مباراة الترجي | الوداد : قليلا من الجنون كثيرا من التعقل !
* الصادق بنعلال
1 – ما من شك في أن المقابلة التي جرت بين الوداد المغربي و الترجي التونسي برسم ذهاب نهائي عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم صاحبتها حيثيات غير رياضية بالغة الخطورة ، خدشت بشكل جلي صورة الكرة الإفريقية ، وأثرت سلبا على المنجز الرياضي للقارة السمراء ، بسبب القرارات الانفعالية الخاطئة التي صدرت عن الحكم المصري لهذا اللقاء السيد جهاد جريشة ، أقلها حرمان النادي المضيف الوداد من هدف التعادل المشروع في الأنفاس الأخيرة من الشوط الأول ، رغم اعتماده على تقنية حكم الفيديو المساعد “الفار”VAR)) ، و الورقة الصفراء التي رفعت في وجه مدافع الوداد أشرف داري خارج النص ! ربما لأن هذا الحكم ” الدولي ” أراد أن يثبت لأفريقيا و العالم قوة ” شخصيته ” ، و قدرته التي لا تقهر على تنفيذ قراراته ضد الوداد ، بملعبه و أمام أمواج غفيرة من جماهيره ، و الحال أن رزانة أي حكم في التظاهرات الرياضية ، و رجاحة ذهنه تكمن بالدرجة الأولى في ضبط النفس مهما اشتعلت الأجواء ، و حمي وطيس ” الموقعة ” ، و التعامل بأعصاب هادئة مع مجريات أطوار الحوار الرياضي بالاستناد إلى القوانين التحكيمية الدولية ، بحياد و موضوعية خدمة للأهداف النبيلة للتباري الرياضي الرفيع ، فالتنافس الكروي بالتحديد يجب أن يخضع لقيم العدل و المساواة و تكافئ الفرص ، و ليفز في النهاية من كان الأفضل على رقعة الملعب ، فنحن أمام ممارسة رياضية ممتعة تخلُصُ إلى منتصر و منهزم ، و لسنا أمام معركة عسكرية تستخدم فيها أسلحة الدمار !
2 – و لئن كنا نتفهم تطرف بعض الأفراد من جماهير الترجي و الوداد ، و ميلها العاطفي حول العنف اللغوي و تبادل الرسائل غير الودية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، فإننا نستغرب و إلى أبعد الحدود من مسولين محسوبين على مجال الإعلام التونسي ، أقاموا الدنيا و لم يقعدوها و خاضوا في غمار الحرب النفسية و التجييش الوجداني ، و التحريض المخيف ضد جماهير الوداد المغربي التي ستحج إلى الديار التونسية لمساندة ناديها الأحمر ، مما قد يؤدي إلى صدامات و صراعات غير محسوبة العواقب ، بل ربما قد تفضي إلى تشنجات غير متحكم فيها تتجاوز المحيط الرياضي إلى مجالات أخرى بالغة الحساسية . إن الإعلام الرياضي يجب أن يظل بعيدا عن النزوات الضيقة ، و المسلكيات الصبيانية المقامرة بالمصالح الاستراتيجية المشتركة بين الدول ، و الاكتفاء بتنوير الرأي العام بالخبر المنقول عن المصادر الرسمية ، و التحليل الرياضي الهادئ الملتزم بالعقلانية و الموضوعية ، و نشر ثقافة المحبة و الإخاء ، كما نرى ذلك في جل الدول الغربية المؤمنة بقيم التسامح و قبول الآخر و الاعتراف بالهزيمة مهما كانت مرة ، فكم من لقاءات رياضية بسيطة كادت تفضي إلى مواجهات عصيبة بين الدول الشقيقة و الصديقة ، فقليلا من الحمق و الاستهتار ، و كثيرا من الروية و رباطة الجأش !
3 – إن مقابلة الإياب بملعب رادس بتونس ، لن تخرج عن كونها مقابلة رياضية في كرة القدم ، ستنتهي كمثيلاتها من المباريات القارية و العالمية بانتصار فريق و هزيمة فريق آخر ، و معلوم أن الوداد و الترجي من بين أهم الأندية الكروية الإفريقية ، و حوارهما الفني سوف تتحكم فيه جزئيات منتهية في الصغر ، فمن كان حاضر الذهن مركز الانتباه ، صارما في فرض أسلوبه الخاص ، منضبطا في بناء العمليات نحو مرمى الخصم .. سيتوج بطلا . نطمح كمغاربة إلى أن يكون الانتصار من نصيب وداد الأمة ، و لكننا لن نخرج عن وعينا إطلاقا إذا فاز الترجي التونسي ، شريطة أن يكون ذلك طبقا لأبجديات الرياضة السليمة من أي انزلاق أو استهداف غير أخلاقي ، لفريق على حساب فريق آخر .