الإجراءات المتخذة لمكافحة العنف ضد النساء خلال جائحة كورونا “محور المؤتمر الإقليمي الثالث لجمعية جسور ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية”
السفير 24
نظمت جمعية “جسور ملتقى النساء المغربيات” مؤخرا بتعاون مع “مبادرة الشراكة الشرق أوسطية” مؤتمرها الإقليمي الثالث الذي انعقد مؤخرا عن بعد، لتدارس موضوع “الإجراءات المتخذة لمكافحة العنف ضد النساء خلال جائحة كورونا ببلدان المنطقة، وذلك في إطار تخليد اليوم العالمي لحقوق الانسان.
استهلت أشغال اللقاء بكلمات افتتاحية تناولت السياق العام لتنظيم هذه المبادرة، في إطار مشروع النساء شركاء في التقدم، وهو جزء من برنامج تعزيز قيادات المرأة وسياسات النوع الاجتماعي الشاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تضم ثماني دول عربية، وذلك بعد لقاءين سابقين جمعا قيادات نسائية من قطاعات مختلفة، من محاماة، قضاء، برلمان، أعمال، جامعة، مجتمع مدني، اعلام، في مجالي تعزيز المساواة والمواطنة ومكافحة العنف، وبناء قدرات الشباب والتواصل الرقمي، ثم مكافحة العنف ضد النساء والفتيات.
وقدم وزير العدل السيد محمد بنعبد القادر، مداخلة تناول فيها الجهود الوطنية المبذولة لمحاربة العنف ضد النساء، حيث أكد أن المغرب يعد في طليعة الدول التي تعتبر قضايا المرأة وحقوقها من الأولويات الاستراتيجية لسياسته، وأضاف أن “القانون المغربي يحفل بالضمانات القانونية الكفيلة بحفظ كرامة المرأة وحماية حقوقهما من أي انتهاك، منسجما في ذلك مع مقتضيات المواثيق والمعايير الدولية ذات الصلة”.
وأوضح السيد وزير العدل أن “المرجعية الدستورية والضمانات القانونية ما زالت في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتوفير حماية أمثل للنساء ضد العنف الذي يتعرضن له والذي تعبر عنه المعطيات الإحصائية المتوفرة”، مشيرا إلى أنه “خلال سنة 2019 سجلت محاكم المملكة 19.019 قضية تتعلق بالعنف ضد النساء، كان ضحيتها 19.617 امرأة، وتوبع في هذه القضايا ما مجموعه 20.355 شخصا، شكل الأزواج منها نسبة 56 %، أي 11.563 زوجا تمت متابعته”.
وبالنسبة لأنواع العنف المرتكب ضد النساء بمفهومه العام سنة 2019، أوضح الوزير أنه تم تسجيل: 39 قضية في القتل العمد، و62 قضية في الضرب والجرح المفضي إلى موت دون نية إحداثه، و948 قضية اغتصاب، و356 قضية في هتك العرض بالعنف، و3 قضايا في الإجهاض الناتج عنه وفاة، و71 قضية إجهاض، و295 قضية في الاختطاف والاحتجاز، و9731 قضية في العنف الجسدي، و632 قضية في الطرد من بيت الزوجية، و1709 قضايا في التهديد، و27 قضية في التحرش الجنسي في فضاء العمل، و525 قضية في التحرش الجنسي في الفضاء العام.
وقدمت السيدة فاطمة عراش رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة درعة تافيلالت كلمة المجلس الوطني لحقوق الانسان، قالت فيها أن المجلس يضع النساء والفتيات في صلب اهتماماته، وقد أحدث لجنة دائمة مكلفة بالمناصفة وعدم التمييز والاجيال الجديدة لحقوق الانسان، من بين مهامها رصد أوضاع المساواة بين الجنسين والسياسات المتعلقة بالتمييز الإيجابي ومكافحة التمييز، وفي نفس السياق قالت السيدة السعدية وضاح رئيسة اللجنة الجهوية للدار البيضاء سطات أن الجائحة كشفت عن ارتفاع حالات العنف ضد النساء على مستوى بلدان المنطقة، مؤكدة أن قانون محاربة العنف ضد النساء ينبغي أن يصبح قوة لتغيير العقليات والممارسات، وهو ما يفرض الاهتمام بتقوية قدرات الجهات المكلفة بإنفاذ القانون ونشر الممارسات الفضلى.
من جهتها قالت السيدة أميمة عشور رئيسة جمعية جسور “نعيش في سنة صعبة يشهد فيها العالم أزمة صحية واقتصادية واجتماعية تلقي بآثارها بشكل أكبر على وضعية النساء، بحيث توسعت الفجوة بين الجنسين، وارتفعت حالات العنف الأسري”، وعرضت السيدة غزلان بنعشير نائبة رئيسة الجمعية مجموعة من الأنشطة التي نظمتها الجمعية في اطار تنزيل هذا المشروع، مؤكدة في نهاية مداخلتها على أهمية تظافر جهود كل المتدخلين لمحاربة مختلف أشكال العنف ضد النساء.
أشغال الندوة عرفت استعراض عدة تجارب إقليمية، وفي هذا الصدد قال الدكتور أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب والباحث في قضايا النوع الاجتماعي أن الجائحة أكدت على “أهمية مراعاة مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف الإجراءات التي تتخذها السلطات، وهو ما كان غائبا خلال الفترة الأولى من الحجر الصحي في أغلب بلدان المنطقة، وقد واجهت النساء الناجيات من العنف عدة عراقيل في التبليغ عن حالات العنف ولا أدل على ذلك من تراجع معدلات الشكايات المسجلة على مستوى المحاكم، وهو ما جعل رئاسة النيابة العامة تتفاعل مع نداءات المجتمع المدني وتعمل على خلق منصات رقمية على مستوى كافة خلايا التكفل بالنساء المعنفات بالمحاكم”، مؤكدا على أهمية الاهتمام بتوفير المساعدة القانونية والقضائية للنساء والفتيات لتسهيل ولوجهن للانتصاف، ومراجعة كافة مظاهر التمييز في القانون أو الممارسة.
و قالت سامية المالكي الفاسي رئيسة منظمة قادرات بتونس أن “الجائحة كانت كالصاعقة التي لم تكن أغلب البلدان متهيأة لها، وقد اتسمت ردود أفعال الحكومات بالتخبط والارتجال، والبطء في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية”، واعتبرت راندا السنيورة المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بفلسطين أن “الجائحة أدت الى اذكاء الفكر الذكوري وعودة الخطاب المناهض لحقوق المرأة”، وتوقفت ليزة محمد ناشطة حقوقية من اليمن عند بعض آثار الجائحة في علاقتها بتزايد حالات الزواج القسري بما فيه حالات زواج الأطفال، كذلك تناولت زهرة لانكي خبيرة في النوع الاجتماعي في ليبيا آثار عدم الاستقرار السياسي على وضعية النساء التي تفاقمت أيضا خلال الجائحة، مما ضاعف من معاناة النساء .
من جهة أخرى سلطت ميادة أبو جابر رئيسة جمعية عالم الحروف بالأردن الضوء على آثار قرارات الاغلاق على تزايد معدلات العنف الأسري خاصة النفسي والجسدي منه خاصة في المدن الكبرى.
وقد أشارت بريجيت شليبيان رئيسة منظمة عدل بلا حدود بلبنان أن “غالبية البلدان في تدخلاتها تركز على الدعم النفسي والاجتماعي وتغفل الاهتمام بضرورة توفير سبل الولوج الى العدالة للناجيات من العنف، مشيرة في هذا السياق الى قرار محكمة التمييز بلبنان القاضي بالبت في طلبات الحماية المقدمة من طرف النساء المعنفات عن طريق البريد الالكتروني وعقد الجلسات عن بعد، ورغم أهمية هذه المبادرة تبقى محدودة بسبب عدم التعريف بها”.
أشغال المؤتمر الإقليمي عرف أيضا تقديم مخرجات دراسة أعدتها جمعية جسور حول العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي بالمغرب، وقد أكد المشاركون في ختام هذا اللقاء على أهمية نشر الأحكام القضائية المبدئية، وتفعيل تدابير الحماية المنصوص عليها في قوانين العنف، وإيجاد مراكز الايواء، وخلق صندوق لدعم الناجيات من العنف، وتعزيز التنسيق، والتغطية الاجتماعية للنساء في جميع القطاعات، ومراجعة قوانين الشغل للأخذ بعين الاعتبار لمستجد العمل عن بعد، وأهمية اعتماد مفاهيم وأدوات عمل متناسقة وموحدة، وتثمين وتبادل الممارسات الجيدة والتجارب الناجحة، والاهتمام بالرقمنة، ووضع خطط استباقية لحماية الضحايا في أوقات الأزمات.