في الواجهةكتاب السفير

عشر سنوات مقتطعة من تاريخ المغرب

isjc

* نورالدين زاوش

ليس هناك ما يقدمه حزب العدالة والتنمية للشعب المغربي غير الكلام المعسول خاوي المضمون، والوعود الزائفة غير القابلة للتحقق، والمهرجانات الخطابية الحماسية المشتعلة بالوعد والوعيد، وتنظيم المظاهرات الحاشدة لنصرة فلسطين، ورفع الشعارات القوية لتخويف إسرائيل؛ هكذا ذهبت عشر سنوات من تاريخ المغرب أدراج الرياح، وسقطت مع هذه السنوات العجاف أسطورة المشروع الإسلامي الذي يبدو أنه مجرد قناع مزركش يخفي وراءه قلوبا ممتلئة عن آخرها بحب الدنيا وزخرفها؛ وليس فيها مكان شاغر لحب الله ورسوله.

إن مشهد السيد العثماني المثير للشفقة وهو يُوَقِّع معاهدة التطبيع مع إسرائيل، يوحي بأنه كان يجد لحظتها آلاما في أحشائه تضاهي عشرة أضعاف آلام الولادة أو يزيد، طبعا لم تكن هذه الآلام نتيجة ما قد يصيب الفلسطينيين جراء هذا التوقيع، فمصير فلسطين تحدده سواعد المقاومة المباركة على أرض المعركة، وليس طبيعة الحبر الذي تُوَقَّع به المعاهدات على الأوراق؛ وإنما كانت هذه الآلام نتيجة ما قد يصيب من سوءٍ صناديق الاقتراع التي أفرحت أصحاب المشروع الإسلامي ردحا طويلا من الزمن، وتوشك أن تخذلهم بعدما رُفع الستار وسقط عنهم القناع.

في تصريح غريب لكبيرهم الذي علمهم السحر قال بأنهم وقَّعوا على معاهدة التطبيع لأن ذلك يدخل في إطار المصلحة العليا للدولة، وأن هذا لا يمنعهم من أن يكون لهم رأي خاص في الحزب، إن هذا التصريح المغلف بطلاسم السحر الذي يمارسه تجار الدين على أتباعهم السذج، يوضح جليا قواعد اللعبة القذرة التي يلعبها هؤلاء؛ إذ إنهم يُقِرون بلا استحياء بأن مصلحة الدولة في واد ومصلحة حزبهم في واد آخر؛ مما يجعل قيم الوطنية والمواطنة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية محط مساءلة وتشكيك.

لقد صرح السيد عبد العزيز ربَّاح بأن الشعب سيتفهم موقفهم من إسرائيل وسيصوت عليهم، ناسيا أو متناسيا بأن الشعب المغربي قد أصابه الإحباط والاكتئاب من كثرة ما تلَمَّس لهم من أعذار ومبررات، هذا الإحباط الذي جعل ثمانية آلاف من الشباب يفرون بجلودهم في يوم واحد من أرض الوطن. سنوات طويلة والشعب يحاول جاهدا، بكل ما أوتي من خيال خصب وطيبة تصل حد السذاجة، أن يتفهم قرارات هؤلاء وأن يستوعب تصريحاتهم الموغلة في السوء والخذلان، وأن يغض الطرف عن فضائحهم التي عمت البر والبحر؛ وقد آن الأوان لحزب العدالة والتنمية بدوره أن يتفهم قرار الشعب في ليلة فتح الصناديق وعدِّ الأصوات.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى