ملف الصحراء المغربية.. جمود دولي وإحباط إقليمي
السفير 24 / طارق شهير
تكشف مرة أخرى الأحزاب المغربية ومعها الدبلوماسية الموازية عن عي وإهمال وتقصير تجاه القضية الوطنية الأولى ” الصحراء المغربية” على إثر غياب تفاعل جاد إزاء توقيع “جبهة البوليساريو” *رفقة فينزويلا وكوبا -على عريضة مناهضة لسياسة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، مما سيجر عليها-حسب المحللين- وابلا من المتاعب مع رجل البيت الأبيض الذي يتسم موقفه بالعدوانية ضد خصومه لاسيما أن الخطوة التي أقدمت عليها “البوليساريو” والتي وصفها المتحدث الرسمي السابق في البنتاغون بالمتهورة تعد ضربة موجهة للسياسة الأمريكية بكل أطيافها ولا تقتصر على “ترامب” فحسب بالنظر إلى تواجدها ضمن منتدى ساوباولو المعادي للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من عزلة “البوليساريو” سياسيا وجغرافيا في ضوء بداية انهيار النظام الجزائري العسكري الذي عمل على احتضان الجبهة ومساندتها منذ بداياتها الأولى.
حيث -جاء في سياق فتور يمر به ملف الصحراء- كان من المفترض استغلاله من لدن النخبة السياسية وفاعلي المجتمع المدني لإنهاك خصوم الوحدة الترابية والإسهام في تعميق عزلتها على المستوى الدولي والإقليمي.
تقرير “أنطونيو غوتيريش” : خطاب التفاؤل بنبرة الإحباط
فتور مواقف الدبلوماسية الموازية والأحزاب المغربية المنشغلة ببرامجها الانتخابية وحساباتها السياسية لم يكن أقل شأنا من التقرير الذي قدمه الأمين العام “أنطونيو غوتيريش” في أعقاب أشغال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر شتنبر 2019 والذي أعرب فيه عن تفاؤله النابع من استمرار أطراف النزاع في وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد قطيعة دامت ست سنوات من خلال الطاولتين المستديرتين اللتين جرتا في دجنبر ومارس 2019 بعد جهد من طرف المبعوث الأممي “هورس كولر” الذي قدم استقالته. هذا الأخير الذي يعد سابع مبعوث أممي إلى الصحراء لم تسعفه حنكته السياسية ولا فلسفته الألمانية في سبر أغوار جغرافية الصحراء وتحريك رمالها الراكدة، مما اضطره إلى تقديم استقالته لأسباب قيل إنها صحية دونما الكشف عن تفاصيلها. استقالة هورس إلى جانب تمسك كل أطراف الحوار بمواقفها- بين حكم ذاتي (المغرب)، واستفتاء (البوليساريو) وادعاء الحياد في إطار الحل الأممي (الجزائر) والسعي إلى الحل السلمي (موريطانيا)- يعكسان الجمود والإحباط اللذين يعتريان الملف الصحراوي.
بين دبلوماسية رسمية محتشمة وأخرى موازية موسمية…
رغم أهميتها، فإن الدبلوماسية الرسمية في شخص وزير الخارجية والتعاون الدولي “ناصر بوريطا” الذي أكد في تصريح له على ضرورة التمييز بين الاستفتاء وتقرير المصير لم تكن لتشفي الغليل بل كثيرا ما تتسم بالتحفظ والتكتم الإعلامي؛ حيث غياب ندوات ولقاءات صحفية تسلط الضوء على موضوع الحوار الذي دار بين الوزير المغربي والسيد “أنطونيو غوتيريش” في أعقاب أشغال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة أو تبرز موقف المملكة من المبعوث الأممي المرتقب تعيينه في الأسابيع القادمة، وبالموازاة يلاحظ كدلك أن هناك تقصيرا بينا من لدن الدبلوماسية الموازية في تقريب المواطن من الحدث وإشراكه في مستجدات القضية الصحراوية وتنوير الرأي العام عبر جمعيات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية…
أفق الانتظار المقيت….
لا مناص إذن من انتظار المناسبات الوطنية لكي تطفو على السطح مؤسسات المجتمع المدني بخطاباتها العنترية ومقدماتها الطللية، في انتظار حل شامل وموضوعي للقضية، ننتظر تعيين مبعوث أممي جديد في الصحراء المغربية من المنتظر أن يواصل جهوده الدبلوماسية منتظرا جلوس اطراف النزاع لمواصلة عملية التفاوض عبر حل سلمي يرضي جميع الأطراف، ويمدد مهمة المينورسو في الصحراء مما يدفع إلى انتظار التقرير الجديد المتوقع تسليمه إلى مجلس الأمن الدولي في غضون الأيام القادمة من أكتوبر… انتظارات هي إذن، تشي بالفجوة العميقة بين الكائن على أرض الواقع والممكن الذي لا يبرح مكانه المنابر الإعلامية والموائد المستديرة.
احسنت استاد طارق شهير