بصراحة لم أتوقع مطلقا انسحاب القوات الأمريكية من سوريا

السفير 24 | الدنمارك: ذ. البشير حيمري
التقارير الواردة من سوريا تؤكد بالفعل انسحاب القوات الأمريكية منها، ولم أفهم التهديدات التركية بالدخول لبعض المناطق .ولم أستوعب التزام الصمت الروسي، حول كل مايجري في هذا البلد.الذي عبثت فيه قوى عديدة ومازالت.
لماذا قررت القوات الأمريكية الإنسحاب وهي التي كانت متمركزة في عدة مناطق ،وأنشأت فيها قواعد ؟ ولماذا لم تحدث المواجهة التي كان يخشاها العالم بين القوات الأمريكية والروسية؟ولماذا حلت القوات الأمريكية والروسية بالأراضي السورية قاطعة مآت الآلاف من الكيلومترات ؟
إن الحرب الشرسة التي عرفتها سوريا كانت تستهدف تغيير خريطة الشرق الأوسط وتفتيت المفتت أصلا ،والصراع كان كذلك على منابع النفط. والقوى العظمى كانت تستهدف إيران كقوة عسكرية ومحاولة السيطرة على الخليج الفارسي الممر البحري الرئيسي للناقلات النفطية.
وإذا كان دخول القوات الأمريكية هو من أجل القضاء على داعش والدولة الإسلامية. فإن قرار الإنسحاب قبل إنهاء المهمة مبهم. وإذا رجعنا قليلا للوراء .فالذي خلق القاعدة في أفغانستان لمحاربة الإتحاد السوفياتي سابقا هي الولايات المتحدة بدعم من الغرب من أجل إضعاف الإتحاد السوفياتي .والذي ساهم في خلق داعش في سورية هي الولايات المتحدة. وتمويله كان بأموال خليجية. من أجل تدمير هذا البلد، وإسقاط نظامه لأنها كان يشكل قوة قادرة على مواجهة إسرائيل.لكن كل المتآمرون فشلوا في ذلك بسبب موقف روسيا التي دخلت المنطقة وأصبحت تلعب دورا بارزا في الساحة السورية وأفشلت بذلك مخططا كانت دول الخليج تريد تحقيقه.
روسيا التي لعبت دورا كبيرا في إفشال المخططات التي كانت تستهدف تفتيت ليس فقط سوريا ولكن دول عديدة في المنطقة، وفي كل ماكان يجري في سوريا فإن إسرائيل لم تكن تلتزم بالحياد.بل تدخلت عدة مرات لضرب القواعد الإرانية على الأراضي السورية ،لوقف الزحف الإراني وكذلك قامت بضرب قوات حزب الله التي لعبت دورا كبيرا في القضاء على داعش ودخلت في مواجهات عدة مع الجيش الحر وقوات النصرة، إذا سوريا آلتي أرجعوها سنوات للوراء ودمروها تدميرا كانت بالفعل ساحة حرب حقيقية أفرزت المآت من القتلى والجرحى والمشردين.
لماذا لم تحدث المواجهة الأمريكية الروسية التي كانت ستؤدي لحرب عالمية ثالثة ،لكنها لم تحدث .ولماذا تريد تركيا الدخول من جديد لسوريا في منطقة منبج والتي يتواجد فيها أكثر من أربعين ألف جندي من الأكراد إلى جانب القوات الأمريكية، هذا الدخول جاء بضوء أخضر من أمريكا.
قرار انسحاب هذه الأخيرة وتعويضها بالقوات التركية هل يعني نهاية الدولة الإسلامية ،هل فعلا انتهي الخطر الذي جاءت من أجله الولايات المتحدة وهو القضاء على كائن هي التي صنعته ودول الخليج مولته. أسئلة كثيرة يطرحها المحللون السياسيون والمتابعون للصراع الدائر .والذي سيطول بدخول القوات التركية للأراضي السورية وهذه المرة ستكون في مواجهة الأكراد الذين كانوا بالأمس سندا للقوات الأمريكية والذين تعتبرهم تركيا الخطر القادم الذي يهدد استقرارها ووحدتها.
قرار انسحاب الولايات المتحدة قبل إنهاء مهمتها كان مفاجئا لدى كل المتتبعين ،ودخول القوات التركية للأراضي السورية.كان باتفاق مع أمريكا لإتمام ما عجزت عنه القوات الأمريكية. هل قرار الإنسحاب التدريجي من سوريا،ضغط على دول الخليج و بالخصوص السعودية والإمارات التي كانت تنظر للولايات المتحدة الحليف الإستراتيجي لها لمواجهة إيران؟ هل نالت أمريكا ماجاءت من أجله للشرق الأوسط.
لقد نجحت في إضعاف سوريا التي أنهكتها الحرب والصراعات الداخلية، واستطاعت بذلك تقوية قدرات إسرائيل .وخلقت انشقاقات كبيرة في الخليج العربي وأججت الصراعات الإقليمية بين أكثر من دولة .وفتت اليمن إلى طوائف منها من يوالي إيران ومنها من يوالي للسعودية وأفشلت كل مخططات دول الخليج العربي وأضعفت جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبالمقابل أنعشت اقتصادها بأموال السعودية والإمارات .والخاسر الأكبر الدول العربية والقضية الفلسطينية. واستطاعت إسرائيل الحفاظ على مقدراتها وأكثر من ذلك استطاعت أن تبخر حلم الفلسطنيين في إنشاء دولتهم والقضاء نهائيا على حل الدولتين بجعل القدس عاصمة لها بدعم أمريكي ،وتغيير الواقع على الأرض باستمرارها في قضم المزيد من الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات.