كتاب السفير

اليمين المتطرف وفخ “راسموس بالودان”

le patrice

الدنمارك: محمد هرار

بعد الأحداث الأخيرة المروعة للساكنة بالعاصمة الدنماركية، وبالتحديد منطقة بلوكوس؛ اتخذت الشرطة قرار منع “راسموس بالودان” من التظاهر مؤقتا في العاصمة والضواحي، لتمكين رجال الشرطة قضاء عطلة الفصح مع أسرهم.. القرار الذي جعل “راسموس” يفقد أعصابه ويجن جنونه، ناعتا الشرطة بكلام نابي للغاية من شدة امتعاضه واستيائه منهم ومن قراراتهم الجبانة كما قال.

وقد تدخل أخيرا كبيرهم الذي علمهم السحر، “كريستيان تولسين دال” زعيم حزب الشعب الدنماركي المتطرف، الذي يبدو أنه يدير اللعبة خلف الكواليس، محاولا تخفيف الصدمة وامتصاص غضب المعتوه بالودان.

حيث قال في تغريدة له على التويتر: أنه استدعى وزير العدل لإجراء مشاورات عاجلة للحصول على تفسير منع الشرطة “بالودان” من الاستمرار في التظاهر. وبذلك يتضح ما قلناه سابقا؛ كون اللعبة محبوكة ومشتركة بين اليمين المتطرف وبالودان وشركاؤه.

بالودان بعد التغريدة: أنا سعيد جدا وراض لأنه فعل ذلك، وإن دل هذا على شيئ، فإنما يدل على أن “كريستيان تولسين دال” يفهم معنى الديمقراطية.

شخصيا، لا أعتقد أن أمر منعه من التظاهر، له علاقة فقط بإتاحة الفرصة للشرطة لقضاء عطلة عيد الفصح. ولكن عثور الشرطة على القنبلة اليدوية وسلاح ناري في ساحة بلوكوس، وكتابة: الموت لباودان، وكون الاستفزاز الذي تعمده هذا المعتوه قد آذى إلى جانب المسلمين الكثير من عقلاء البلاد من غير المسلمين. فقد عمد هذا المعتوه إلى رمي المصحف وركله برجليه وحرقه على الملأ طيلة ما يزيد عن سبعة أشر متتالية. وهو ما رآه بعض الحقوقيين فاقد العلاقة بما تبيحه حرية التعبير. مما جعل أمر هذا المعتدي الاثيم عبئًا ثقيلا على المنظومة الديمقراطية والسلم الاجتماعي ككل.

إن تحرك “راسموس بالودان” قبيل حملة الانتخابات المحلية والأوروبية بغرض استفزاز الجالية المسلمة؛ وما تبعه من انفلات أمني واضطرابات وشغب، تحت تغطية إعلامية مستمرة، استغلها حزب الشعب المتطرف للنهوض من تحت الركام، بعد أن كانت شعبيته حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، وصلت إلى مرحلة متدنية. والسؤال الواجب طرحه هو: أيهما أفضل لبلدنا الدنمرك: انسجام وتعايش وتعاون بين مختلف فئات المجتمع؟. أم الانسياق خلف رغبة هذا المعتدى على المقدسات الدينية، في إحداث فُرقة في المجتمع الدنمركي لخدمة أجندة اليمين المتطرف، الذى يحاول ترجمة أفكاره إلى سلوك مُدمر!. بدأ بأزمة الرسومات المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مرورا بحرق المصحف وتدنيسه، ووصولا إلى قتل المسلمين في مساجد نيوزيلندا، والاعتداء على المساجد بشكل عام في أوروبا وغيرها من دول الاحتضان الغربية. فالأمر تجاوز الاعتقاد والفكر والتذرع بحرية التعبير، وامتد إلى أفعال يجب أن نتبين موقف القانون منها، كالتحريض على القتل مثلا.

إن تجرئة هذا المجرم على فئة بعينها لخدمة فئة عنصرية بعينها لم تجلب للدنمرك سوى التوتر بين الفئات، وعشرات الملايين من الكرونات تنفق في غير محلها، حماية لتافه يصف السلوك العام بالتفاهة. وأخيرا هل نواصل سعينا للتحفيز على المشاركة السياسة الفعالة، أم نظل نراقب فعل هذا التافه ومسانديه من العنصريين الذين اختاروا وسائل نجاحهم في الانتخابات، الاقصاء والتهميش، بدل الحرص على التعايش السلمي الإيجابي. غير أن أملنا بعد الله، يظل كبيرا في دور العقلاء جميعا، لا سيما الدنماركيين الأصليين منهم، الذين ما نزلوا ساحة إلا ألقموا من حجارتها أفواه التافهين.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى