السفير 24
في 18 نونبر من كل عام، يحتفل المغرب بذكرى عيد الاستقلال، يومٌ يخلد انتصار إرادة الشعب المغربي على الاستعمار الفرنسي ويُعتبر حدثًا فارقًا في تاريخ البلاد، حيت استرجع المغرب في مثل هذا اليوم استقلاله بعد سنوات طويلة من المقاومة والنضال، وسطر المغاربة صفحاتٍ من التضحيات والملاحم البطولية في سبيل الحرية والكرامة.
بدأت معاناة المغرب مع الاحتلال الفرنسي في عام 1912، عندما وقعت سلطات الاحتلال معاهدة الحماية، ليبدأ عهد طويل من الاستعمار. لكن الشعب المغربي الباسل لم يقبل الاستسلام، وبدأت بوادر المقاومة تظهر في مختلف المناطق عبر الكفاح المسلح والنضال السياسي، فقاد الحركة الوطنية المغربية العديد من الشخصيات البارزة مثل القائد محمد الخامس ومحمد بن عبد الكريم الخطابي، وعبد الكريم غلاب، الذين ناضلوا من أجل استعادة السيادة الوطنية.
طوال سنوات الحماية، لم يكن النضال مقتصرًا على الرجال فقط، بل شاركت النساء أيضًا في هذه الحركة التحريرية، حيث قدمت العديد من التضحيات وكان لها دور محوري في صمود الشعب أمام قوى الاحتلال. ازداد الوعي الوطني بأهمية وحدة الصف لتحقيق الاستقلال، مما جعل قضية التحرر الوطني تصبح مسألة شعبية بامتياز.
في 18 نونبر 1955، تكلل كفاح الشعب المغربي بتوقيع اتفاقيات مع فرنسا، حيث أعلن المستعمر الفرنسي عن قرار منح المملكة استقلالها، وفي هذا اليوم التاريخي، عاد الملك محمد الخامس من المنفى بعد أن تم نفيه في عام 1953 نتيجة لمواقفه الرافضة للاحتلال الفرنسي، واستقبل الشعب المغربي ملكه بالترحيب والفرح، ليبدأ بذلك عهد جديد من البناء الوطني تحت قيادته.
ذكرى 18 نونبر لا تقتصر على استحضار أحداث الماضي، بل هي أيضًا مناسبة للاحتفال بما تحقق من إنجازات على مر السنين. فقد استطاع المغرب، بعد الاستقلال، أن يشق طريقه نحو التنمية والتقدم في مختلف المجالات، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي واجهها. من خلال رؤية قيادات المملكة، تم بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز الاقتصاد، وتحقيق التقدم في قطاع التعليم، وتطوير البنية التحتية. كما أن هذه الذكرى تبرز الهوية الوطنية المغربية بما تحمله من تنوع ثقافي ولغوي، مما يعكس غنى الموروث الحضاري للمملكة.
ومع مرور السنوات، أصبحت ذكرى الاستقلال تركز أيضًا على دور الشباب في مواصلة مسيرة البناء والتقدم. فأصبح يتعين اليوم على الأجيال الجديدة أن تواصل العمل على تعزيز التنمية الوطنية، وأن تساهم في الحفاظ على القيم التي ضحى من أجلها الأجداد. فمن خلال العلم والعمل، يمكن للشباب أن يبني مستقبلًا مشرقًا للبلاد، ويظل المغرب، كما كان دائمًا، قويًا بعزيمة شعبه.
هذا، وتظل ذكرى 18 نونبر يومًا خالداً في ذاكرة كل مغربي، تذكيرًا بتضحيات الأجيال السابقة، وبعزيمة الشعب على مقاومة الاستعمار وتحقيق الاستقلال. هذا اليوم يعكس قدرة الشعب المغربي على التغيير، وعلى الحفاظ على أمنه واستقراره، ويعد مصدر إلهام للأجيال القادمة لاستكمال المسيرة نحو مستقبل أفضل.