في الواجهة

نشطاء ويرفضون “طبول الحرب” في المنطقة المغاربية

isjc

السفير 24

في سبيل “قضية الوحدة المغاربية”، اجتمع فاعلون مدنيون وسياسيون من المنطقة المغاربية، في ندوة رقمية دعا إلى تنظيمها حزب النهج الديمقراطي.

ويأتي هذا بعد التطورات المتسارعة التي شهدتها العلاقات بين المغرب والجزائر، التي انتهت بقطع الجارة الشرقية علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة، وهو ما قاد إلى مبادرات داعية إلى وقف التصعيد، من بينها “نداء مشترك” لمثقفين وسياسيين وحقوقيين ومواطنين مغاربيين.

وغاب عن ندوة “الشعوب المغاربية وقضية الوحدة” الصوت الجزائري، نتيجة عدم مشاركة المتدخل محمود رشيدي عن حزب العمال الاشتراكي.

وشدد عمار عمروسية، القيادي في حزب العمال التونسي، على الأهمية البالغة لـ”قضية الوحدة”، وكونها “حلم أسلافنا”، قبل أن يقف عند مجموعة من المحطات الكبرى لهذا الحلم، “منذ جمعية نجم شمال إفريقيا في العشرينيات، وجمعية العلماء المسلمين، وتنظيم مؤتمر المغرب العربي بالقاهرة في 1947، والتنسيق بين أحزاب اهتمت بمهمة التحرير، ثم تجربة تأسيس اتحاد المغرب العربي في 1989″، قبل أن “تنتهي كل هذه المحاولات إلى الطريق المسدود”.

وذكر المتحدث ذاته بما جمع المنطقة خلال عمل “الحركة الوطنية” ضد الاستعمار، وحتى قبلها، موردا: “كثيرة هي روابط سكان المنطقة، جغرافية ولغة وعملا دينيا واجتماعيا، وأغاني وأشعارا حتى باللهجات الدارجة (…) ثم انتقل هذا الحلم إلى محاولات التوحيد ضد الاستعمار المباشر”.

ووجه المتدخل إصبع الاتهام إلى “المؤسسات المالية وتمزيق الممزق بين الشعوب بسبب الحدود الموروثة عن الاستعمار المباشر”، قبل أن يعرج على أن “مهمة توحيد المغرب العربي كانت مطروحة تاريخيا على الحركة الوطنية وقيادات البورجوازية الوطنية”، لكن “تم في الدول العربية تطور غير متكافئ في الاقتصاد؛ انعكس على السياسة، وغدر بالقضية الوطنية، وأدخل بلداننا في استعمار جديد”.

ويرى الفاعل السياسي التونسي أن مهمة الوحدة الآن “صارت مهمة شعوب، وقوى ثورية وتقدمية واجتماعية، ولم تعد من الزاوية التاريخية على عاتق الأنظمة، وكل المحاولات في هذا الإطار يائسة وبائسة ومحكومة بالتدخلات الأجنبية”.

 

وحول ما يفرق المنطقة المغاربية، قال المتحدث ذاته إن السبب هو “أنظمة قُطرية متخلفة تابعة، مصالحها مع القوى الأجنبية وليس مع شعوبها، ومع قوى إقليمية رأسها دول البترودولار الداعمة للكيان الصهيوني (…) كما أن مصلحتها ليست في سوق كبيرة واقتصاد إنتاج ووحدة شعوب، بل في تفكيك الاقتصاد وتحويله إلى اقتصاد ريعي”؛ كما ذكر من بين الأسباب “ضعف القوى الثورية وسقوط أغلبها في المشاكل القطرية”، وهو ما يجعل “التوحيد مهمة الجماهير والشعوب”، وفق تعبيره، كما ذكر أن “التوحيد المغاربي خطوة لتوحيد أوسع للعالم العربي”، قبل أن يؤكد أن “التعدد يجب احتواؤه دون هيمنة عرق ولا إثنية”.

ومن موريتانيا، قال عمر إعل، من “حركة نستطيع”، إن تفرق المغارب يعود إلى “ما قبل دخول الإسلام بعد توحيد المنطقة تحت حكم الرومان، والحركات المناوئة لهذا الحكم، ثم تقسيم الرومان للمنطقة، إلى موريتانيا القيصرية وموريتانيا الطنجية، في أولى محاولة تقسيم عرفتها هذه الشعوب، ثم ظهور دول حاولت توحيد شعوب المنطقة، وهي محاولات توحيد تكون دائما ذاتية، بينما يكون التقسيم خارجيا؛ فكان السعي إلى التوحيد مع المرابطين والسعديين والموحدين، ولما جاءت الهجرات الهلالية والحسانية عرفت الهوية الموريتانية والتونسية خاصة تغيرا كبيرا نتيجة الهجرات، فاختلفت عن الهويتين الجزائرية والتونسية”.

وتابع المتدخل: “قسم الاستعمار الدول، بتمييز بهويات قاتلة، قاتلة للوحدة، وبإشكاليات سياسية مثل ما يقع في الصحراء، والإشكاليتين الجزائرية المغربية والموريتانية المغربية”، واسترسل قائلا: “الشعوب لا تنظر إلى المناطق الحدودية، بل تنظر إلى أن تكون جسدا واحدا، ذا قوة اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة قادرة على التأثير، وإلى صناعة أفق أكبر لها، في حين تتعارض مصالح الكيانات القائمة البورجوازية، فتخلق صراعا شكليا”، على حد تعبيره.

ويرى إعل أن العمل يجب أن ينهج طريق “صناعة هوية سياسية واقتصادية واجتماعية موحدة، يمكن أن تشكل هوية مغاربية توحد شعوب المنطقة، لتدافع عن مصالحها أمام الإمبريالية وأنظمتها؛ ما يتطلب كثيرا من التظاهرات السياسية والندوات وإشراك المجتمع المدني ومختلف الأطياف السياسية ولو اختلفنا معها”.

ومن ليبيا، تساءلت سعاد وحيدي، رئيسة مرصد النوع أثناء الأزمات، “كيف سيسهم شعب ممزق في هذا الحراك؟”، وتابعت: “شعرنا بأننا وحدنا أمام قطع الماء والقنابل والمقابر الجماعية، ولم نسمع بتنديد مغاربي، ولا مظاهرات. ودون لوم، أشير إلى غياب هذا التضامن الجمعي الذي احتاجه هذا الحراك. رغم ذلك تنظر ليبيا إلى المغرب العربي كامتداد طبيعي جدا لها”.

وواصلت المتحدثة: “تونس رئة أخرى لليبيا، ولولا تحقق هذا التكامل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والإنساني خاصة لانتهت ليبيا اختناقا منذ مدة. وتوقف الحدود تم بسبب الجائحة، مع تجاوز الخلافات السياسية الأخيرة غير ذات القيمة”.

وركزت وحيدي على مطلب “تسهيل الحركة الطبيعية بين ربوع هذه المنطقة الطبيعية”، مستحضرة ما يعيشه المغاربيون في المهجر من شعور “ألا شيء يفرق بيننا”.

من جهته قال أحمد أيت بالناصر، عضو النهج الديمقراطي، إن نشأة الاتحاد المغاربي من أنظمة مختلفة ومتنازعة جعله “تسويقيا وبروباغندا وليس لخدمة الشعوب”، وفق تقديره.

وواصل المتحدث: “تَم هذا علما أن قضية الوحدة قديمة، فهذه الدول المغاربية تتوحد في هوية وتاريخ مشترك قبل الدول الإسلامية بكثير، وهو تاريخ نشأت عنه لغة موحدة بشكل عام، عربية وأمازيغية وحسانية، تشكل جزءا من هوية المنطقة المغاربية؛ كما توجد علاقات تاريخية ومصاهرة ودم، وعلاقات اقتصاد وغيرها”، وزاد: “هذه منطقة متوسطية، رغم بعد موريتانيا عن المتوسط، ففي إطار القوافل القديمة والتنقل هي مرتبطة بالشمال الإفريقي، وهويتها جزء من هوية هذه الشعوب المغاربية، كما أن هذه الدول كلها إفريقية”.

ودعا الفاعل السياسي نفسه إلى “العمل من أجل الوحدة بتلاحم القوى التقدمية والوطنية؛ لأن التلاحم المغاربي يخدم مصالح الشعوب، وهو ما لا يجب تركه لأنظمة مصالحها مختلفة”؛ ويتطلب هذا المسعى “بناء علاقات تفاعل من أجل لحمة بين الشعوب، والتعرف على واقعها ومعاناتها ومشاكلها من أجل الانطلاق الحقيقي في بناء وحدتها قاعديا لا بيروقراطيا بشكل أفقي”، وفق تعبيره.

وفي ختام مداخلته أكد المتدخل على ضرورة “مناهضة دق طبول الحرب، وتدعيم السلم والتضامن بين الشعوب، وتعزيز اللحمة بين الشعبين المغربي والجزائري، على المستويات الاقتصادية والسياسية والإنسانية”، خاتما: “مهما كانت الإساءة بين الدول علينا الحفاظ على علاقات التبادل الإنساني، والتبادل الغذائي والطبي”.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى