في الواجهة

مجلس الصحافة يرصد خروقات “ميثاق الأخلاقيات” في فترة “كورونا”

isjc

السفير 24

قال المجلس الوطني للصحافة إن الالتزام بأخلاقيات المهنة ركيزة من ركائز الممارسة الصحافية، لكنه يكتسي خلال الكوارث والأزمات والجوائح أهمية قصوى، خاصة مع ما يمكن أن تسجله مثل هذه الأزمات من انتشار كبير للشائعات أو الأخبار الكاذبة أو المضللة، لذلك يعتبر دور الصحافيات والصحافيين خلال جائحة كوفيد-19 محوريا، على اعتبار أن من شأن العمل الصحافي المهني والأخلاقي أن يساهم في إنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ الصحية.

وأبرز المجلس في تقريره المرحلي حول “كوفيد 19 ورصد أخلاقيات مهنة الصحافة”، الذي أعدته لجنة أخلاقيات المهنة بالمجلس لرصد خروقات ميثاق أخلاقيات المهنة الصادر بالجريدة الرسمي، “من أجل تنبيه الزميلات والزملاء لتفادي السلوكات غير الأخلاقية، خاصة في مثل هذه الظرفية، وتجويد أدائنا لمهامنا المجتمعية الأساسية، من خلال حلقات النقاش التي نعتزم تنظيمها مستقبلا حول أخلاقيات مهنة الصحافة، ومن بين ذلك خلال الأزمات”.

وأكد التقرير ذاته، أن المعالجة الإعلامية خلال الأزمات تتطلب من الصحفيين تركيزا وتشريحا دقيقا لمصادر الخبر وفحصا متأنيا لتوازنه واحتراما تاما لكل قواعد المسؤولية المهنية والأخلاقية والذاتية التي يتطلبها ذلك، مشيرا إلى أن الممارسة الإعلامية في ظرف استثنائي مثل هذا تتطلب جهدا وحذرا مضاعفا لأن أي انزلاقات أو تجاوزات يمكن أن تكون لديها انعكاسات على الأفراد والجماعات وعلى أمن وسلامة المجتمع.

ونوه المجلس، في تقديم التقرير، بقرار الصحافة الورقية الاستمرار في الصدور إلكترونيا وبالمجان، على الرغم من انعكاسات تعليق صدورها ورقيا وتوزيعها وشح عقود الإشهار، مستحضرة المصلحة العامة ودورها المجتمعي، رفقة المنابر الصحافية والإعلامية الأخرى، والانخراط في تنوير الرأي العام  والمساهمة في التصدي للأخبار الزائفة ودورها الحاسم في اتخاذ قرارات مستنيرة، مسجلا تثمين الوزير المكلف بقطاع الإتصال لروح المسؤولية والوطنية لدى الإعلام الوطني من بينها المؤسسات الصحفية المعنية بنشر وتوزيع الصحف والمجلات الورقية.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من ذلك، لم تسجل أي حالات مؤكدة في العالم تثبت احتمالات تلوث الصحف أو انتقال الفيروس عن طريقها، فعلى العكس من ذلك، استمرت الجرائد والصحف الورقية في الصدور بأكثر الدول إصابة بالفيروس، مستحضرا أن منظمة الصحة العالمية مخاطر الإصابة بالفيروس عن طريق طرد نقل وشحن من مكان لإلى آخر، هي مخاطر ضئيلة.

 أخلاقيات مهنة الصحافة خلال كوفيد 19

ذكر المجلس، أنه مع انطلاق حالة الطوارئ الصحية أوصى بضرورة الالتزام بأحكام ميثاق أخلاقيات الصحافة، مشيرا إلى أنه سبق أن عبر، في بلاغ صحافي سابق، عن إدانته لجوء بعض المواقع الصحافية إلى المتاجرة بموضوع وباء كورونا لتجقيق نسب أعلى من المشاهدة، مسجلا سعي بعض المواقع إلى استغلال انتشار الوباء لتقديم تأويلات وتفسيرات وحكايات عن المؤامرات، لا تستند على أي أساس علمي، هدفها تجاري محض، يتعارض مع الرسالة النبيلة للعمل الصحافي، ومعبرا عن شجبه لهذه الممارسات.

كما رصد المجلس، في إطار مواصلة تتبع احترام الصحافة المغربية لميثاق أخلاقيات المهنة، مجموعة من الخروقات الأخرى لأحكام الميثاق ومبادئه، خاصة ما يتعلق بالتضليل والسطو واحترام الخصوصية والحق في الصورة والمعطيات الشخصية والتمييز والكرامة الإنسانية والطفل، بمافي ذلك تهم المسؤولية المهنية، والمسؤولية إزاء المجتمع، والاستقلالية والنزاهة.

البحث عن الحقيقة ومعالجة الخبر ومصادره

وسجل التقرير، تداول عدد من المواقع الالكترونية، من بينها مواقع تابعة لجرائد ورقية، مقطع فيديو كان متداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم مطاردة عناصر الشرطة لمواطنين ومحاولة ضربهم، ليتبين أن الفيديو ليس له علاقة بالمغرب بل يعود لأحداث بالجزائر، مؤكدا على أن تعدد الآراء وتوازنها يمكن القارئ من تكوين رأيه بشكل مبني على معطيات متكاملة، لذلك يكرس ميثاق أخلاقيات المهنة ضرورة التمييز بين الخبر والتعليق بشكل واضح لتفادي الخداع.

ويشيد المجلس،  بأغلب الصحف الورقية والإلكترونية التي حرصت على استعمال عناوين إخبارية أو تقريرية أو مقتبسة، تتناسق في بعدها مع المواد الإعلامية التي وظفت من أجلها، معبرا في الآن ذاته عن تأسفه لخروج عدد من المنابر التي رصدها عن هذه القاعدة، وذلك عبر وضع عناوين مثيرة لا تتناسب مع المادة الإخبارية والركون إلى التهويل والتضخيم والتعبير عن مواقف وأحكام قيمة لا توجد لها أي مبررات أو سند في نص الخبر، مما يمكن اعتباره انزلاقا مهنيا وخرقا للقواعد الأخلاقية وللموضوعية.

كما يسجل المصدر ذاته، قيام بعض المواقع بسحب مقالات تبين لها أنها غير صحيحة أو أن تناولها كانت فيه تجاوزات غير مهنية، منبها إلى أن المهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة لا تقتضي سحب هذه المواد فحسب، وإنما تسليط الضوء على التجاوز وتدارك الأخطاء وتقديم الاعتذار عن ذلك، مراعاة للمصداقية ومن أجل المساهمة في تطوير الأداء المهني، ومشيرا إلى قيام أسبوعية ناطقة باللغة الفرنسية بتقديم اعتذار على نشر خبر تبين أنه عار من الصحة.

 الأخبار الكاذبة والتضليل

يورد لتقرير المرحلي للمجلس الوطني للصحافة، أن البعض عمد إلى استغلال الهويات البصرية لمنابر إعلامية من أجل فبركة وإذاعة صور تنقل أخبارا زائفة أو مضللة ونسبها لهذه المنابر، في خرق سافر لأخلاقيات المهنة، مبرزا تداول صور مفبركة لمنابر إعلامية تحمل أخبار غير صحيحة.

وأضاف المجلس، أن عددا من المنابر الإعلامية أقدمت على السطو على مواد صحافية لمنابر أخرى، دون الإشارة إلى مصادرها،وإن كان ذكر المصادر لا يبرر استعمالها وفق الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة، موردا أنه تم رصد بعد الحالات التي جرى خلالها التحايل لإخفاء الهوية البصرية لمصدر هذه المواد.

وأشار التقرير، إلى قيام بعض الزملاء باستعمال مواد محررة و/أو مصورة لزملاء آخرين في المهنة ونشرها دون إذن منهم، حيث رصد المجلس أمثلة لهذه السلوكات غير الأخلاقية و”السرقة الصحافية”، التي حسم القضاء في بعض منها، مسجلا تنديد بعض الزملاء بنشر مقالات رأي بإسمهم في مواقع إلكترونية دون الحصول على إذنهم وموافقتهم لإعادة نشر موادهم.

وفي هذا السياق، نبه المجلس إلى أن السطو على مقالات ومواد الزملاء الصحافيين، بالإضافة إلى كونه خرقا سافرا لأخلاقيات المهنة يستوجب التنديد والمساءلة، ويمكن أن يؤثر على صورة ومصداقية الصحافيين والمنابر الإعلامية التي يشتغلون بها، بشكل خاص، ومكانة الصحافة الوطنية لدى المواطنين، بشكل عام، علاوة على إخلاله وتأثيره على مبدأ التضامن والتآزر المفترض بين الصحافيين والسعي بشكل دؤوب إلى تعزيز أواصر الزمالة داخل المهنة، كما ينص على ذلك ميثاق أخلاقيات المهنة.

احترام الكرامة الإنسانية

رصد المجلس، أخذ موقع إلكتروني لتصريح من سيدة في وضعية إعاقة بشكل من شأنه أن يخرق مبدأ احترام كرامة الإنسان، مسجلا قيام الموقع الإلكتروني بتصويب واعتذار عن نشر فيديو “غير صالح”، بعد أن تبين للموقع أن الحالة العقلية للشخص المعني غير طبيعية، وهو ما كان يجب الانتباه إليه قبل نشر الفيديو.

التمييز والتحريض عن العنف وتمجيده 

في هذا الباب، سجل التقرير نشر موقع إلكتروني عن مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء وخطر نشرهم للفيروس، إذ يتضمن صورا نمطية عديدة، تشكل خرقا لأحكام ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة المتعلقة بالتمييز والتحريض عن العنف والكراهية وكذلك احترام كرامة الإنسان.

حماية القاصرين

وبشأن حماية القاصرين التي يكرسها ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، ذكر المجلس، أمام توالي نشر فيديوهات وصور الأطفال، ومن بينها نشر مقطع فيديو لطفل مصاب بفيروس كورونا، أنه ينبغي في جميع الأحوال مراعاة المصالح الفضلى للطفل وإعطائها الأولوية على أي اعتبار آخر واجتناب كل ما يمكن أن يعرض الطفل لأي وصم أو أذى أو إساءة مدى الحياة.

وأكد على أنه من أجل حماية حقوق الطفل واحترامها، يتوجب على الصحفي(ة)، طلب الإذن من الطفل والوصي عليه قبل إجراء أي مقابلة صحفية أو تصوير فيديو أو التقاط صورة توثيقية عندما يكون ذلك ممكنا، مذكرا أن ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة اعتبر أنه من مسؤوليات الصحافة الأخلاقية حماية القاصرين وصورهم في قضايا حساسة اجتماعيا.

احترام الحق في الصورة والحياة الخاصة 

ويشير المجلس، أنه من خلال مواكبة منابر إعلامية لتدخلات السلطات العمومية وتوقيف أشخاص يشتبه في خرقهم لحالة الطوارئ الصحية، خاصة في الصحافة الإلكترونية، تم رصد في العديد من المناسبات عدم حرص عدد من المنابر على حماية صورة هؤلاء الأشخاص واحترام حياتهم الخاصة، بحيث كان بعضهم يظهر في بعض هذه الفيديوهات بوجه مكشوف أو بشكل يسمح بالتعرف عليه، حتى في الحالات التي كان فيها احتجاج وتعبير صريح عن رفض التصوير من الموقوفين، لم تأخذ جميع الاحتياطات لحجب ملامح الأشخاص المعنيين لاحقا خلال نشر مقاطع الفيديو.

ونبه إلى أن هذه الحالات قد تؤدي إلى المساءلة، وقد يكون فيها بالإضافة إلى المس بالحق في الصورة، المس بقرينة البراءة وتشهير بالأشخاص، مؤكدا على أن عدم احترام الحق في الصورة يعد خرقا لأحكام ميثاق أخلاقيات المهنة، إذا لم يكن مبررا بضرورة إخبارية أو مبررة موضوعيا بمصلحة عامة، ومسا بحق يكرسه الدستور المغربي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك حماية شرف الأشخاص أو سمعتهم من أي تدخلات أو مس صادر عن سلطات الدولة أو عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين، معتبرا أن هذا الحق يتقاطع في كثير من الأحيان مع الحق في حرية التعبير.

وبخصوص توصيات التقرير المرحلي حول “كوفيد 19 ورصد أخلاقيات مهنة الصحافة”، يسجل المجلس طيلة مدة حالة الطوارئ الصحية العمل الإيجابي الذي تقوم به الصحافة والإعلام بالمغرب إزاء جائحة “كورونا” ومدى الالتزام والنضج الذي أبان عنه المهنيون، مثمنا التعبئة والجهود التي تبذلها الصحافة المهنية خلال هذه الأزمة.

ويهيب المجلس بالصحافيين الحرص على المهنية والحذر والتدقيق، حتى بمناسبة النشر على صفحاتهم الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي، والاستحضار الدائم لأدوارهم في المجتمع وسمعة المهنة والمنابر التي يشتغلون بها، وللضوابط الأخلاقية التي يجب الالتزام بها، في كل مرة يتعاملون فيها مع أي معلومة بين أيديهم.

كما حيى المجلس، مبادرات التحقق من مصداقية الأخبار وتوثيق مصادرها وتصحيحها عند الاقتضاء، التي انخرطت فيها عدد من المنابر الاعلامية، وكذلك انخراط الصحفيين أنفسهم على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، داعيا  إلى مأسسة مثل هذه المبادرات وتوزيع دور fact checking، ومراقبة صدقية الأخبار داخل المنشآت الإعلامية.

وشجب  المصدر ذاته، الخروقات السافرة التي تسيء إلى الجسم الصحافي، معبرا عن إدانته  لما يقدم عليه البعض من أفعال لا تمت للصحافة بقواعدها بصلة، ومسجلا الجهود التي تبذلها من أجل التصدي لكل من ينتحل صفة صحفي ويهيب على تعزيز هده الجهود.

هذا وسجل المجلس، تعميم النقابة الوطنية لدليل عمل بشأن كوفيد 19 واحترام أخلاقيات مهنة الصحافة، داعيا إلى إطلاق ورش ينخرط جميع الفاعلين المعنيين حول احترام أخلاقيات مهنة الصحافة وحقوق الإنسان في علاقتها مع حرية الصحافة وميثاق أخلاقيات المهنة خلال الأزمات.

ونظرا للهفوات والتجاوزات التي ما زالت تتكرر في العمل اليومي للصحافيين، بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف غالبيتهم، يشدد المجلس على ضرورة العمل على تعزيز التوعية والتحسيس بالقواعد المهنية والأخلاقية لترسيخ القيم والسلوكات الفضلى لدى صانعي الرأي العام.

وأبرز التقرير أنه اعتبارا للخروقات التي تم رصدها، سيضع المجلس الوطني للصحافة ولجنة أخلاقيات المهنة خارطة طريق لتطوير الممارسات الإعلامية خلال الظروف الاستثنائية، إذ تتضمن على سبيل المثال لا الحصر، تكثيف اللقاءات مع الجسم الصحافي حول القواعد المهنية والأخلاقية، وتنظيم دورات تكوينية موضوعاتية يساهم في تأطيرها خبراء في تدبير الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ الصحية.

كما ستتضمن الخارطة، تنظيم ورشات تكوينية حول إعلام الأزمات والحق في الخصوصية وفي الصورة، وإعداد دلائل عملية، بتعاون مع المنظمات المهنية والمختصة، الوطنية منها والدولية، لفائدة الصحافيين حول بعض المواضيع والقضايا والظواهر الاجتماعية والسياسية والقانونية والبيئية، وغيرها، يكون الهدف منها تعميم وتبسيط تناولها إعلاميا من طرف المهنيين.

هذا وتهم خارطة الطريق المرتقبة، دراسة المعالجة الإعلامية خلال حالة الطوارئ الصحية من أجل تقييم أشمل وأعمق حول خصوصيات هذه التجربة الإعلامية الاستثنائية واستخلاص الدروس لتجارب إعلامية مستقبلية، وتعزيز مؤسسة الرصد داخل المجلس الوطني للصحافة، من أجل التتبع اليومي للممارسة الإعلامية وتهيئ تقارير دورية في الموضوع، والعمل على تفعيل مشروع التربية على الإعلام، باعتبارها دواء لداء الفيك نيوز والأخبار الكاذبة والمفبركة والمضللة وغير الأخلاقية.

وختم المجلس الوطني للصحافة، تقريره باعتبار أنه من بين أدواره الرئيسية التحسيس والتوعية بضرورة احترام أخلاقيات المهنة؛ لكن هذا لن يحجب تفعيل اختصاصاته لحماية المجتمع وسمعة الأشخاص وكرامتهم، في مواجهة الخروقات السافرة، وترتيب الجزاءات التي ينص عليه قانونه.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى