في الواجهةكتاب السفير

العام الجديد: انتظارات وأولويات

العام الجديد: انتظارات وأولويات

isjc
*الدكتور رضوان زهرو
لقد اسنطاع المغرب في السنوات الأخيرة، أن يحقق منجزات مهمة، ويقوم بإصلاحات عميقة، سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن ما زال ينتظرنا الكثير كذلك؛ إكراهات وتحديات، داخلية وخارجية؛ على الجميع، التحرك لتجاوزها، وذلك من أجل تأهيل المجتمع والنهوض بالاقتصاد، وبالتالي تحقيق التنمية التي ننشدها جميعا.
لكن لن يتم ذلك إلا بخلق مناخ ماكرو اقتصادي نظيف، مبني على المنافسة الحرة والشريفة، وإلغاء نظام الاحتكارات، وترشيد النفقات العامة، و تطوير الشراكة بين القطاعين العام و الخاص، وإنعاش المقاولات الخاصة، الصغرى منها والمتوسطة والمتناهية الصغر، و مواصلةإصلاح النظام القضائي، والتخفيف من العبء الإداري، وتوسيع الوعاء الضريبي، والحد من العشوائية في قرارات الإدارة الجبائية، وتبسيط المساطر الإدارية وإزالة جميع العراقيل أمام الاستثمار حتى يقوم بدوره كاملا كرافعة للإقلاع، وتحقيق النمو.
كذلك توسيع وتشجيع المبادرات الاستثمارية المنتجه ، العمومية منها والخاصة، واتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين الأوضاع الاجتماعية، من خلال التفكير في وسائل وآليات للعمل على تصحيح الاختلالات والفوارق، وتحسين ظروف عيش المواطن، ومحاربة الفقر ومختلف أشكال الحرمان، عبر تعميق البعد الاجتماعي، بالعمل على  إتمام التنزيل السليم لمنظومة الحماية الاجتماعية و الاستهداف المباشر عبر  آلية السجل الاجتماعي الموحد، والحرص كذلك على بلورة روح التضامن بين أفراد الأمة؛ الأمر الذي يتطلب مواصلة الإصلاحات البنيوية والقطاعية، وذلك من خلال  التدبير الجيد للإدارة العمومية، وتمكين المرأة، وخلق مجتمع المعرفة، وإصلاح التعليم، وخاصة النهوض بالتعليم العالي و والابتكار والبحث العلمي، حتى يكون رافعة للتنمية؛ كذلك  مواصلة ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وتوطيد دعائم الديمقراطية، وسيادة القانون، وتقوية المجتمع المدني؛ أي بمعنى آخر، خلق شروط نمو اقتصادي قوى ودائم، يفضي إلى تنمية حقيقية، شاملة ومستدامة. 
إن الاستثمار المنتج الذي يحقق النمو القوي والمستدام، ويخلق مناصب شغل، ويضع الاقتصاد الوطني في مصاف الدول الصاعدة، لا يتم إلا في إطار سياسات عمومية ناجعة، ترمي إلى ضمان بيئة سليمة وبلوغ تنمية مستدامة، تحافظ على الخدمات وعلى نوعية الموارد عبر الزمن، وذلك بهدف الانتقال التدريجي لبلادنا نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال تسريع وضع سياسات النجاعة الطاقية، وتكريس ثقافة بيئية، وتوفير الموارد المالية والبشرية، والبحث عن الطرق الناجعة لحل الإشكالات البيئية، مع الاعتماد أساسا، على التكوين والبحث العلمي والابتكار. 
 ولعل من الملفات الشائكة التي تحتاج إلى حل عاجل بل وسريع في الفترة القادمة، ملف التقاعد الذي يحتاج اليوم إلى توافق جماعي، وإلى تعاقد اجتماعي؛ حيث تعاني منظومة التقاعد  برمتها في بلادنا، كما هو معلوم، من اختلالات عديدة، تهدد توازنها المالي وفعاليتها الاجتماعية، بل ومستقبلها برمته.
نحتاج إلى جانب النهوض بأوضاع الشباب والأطر والمستخدمين كافة (نحتاج) إلى تبني إستراتيجية وطنية خاصة بالمسنين، كمطلب ملح وحاجة ماسة، من أجل مجتمع ينعم فيه المسنون بدورهم بحياة آمنة وصحية، اعترافا لهذه الفئة بما قدمته لنماء وتطور وخدمة المجتمع من جهة؛ ومن جهة ثانية، لما أصبح يفرضه التحول السكاني نحو الشيخوخة، وما يتصل بهذه المرحلة العمرية من تغيرات نفسية وفسيولوجية واجتماعية؛ وهو ما يقتضي رعاية وخدمات خاصة، طبية ونفسية واجتماعية وترفيهية وخدمات العناية الشخصية، وغيرها من صور الرعاية المختلفة.
نحتاج إلى وضع وسائل وآليات جديدة، مبتكرة وغير تقليدية، لإنعاش النمو، من خلال إصلاحات أساسية وذات أولوية، مـثل إصلاح صندوق المقاصة، وإصلاح المالية العمومية، وإصلاح منظومة التربية والتكوين، وإصلاح العدالة، وإصلاح القطاع السمعي البصري، إلى جانب محاربة الفساد وتفعيل آليات الحكامة الجيدة، وغيرها من الطموحات الكبيرة والنبيلة، والمشروعة على أي حال.
كانت تلكم بعض الانتظارات و التوجهات الإصلاحية العامة التي نراها أساسية و ذات أولوية في المرحة القادمة (على سبيل المثال لا الحصر )  علما بأن أي إصلاح يحتاج من بين ما يحتاج إليه، إلى التشاركية أولا وقبل كل شيء، وإلى منهجية عمل واضحة، وإلى آليات تنفيذ واقعية؛ كما يحتاج في الوقت نفسه، إلى خبرات وكفاءات وطنية؛ وهو لعمري المسار الطبيعي للإصلاح، في ظل أي نظام ديمقراطي.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى