في الواجهةمجتمع

تحرك يا وزير الصحة.. مستشفيات الدار البيضاء تحتاج إلى العلاج

تحرك يا وزير الصحة.. مستشفيات الدار البيضاء تحتاج إلى العلاج

le patrice

السفير 24

تعيش المستشفيات العمومية بمدينة الدار البيضاء أوضاعاً مزرية تعكس أزمة عميقة في المنظومة الصحية الوطنية، إذ يجد المواطن البسيط نفسه أمام معاناة يومية تبدأ من أبواب المستشفى ولا تنتهي إلا بخروج محبط أو في بعض الحالات مأساوي.

فالمريض الذي يلج هذه المؤسسات يصطدم منذ الوهلة الأولى باكتظاظ شديد وغياب التنظيم، حيث الانتظار لساعات طويلة في ممرات ضيقة، وأحياناً على الأرض، ومرافق تفتقر إلى أدنى شروط الاستقبال الإنساني ونظافة البيئة الطبية.

ليلى بنعلي المسيرة الخضراء

أحد أبرز المظاهر التي تزيد من معاناة المرضى هو طول المواعيد الطبية التي قد تصل في بعض التخصصات إلى سنتين كاملة من أجل إجراء فحص لا يتجاوز ربع ساعة. هذا التأجيل غير المبرر لا يمثل فقط عائقاً إدارياً، بل يشكل تهديداً مباشراً لحياة العديد من المرضى، خصوصاً من يعانون أمراضاً مزمنة أو أوراماً سرطانية تتطلب تشخيصاً عاجلاً.

وتتعمق الأزمة أكثر مع غياب الشفافية وانتشار ممارسات مشبوهة داخل بعض المستشفيات، حيث يشكو المواطنون من ظاهرة “باك صاحبي” التي تمنح امتيازات للبعض على حساب الغالبية، فضلاً عن حالات ابتزاز مالي وفرض شراء مستلزمات طبية من محلات محددة مرتبطة بأطر طبية. كما تم تسجيل محاولات لتوجيه المرضى نحو مصحات خاصة من قبل بعض الأطباء داخل المؤسسات العمومية، ورفض استقبال بعض الحالات الطارئة في الأقسام التي تعاني اكتظاظاً شديداً.

ومن بين هذه المستشفيات نجد مستشفى ابن رشد، الذي تحول إلى بؤرة لهذه الخروقات، حيث تؤكد بعض المصادر أنه يُطلب من المرضى دفع مبالغ مالية مقابل سرير أو فحص طارئ، ويواجه البعض تأخيرات فادحة في الفحوصات الأساسية، بالإضافة إلى نقص حاد في الأطباء المتخصصين الممرضين. كما لوحظ وجود ضعف في الرقابة على النظافة الطبية، مع تراكم النفايات في بعض الأجنحة، ما يزيد من خطورة العدوى.

أما مستشفى مولاي يوسف، فيسجل نقصاً خطيراً في الأسرة وأجهزة النقل الطبي، وغياب كلي أحياناً للمواد الضرورية للأقسام الحرجة، مما يدفع المرضى إلى الانتظار على الأرض في الممرات، وسط فوضى وانهيار جزئي في نظام الطوارئ، وهو ما يضاعف المخاطر الصحية على المرضى والنساء الحوامل على وجه الخصوص.

هذه الاختلالات البنيوية تطرح أكثر من سؤال حول دور وزارة الصحة في مراقبة هذه المؤسسات وضمان خدمة عمومية تحترم كرامة المواطنين. فالمفارقة أن الدولة تخصص استثمارات ضخمة لبناء الملاعب والطرقات، بينما يُترك المواطن الضعيف يواجه مصيره داخل مستشفيات تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط العناية الطبية.

وقد سبق لجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، أن نبه بشكل صريح إلى هذه المعضلة، مؤكداً أنه لا يرضى أن يعاني مواطنوه في صمت، وداعياً المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم في إصلاح هذا القطاع الحيوي. غير أن الواقع اليوم يكشف عن تأخر كبير في تنزيل إصلاحات حقيقية تعيد الثقة في المرفق الصحي العمومي وتكرس مبدأ العدالة الاجتماعية.

هذا، ويبقى حال مستشفيات الدار البيضاء ليس مجرد أعطاب عرضية أو مشاكل ظرفية، بل هو انعكاس لأزمة عميقة في الحكامة والتدبير، وإصلاحها يتطلب إرادة سياسية قوية، وشفافية في التسيير، وربطاً فعلياً للمسؤولية بالمحاسبة، حتى لا يبقى المواطن البسيط الضحية الأولى والأخيرة لمنظومة عاجزة عن أداء رسالتها الأساسية، وهي ضمان الحق في الصحة.

ويبقى على وزير الصحة أمين التهراوي التحرك العاجل والوقوف على هذه الخروقات عن كثب، والعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه بعيداً عن سياسة المكاتب، بعدما لم يظهر له أي تحرك ميداني منذ توليه المسؤولية سوى خرجات محتشمة غير كافية لمعالجة الأزمة، مع الالتزام بتنفيذ إجراءات عملية تضمن تحسين ظروف الاستقبال والعلاج للمواطنين دون تأجيل أو تمييز.

إعلان gardenspacenouaceur

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى