في الواجهةكتاب السفير

آليات التحليل السياسي-2-

isjc
  • بقلم: حفيظ زرزان

بعدما رأينا في الجزء الأول تعريف المفهوم، وشروطه وأدواته، نتعرف في هذه المقالة على مدارس التحليل السياسي وأنواعه.

تنوعت مدارس التحليل السياسي، ولكل مدرسة نظرتها للأمور ومبرراتها وآلياتها في الاشتغال، وفي هذا الصدد هناك ثلاث مدارس:

أولا: المدرسة الإيديولوجية

هناك من المحللين من يتناول الحدث السياسي تحليلا إيديولوجيا ينطلق من إيديولوجية محددة منطلقه في ذلك خلفية إيديولوجية محددة ورؤية يؤمن بها. فمثلا المحلل السياسي الذي يؤمن بأن الصراع الديني هو الذي يحرك التاريخ ويقف وراء كل حدث تجده يشخص كل نزاع سياسي بين طبقتين على أنه صراع ديتي ويجد في هذا الاتجاه مفتاحا للدخول لمغاليق الحدث وتفسيره.

ثانيا: المدرسة القومية

تحلل أي ظاهرة أو حدث سياسي من خلال النظرة القومية أي تلك النظرة التي ترى أن القومية هي جوهر الصراع أو هي التي تطبع حقيقة الصراع في العالم، فهناك قوميات في العالم والمحصلة النهائية للتاريخ في أي لحظة من لحظات مسيرته الطويلة هي حصيلة التنافس والنزاع بين هذه القوميات.

ثالثا: المدرسة الواقعية

تؤمن بأن الواقع هو المصدر الأول والأخير في التحليل السياسي، فنحن لا نركن إلى سبب واحد في التحليل، بل هناك جملة عوامل واقعية تفسر وتعلل وتكشف الحدث أو الظاهرة السياسية فلا نستبعد دور المزاج والتاريخ في اتخاذ القرار السياسي وفي فهم الحدث السياسي والظاهرة السياسية وغيرها من موضوعات التحليل السياسي المطروحة، ولا نستبعد دور الذكريات بين الدول والشعوب والقوميات والأديان والمذاهب المسؤولة عن الحدث السياسي وتعميقه.

أنواع التحليل السياسي:

1- الوصفي:

هو أبسطها لأنه يقوم على وصف الهيكل الخارجي للظاهرة السياسية دون التطرق لمكوناتها الداخلية. فالتحليل الوصفي هو مجرد تحليل هيكلي يقف عند وصف الإطار التنظيمي أو الخارجي للظاهرة. مثلا: تحليل نظام سياسي ما باستخدام المقترب القانوني فقط.

2-التفسيري:

يعنى بتفسير الظاهرة وليس مجرد وصفها، وهي العملية التي تفترض الفهم العميق للظاهرة، وهذا بدوره يفترض اكتشاف طبيعة الظاهرة والوصول إلى جوهرها. مثال: محاولة تفسير بعض الوقائع مثل عدم الاستقرار الحكومي، بأسلوب لا سقف عند حد الوصف، وإنما يتعدى ذلك إلى محاولة التفسير والكشف عن الأسباب والعلاقات بين هذه الظواهر وغيرها، كالربط بين المظاهرة وفساد الحكم.

3- التوقعي:

لا يقف عند مستوى وصف الواقع وتفسيره، ولكنه ينطلق من هذا الواقع لتصور المستقبل الذي يمثل امتدادا طبيعيا لهذا الواقع. إنه التحليل المرتبط بالتطور السياسي المتوقع أو المحتمل، فتكرار المظاهرات قد يكون مؤشرا على تغيير محتمل في نظام الحكم وتزايد الإرهاب الدولي قد يقود إلى تغييرات في السياسات الخارجية لبعض الدول الفاعلة في النظام الدولي.

4- التخطيطي:

ينطلق من توقعات المستقبل ليضع الخطط الملائمة لمواجهتها أو منعها أو التحكم فيها. إن التطورات السياسية المتوقعة قد تأتي على مقتضى مصالح مجتمع معين وغاياته، كما أنها قد تشكل خطورة كبيرة على قيم مجتمع آخر ومصالحه، وهنا يأتي دور العلم لتقديم الخطط اللازمة لمواجهة هذه التطورات والتحكم فيها وفق ما تقتضيه مصلحة كل مجتمع. مثال: إن غلق باب الهجرة أو فتح هذا الباب، هي من قبيل تل القرارات الهادفة إلى التحكم في المستقبل الذي اكتشفت معالمه التحليلات السياسية من هذا النوع.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى