السعودية بين إباحة ” الترفيه ” و حظر الديمقراطية !
الصادق بنعلال
2 – تطلعنا أدبيات الفكر السياسي العالمي أن أي تغيير فعال في مجتمع ما ، يستدعي حزمة من المحددات السياسية و الفلسفية و المجتمعية ذات الصلة بمأسسة الدول، و عقلنة تمفصلاتها المتشابكة لعل أقلها مفهوم الدولة ذاته ، فالدولة في عرف الوعي الحداثي الراهن نظام سياسي مدني يستند إلى نسق من الآليات و الميكانيزمات الديمقراطية المخصوصة، و ينتصر لفكر الأنوار، و ينزع لتحيين المشترك البشري الداعم لقيم المواطنة و حقوق الإنسان، فضلا عن بلورة هيئات أهلية و سياسية فاعلة من قبيل الجمعيات و المنظمات و النقابات و الأحزاب الوطنية المستقلة، المتنافسة على السلطة في استحقاقات جماعية و برلمانية دورية ، تجري في مناخ من الحرية و الشفافية، و الفصل بين السلطات و استقلال القضاء و الإعلام ، لنضمن للمواطن حقه في العيش الكريم و الازدهار المنشود و جني ثمار ( الترفيه و الديمقراطية ).
3 – و اعتبارا للوضع الجيوستراتيجي للمملكة السعودية ، و انطلاقا من مكانتها الدينية و المالية، يمكن أن تصبح دولة عربية إسلامية عظمى تنافس ( دون منازع ) الأقطاب الإقليمية المفصلية : إيران و تركيا و إسرائيل، لكن منطق التاريخ يخبرنا أن النهضة التنموية الشاملة تستدعي سننا شبه رياضية، و هي على كل حال غائبة كليا في بلاد الحرمين الشريفين، لن يقوم أي إقلاع حضاري جدير بهذا التوصيف عبر الصفقات التجارية بين الأفراد و الأقطار شرقية كانت أو غربية، لن تصبح السعودية عضوا في نادي الدول العزيزة إلا عبر قبول انتهاج مسلك الديمقراطية، و العض بالنواجذ على قيم العدل و الحرية و العدالة و المساواة .. لا بل و ربط المسؤولية بالمحاسبة، و القطع مع سياسية تبذير مال الشعب دون رقيب ، لن تقوى السعودية على مقارعة جيرانها العرب و ” العجم ” و هي تلاحق المدافعين عن حقوق الإنسان و تغتال الإعلاميين الأحرار، و تملأ الزنازين بأصحاب الرأي الأخر .. و في غياب الديمقراطية المتعارف عليها كونيا سيظل الترفيه السعودي رقصا في السلاسل الذهبية !