوذ الملحقة الإدارية 22، التابعة للدائرة الحضرية مرس الخير، بمقاطعة بني مكادة، بطنجة، الخارجة عن التغطية، والتي تحولت ممرات الراجلين الآمنة فيها إلى مشاريع تجارية ومطاعم عشوائية مشبوهة وغير آمنة على امتداد الطريق المذكور، حولت حياة ساكنة المنطقة ومستعملي الطريق إلى جحيم يومي حقيقي لا يطاق​ ​بعيدا عن عيون السلطة المحلية المختصة، حسب تصريحات بعضهم للجريدة.

ويعتبر المتتبعون للشأن العام المحلي، أن​​ عدم التقيد بالقوانين وتنفيذها على أرض الواقع يعد من الأعطاب الرئيسية التي تعرقل مواصلة مسلسل الإصلاحات الدستورية المنشودة في إطار التنمية المستدامة والحكامة الجيدة​ ​بالمغرب، وتقوض وتنسف أهداف المشروع التنموي طنجة الكبرى الذي أنجز بدعم من أعلى سلطة في البلاد، وكلف الدولة ميزانية ضخمة فاقت 7.633 مليار درهم.

إن بقاء السلطات الإدارية والمحلية المعنية​ ​في موقف المتفرج، إزاء ظواهر وتجاوزات متعددة، يؤثرا سلبا على نفسية المغاربة، بل يزرع ويغذي روح التشكيك لديهم، إذ تعتبر مسألة الاحتلال العشوائي للملك العمومي إذن هي واحدة من هذه المظاهر التي تؤرق نوم المواطنين، وتسائل ضمير من أسندت لهم مسؤولية السهر على سلامة تطبيق القوانين.

ففي مناسبات كثيرة، وعلى امتداد مدن ومناطق الوطن، تابع المواطنون حملات ضد احتلال الملك العمومي، قادتها السلطات المختصة، بيد أن الوقائع أكدت أن هذه الحملات لم تخرج عن كونها موسمية ظرفية صرفة،​ ​فضلا عن كونها وسيلة كذلك​ ​لدر الرماد​ في عيون المحتجين والمستاءين من تفشي ظاهرة هذا الاحتلال الغير المبرر للملك العام، إضافة إلى​ ​ما يصاحبها من استثناءات واضحة لبعض الاحتلالات الفاحشة والتغاضي عن أصحابها، ما يشكل امتيازا فوق القانون، وهو ما يضرب في العمق المصداقية والنزاهة في العملية برمتها، وكذا مجموعة من النصوص القانونية أهمها ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق باستغلال الأملاك العمومية، وظهير 19 أكتوبر 1921 المتعلق بتنظيم كيفية تدبير الأملاك البلدية وظهير 14 نونبر 1949، الذي جاء لتتميم مقتضيات ظهير 1918 لتنظيم بعض أنواع الرخص المتعلقة باحتلال الملك العمومي.

​ ففي كل مرة نسمع تكرار طرح السؤال التالي : لمصلحة من يدوسون على منظومة القوانين المتعلقة بحماية الملك العام؟ وما الجدوى من وضع قوانين لا تحترم على أرض الواقع؟…لقد سبق للمجلس الأعلى للحسابات، في تقاريره الأخيرة أن نبه لتداعيات هذا الأمر، وفي سياق مهامه الرقابية، التي أجراها خلال​ ​سنة 2008، مثلا، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات تهاون السلطات المعنية في حماية الملك العمومي من الاحتلال غير المرخص في أكثر من عمالة وإقليم​،​ وقد جاء في التقرير المذكور، أن استغلال الملك العمومي الجماعي يعرف عدة نقائص، كضعف المراقبة الداخلية والتتبع والتنسيق بين جميع المصالح المعنية.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى