السفير 24 – بقلم: محمد سعد عبد اللطيف/ مصر
نحن نتكئ دائما علي من نثق بقلوبهم لا بأيديهم.، لأن قوة البدن قد تخون صاحبها يوما أما قوة المشاعر فلا تخون أبدا عند الأنقياء…
ليست عزلة اختيارية،
“كيف لا أحس بأن هذه الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني، هي عائق نهائي أمام كل تواصل مع الغير…؟ فقبل قليل، كنت بالكاد موجودا وسط الآخرين. والآن، اكتشفت بأنني أحيا حياة الموت، إلا أنني وحيد في الانتشاء بألمي. إن روحي ملك لي فعلا، غير أنني سجين داخلها، ولا يمكن للآخرين اختراق وعيي، مثلما لا يمكنني فتح أبوابه لهم، حتى ولو تمنيت ذلك بكل صدق فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي، وهي تجربة تظل غير قابلة، اعتبارا لجوهرها، لتكون موضوع نقل أو إخبار. فأنا أعيش وحيدا محاطا بسور؛ وأشعر بالعزلة أكثر من شعوري بالوحدة، وعالمي السري سجنا منيعا. لا أستطيع أبوح به لقد كان عملي وحياتي عمق أخلاقي ، إلى جانب الغموض والسرية التي اتسمت بها فترة من حياتي، رسالة إلى كل من يعتقد أنه فهم شيئا من كتاباتي فقد فهم مني ما فهم طبق لصورته الخاصة، وفي أغلب الأحيان شيئا مناقضا لي تماما مثل اعتباري\” مثاليا \”رفضت عروض أكون صاحب ثروة…؟. أما من لم يفهم مني أي شيء فقد أنكر حتى مجرد أن أدخل في الحسبان…!!
سلامي إلى جميع أصدقائى لقد أحببتهم وحرصت عليهم كثيرا، قولي لهم إن حياتي كانت عذابا هائلا بين ضمير أسعدني عن أكل الحرام،،، ألم يعرفه ولم يفهمه الآخرون، ربما كانت تبدو كبرياء وغرورا، لكنها لم تك قط شيئا من ذلك. لقد استنتجت طوال حياتي أن مهمتي غير عادية ولقد حاولت أن أقوم بهذه المهمة قدر استطاعتي واكتشفت، في نفس الوقت، أن أبواب عالم الآخرين مرصودة في وجهي وعالمهم منغلق بقدر انغلاق عالمي أمامهم. إن ألم الغير يكشف لي بمرارة انفصالنا القدري عن بعضنا البعد، انفصالا لا يقبل بتاتا الاختزال. فعندما أتألم، يمكنني، بكل تأكيد، لا أحد يستطيع مساعدتك في إحساسك بالألم مساعدته بفعالية، ومواساته بكلامي، ومحاولة تعويض الألم الذي يمزقه بلطف. غير أن ألمي يبقى رغم ذلك، ألما خارجيا بالنسبة لذاتي. فتجربة الألم تظل تجربتي الشخصية إني أتعذب بقدر ما يتعذب شخص ارتبط بك بالروح رغم بعدك عنه وربما أكثر منه، لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه. فأنا لا أكون أبدا معه بشكل كلي هكذا هو الإنسان، سجين في آلامه، ومنعزل في ذاته ووحيد في موته البطيء…
محكوم عليه بأن لا يشبع أبدا رغبته في الحرام، والتي لن يتخلى عنها أبدا\”. مهما اشتد عليه أوجاع الألم ومهما تغيرت الأيام…