“تحفة” والتشهير في حق المسؤولين والصحفيين: أزمة أخلاقية ومهنية تهدد الصحافة المغربية
"تحفة" والتشهير في حق المسؤولين والصحفيين: أزمة أخلاقية ومهنية تهدد الصحافة المغربية
السفير 24
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الإعلامية المغربية بروز ظاهرة التشهير بالمسؤولين ورفع دعاوي قضائية ضد الصحفيين، حيث أصبح هذا الأسلوب المرفوض وسيلة لبعض الأطراف للابتزاز والتربح على حساب كرامة الأفراد وسمعة المؤسسات، ومن بين الأسماء التي ارتبطت بهذه الظاهرة هو اليوتوبرز “تحفة”، الذي اشتهر بالهجوم على الصحفيين والمسؤولين، متجاوزًا بذلك حدود النقد البناء إلى مساحات خطيرة من التجريح والتشهير.
تحفة وأمثاله لا يعملون في فراغ؛ هناك جهات تقف وراءهم، تستغلهم لتصفية حسابات شخصية أو سياسية، فهؤلاء الأشخاص يسعون لضرب مصداقية الصحافة الحرة والمستقلة عبر تشويه سمعة من يقفون في وجه الفساد والاستبدال، ومن المؤسف أن بعض هذه الجهات تدعم وتغذي هذه الممارسات غير الأخلاقية من أجل تحقيق مكاسب خاصة، مما يجعل الصحافة في المغرب تعيش أزمة حقيقية تتطلب تدخلاً عاجلاً.
إن استغلال أعراض الناس والتشهير بهم من أجل مكاسب مادية أو معنوية هو أخطر ما يواجه الصحافة اليوم. فقد أصبح البعض يرى في هذه الممارسات فرصة للارتزاق، دون النظر إلى العواقب الأخلاقية والقانونية لذلك، الشيء الذي يضع الصحافة في موقف ضعيف ويضر بصورتها العامة، ويؤدي بها إلى تراجع الثقة كمصدر للمعلومة الدقيقة والموثوقة.
ونجد من بين هذه الأسباب التي تساهم في استمرار الظواهر هو تشتت الجسم الصحفي في المغرب. فالصحفيون، بدلاً من الاتحاد لمواجهة هذه الهجمات والضغط من أجل تحسين ظروف عملهم، يعيشون في حالة من الشتات والانقسام، وعدم وجود موقف موحد يضعف قدرتهم على الدفاع عن مصالحهم المشتركة، ويسمح باستمرار التشهير دون رادع.
كما كثرت في الآونة الأخيرة النقاشات حول بطاقة الصحافة التي يصدرها المجلس الوطني للصحافة، والتي أصبحت موضوعاً للجدل والخلاف. فهذه البطاقة التي يفترض أن تكون رمزاً للمهنية أصبحت للأسف أداة للتمييز بين الصحفيين، حيث يُمنح البعض امتيازات على حساب الآخرين فالمجلس الوطني للصحافة، الذي يجب أن يكون دوره أوسع من مجرد إصدار البطاقة، مطالب اليوم باتخاذ خطوات فعلية لتعزيز وحدة الصف الصحفي ورفع مستوى المهنية.
ولتجاوز هذه الأزمة وتحقيق نقلة نوعية في الصحافة المغربية، يجب اتخاذ عدة خطوات:
1. تعزيز التضامن الصحفي: من الضروري أن يتحد الصحفيون في وجه التشهير والابتزاز، وتشكيل جبهة موحدة تحمي حقوقهم وكرامتهم.
2. تعزيز دور المجلس الوطني للصحافة: يجب أن يتجاوز المجلس دوره التقليدي في إصدار البطاقات، ليلعب دوراً أكبر في الدفاع عن الصحفيين، وتنظيم القطاع بما يضمن نزاهة المهنة.
3. رفع مستوى الوعي المهني: يجب العمل على رفع مستوى الوعي المهني بين الصحفيين، وتعزيز الأخلاقيات الصحفية، مما يساهم في تحسين صورة الصحافة لدى الجمهور.
4. محاربة التشهير قانونياً: يجب العمل على تطبيق القانون بصرامة ضد كل من يتورط في التشهير أو الابتزاز، وتحصين المهنة من هذه الممارسات التي تضر بسمعتها.
كما أن النهوض بالصحافة في المغرب يتطلب جهوداً جماعية ومستمرة، تركز على مواجهة التحديات المشتركة وتوحيد الصفوف لتحقيق الأهداف المهنية النبيلة التي تخدم المجتمع وتساهم في نشر الوعي.
وختاما لما سلف ذكره، فقد كانت للصحافة المغربية على مر التاريخ مكانة رفيعة، باعتبارها السلطة الرابعة التي تساهم في توجيه الرأي العام، والدفاع عن حقوق المواطنين، وكشف الحقائق، لكن اليوم، أصبح من الضروري أن تستعيد مكانتها المرموقة وأن تُحترم حقوق الصحفيين وتُحمى من أي تهديدات أو متابعات غير قانونية. كما أن تهديد الصحفيين بالدعاوى القضائية من قِبَل بعض الأطراف، مع العلم أن قانون جرائم الصحافة المغربي واضح في هذا الشأن، يعكس عدم تطبيق القانون بشكل صارم من قِبَل بعض نواب وكلاء الملك، الذين يتجاهلون الإجراءات القانونية المحددة في متابعة الصحفيين.
تجدر الإشارة، إلى أن حماية الصحفيين والدفاع عن حقهم في ممارسة مهنتهم بحرية وكرامة هو واجب على كل الأجهزة والمؤسسات. كما يجب أن تتوقف ممارسات التحقيقات الأمنية غير القانونية بسبب المقالات الصحفية، وأن يطبق القانون كما جاء في نصوصه، عبر تحريك الشكايات المباشرة كما نص عليها المشرع، دون أي تجاوزات أو استغلال للسلطة. فقط من خلال هذا الالتزام بالقانون وتقدير دور الصحافة يمكننا أن نضمن استمرارية دورها في خدمة المجتمع ونشر الوعي، وأن تعود لمكانتها التي تستحقها في صرح الديمقراطية.