في الواجهةكتاب السفير

التعليم ومأزق الحوار الاجتماعي

التعليم ومأزق الحوار الاجتماعي

le patrice

السفير 24 – بقلم: عزيز لعويسي

النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة الوصية على التربية الوطنية، الذي خرج من رحم المعاناة بعد حراك تعليمي عسير وشاق، كان يفترض أن يطلق الاحتقان بالساحة التعليمية طلاقا لا رجعة فيه، ويؤسس لبيئة تعليمية آمنة ومستقرة، تسمح بجريان مياه الإصلاح أو ما يسمى إصلاحا، وتدفع بالتالي، في اتجاه كسب رهان مدرسة عمومية عصرية، تتحقق معها غاية الارتقاء الاجتماعي، وتكون شريكا حقيقيا في كسب رهانات النهوض والارتقاء التنموي؛

لكن ومن خلال معطيات الواقع، يبدو أن التوتر بات قدرا، في منظومة تعليمية، لم تسلم من الجدل واللغط والاحتجاج، حتى في زمن تنزيل مقتضيات الإصلاح، في ظل حالة الأزمة الصامتة القائمة، بين الوزارة الوصية على القطاع، والنقابات التعليمية، ما عجل بعرقة أو تعطيل عجلة الحوار الاجتماعي القطاعي؛

والمسؤولية اليوم، هي مشتركة بين “وزارة” لم تف بالوعود والالتزامات، ولم تتعاطى مع مضامين النظام الأساسي الجديد بما يلزم من الجدية والمسؤولية والمصداقية، و”نقابات تعليمية” عير متجانسة، ترافع عن الملفات، بمرجعية المصالح والمنافع والحسابات الضيقة، لا بدافع خدمة المصلحة العامة، بعيدا عن نعرة الإقصاء والتمييز، وبين هذا وذاك، “شغيلة تعليمية” باتت شيعا وفرقا وطوائف، “الكل فيها يغني على ليلاه”؛

الوزارة الوصية على القطاع، ملزمة باستعجال إعادة تحريك عجلة الحوار الاجتماعي القطاعي، والتحلي بالجدية اللازمة، ما يساهم في التسريع من عملية تنزيل ما تبقى من مقتضيات النظام الأساسي، التي لازالت في غرفة الانتظار، ومنها على الخصوص مسألة “التقليص من ساعات العمل الأسبوعية الخاصة بهيئة التدريس”، التي كانت واحدة من المطالب المشروعة التي رفعتها الشغيلة طيلة أطوار الحراك التعليمي، والنقابات التعليمية، مطالبة من جهتها، بنبذ الخلافات الهدامة ما ظهر منها وما بطن، وتوحيد الصف، والدفع في اتجاه صياغة ملف مطلبي واحد وموحد، ينتصر للمصلحة العامة لعموم الشغيلة التعليمية، لا إلى فئات بلحمها وشحمها، ويعجل بالتنزيل الأمثل لما تبقى من المقتضيات العالقة؛

عرقلة أو تعطيل عجلة الحوار الاجتماعي القطاعي بين الوزارة والنقابات التعليمية، ليس في صالح أحد أو طرف، ولن يكون إلا هدار للمال العام ولزمن الإصلاح، وتكريسا لفقدان ثقة الشغيلة في الوزارة والنقابات على حد سواء، ومساسا بالسلم الاجتماعي في قطاع حيوي واستراتيجي، يعد قاطرة للتنمية الشاملة، التي يعد الإنسان هدفها وغايتها، وعرقلة لما تقدمت به الحكومة من مشاريع إصلاحية ذات كلفة مالية باهظة، دون يتجلى أثرها حتى اليوم، على مستوى واقع الممارسة؛

على أمل أن تعود الأطراف المعنية إلى طاولة  الحوار الاجتماعي القطاعي، بدون مصالح أو حسابات أو هواجس، من أجل التنزيل الأمثل لما تبقى من مقتصيات النظام الأساسي في أقرب الأوقات الممكنة، على بعد أشهر قليلة من نهاية الموسم الدراسي، وخاصة على بعد مسافة قصيرة من نهاية الزمن الحكومي، وفي المجمل، لابد أن يستحضر الجميع، أن مصلحة الوطن، ومصلحة المدرسة العمومية بشكل خاص، تقتضي التجرد من ثقافة الأنانية والمصلحة والحسابات السياسوية الضيقة، والانخراط الفردي والجماعي في بناء المستقبل بمسؤولية ورصانة وتبصر، ولا بناء ولا مستقبل، إلا بالتعليم العصري “الناجع” و”الفعال” و”المنصف” و”العادل”.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى