شخصيات في الذاكرة
السفير 24 | حيمري البشير_الدنمارك
مدينة العيون سيدي ملوك مدينة تاريخية بامتياز ،ولعل الآثار التي لازالت قائمة لحد الساعة ،دليل أن عظماء الملوك الذين تناوبوا عبر التاريخ على حكم المغرب ،جعلوها محطة من المحطات ،التي أقاموا فيها لفترة من الفترات أثناء تجوالهم للاطلاع على الرعية ،قصبة مولاي إسماعيل السلطان العلوي تعتبر شاهدة على مرور هذا الملك بهذه المدينة،وإلى عهد غير بعيد مر بها بوحمارة الذي حاول الانقلاب على السلطان وتمت تصفيته غير بعيد من مدينة العيون سيدي ملوك بمنطقة تدعى مستكمار.
انخرط في المدينة رجال لمقاومة الاستعمار الفرنسي وتركوا بصماتهم وأبلوا البلاء الحسن ،ومن جملة الرجال الذين حكوا لنا قيد حياتهم أهم الملاحم التي شاركوا فيها لمقاومة الإحتلال الفرنسي ،وبقوا في معركة النضال الديمقراطي بعد معركة الاستقلال ،المناضل الاتحادي الفذ الحاج محمد مغفور ،الذي عشنا معه المحن التي مر بها لسنوات ،يوم كان المخزن يعتقله ليلا أكثر من مرة وتتم قيادته إلى المعتقلات الرهيبة وقد تعرض رحمه الله لأبشع صور التعذيب التي عانى منها طوال حياته ،كان رحمه الله قدوتنا في النضال والصمود ،لازلت أتذكر أن في عهده لم يكن أحد يجرئ على المرور.
بجانب مقر الاتحاد الإشتراكي ،كان يتميز رحمه الله بشخصية قوية لا يبالي بالمخزن وبأي مسؤول ،كان قوي الشكيمة والعزيمة ،تعلمنا على يده قيم الصمود والنضال وكان باستمرار في الواجهة لمواجهة الإعصار وخفافيش الظلام ،كان رحمه الله حافظا للقرآن حريص على أداء صلواته في وقتها ،تحمل مسؤولية على مستوى مجلس النواب وكان حريصا على الوقوف بجانب المستضعفين، لازلت أتذكر يوما لما حل بمنزلنا القائد بياض فدق رجلان بالباب وسألا عني وبمجرد خروجي اقتادوني لسيارته فسألته هل لديكم مذكرة من وكيل الملك لاعتقالي فتفوه بكلام نابي في وجهي ،وزجوا بي في حجرة ضيقة مع السكارى ،بقيت حوالي الساعتين وأثناءها اتصل والدي بالمرحوم الحاج محمد مغفور ،وبمجرد علمه بالنازلة حل بمكتب القائد وأسمعه وابل من العتاب ،فأمر القائد أحد القوات المساعدة بالإتيان بي ،وأدخلني لمكتبه فوجدت المرحوم ينتظرني ،فقال للقائد كلاما بقي في ذاكرتي، قائلا له كاتكرفسو على الشباب الشرفاء ،وتجعلونهم في مرتبة واحدة مع السكارى ،لن نغفر لكم استمراركم التضييق على أبناء الشعب وترهيبهم ،موقفه هذا لن أنساه في حياتي فهو الذي تعلمنا على يده قيم النضال والصمود رحم الله الحاج محمد مغفور الذي سيبقى في ذاكرتنا.