السفير 24 – بقلم: نورالدين زاوش
ما من أحد في العالم يستطيع أن يتفوق على “المقرئ أبو زيد” في إنتاج السفاهة والتفاهة والانحطاط الفكري والخلقي غير المقرئ نفسه، فبعد حديثه عن الأرشيف الأمريكي الذي تصر الإدارة الأمريكية على تدوينه باللغة العربية خشية أن لا يبقى صالحا بعد بضعة قرون، وحديثه عن خلية البصل الأشبه ما تكون بخلايا الإنسان، وحديثه عن الدبَّابة التي اخترعها “أربكان” زعيم الحركة الإسلامية بتركيا والتي تشتغل بأربعة عشر نوع من الوقود، خرج علينا اليوم وهو يتمنى، بكل أسف وحسرة، لو كان ترابا يمشي عليه خالد مشعل واسماعيل هنية وغيرهم.
لولا أن هذا الرجل، الذي يشتكي من شيء ما، يقتسم معنا الجنسية المغربية، ولولا أنه كان ممثلا للشعب المغربي لربع قرن كاملة، مما جعله يجني قرابة مليار سنتيم دون أن يقدم للمغاربة شيئا يُذكر، ما كتبتُ عنه نصف كلمة؛ ولا ذكرتُه من بعيد ولا من قريب؛ فإذا كان يشعر بما تشعر به العاهرة نحو قَوّادها الذي تعشقه حتى الثمالة فذاك شأنه؛ ولكن أن يضع أنف شعب بأكمله في التراب جرّاء ما يشعر به من دونية ومذلة وانبطاح، فذاك ما لا طاقة لنا بغض الطرف عنه؛ خصوصا وأن الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، والذين في كل واد يهيمون، لم يبلغ بهم هيامُهم العارم وخيالاتهم المريضة ما بلغ به صاحبنا؛ حيث فاق في غزله ما تغزَّل به “جرير” الولهان اتجاه معبودته “بُثينة” حين قال:
يا ليتني أعم أصم تقودني *** بُثينة لا يخفى عني مكانها
من المفيد أن نُذَكِّر بأن الله تعالى وحده من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن خالد مشعل أو غيره، مهما بدا عليهم من ملامح البطولة والدفاع المستميت عن مقدسات الأمة، فقد تكون مجرد غطاء يخفي وراءه قلوبا غليظة ونفوسا خبيثة، تماما كأولئك المجاهدين الذين حدثنا الرسول الكريم بأنهم وقود نار جهنم يوم القيامة؛ لكونهم إنما جاهدوا رياء وليس حبا في الله ورسوله.
إن جهاد المغاربة الأحرار، ومساهمتهم التي لا تخطئها عين في فتح بيت المقدس، وشجاعتهم التي أثنى عليها صلاح الدين الأيوبي، حتى اقتطع لهم حارة سماها “باب المغاربة”، أكبر من تضحيات مشعل وأصحابه، وأجدر بالإشادة والثناء والذكر الحسن؛ وإذا كان لابد للمقرئ من متمنياته المريضة التي ما أنزل الله بها من سلطان، فالأولى به أن يتجه بها نحو أجداده الأشراف، وليس نحو قوم بعضهم يأكل في مطاعم راقية، ويرتدي ماركات عالمية، ويختبئ في فنادق خمس نجوم.
حينما سأل أحمد منصور وزيرة بريطانية سابقة عن رأيها في رجال المقاومة، أجابت بأنها وجدتهم في المفاوضات من ألمع العقول وأنبهِهَا، ومن أعز النفوس وأكرمها؛ مما يدل على أن هؤلاء الرجال لو كانوا من طينة “عالمنا المبجل” الذي ابتلانا الله تعالى به، لكان، والعياذ بالله، مستقبل المقاومة المباركة في خبر كان.
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة*