تجاوزات إدارية حولت مصلحة الأمراض النفسية ببني ملال إلى جحيم

السفير 24
تتخبط مصلحة الأمراض النفسية بالمركز الإستشفائي الجهوي بني ملال منذ مدة في عدة مشاكل ترخي بظلالها على السير العادي لهذه المصلحة وجودة الخدمات المقدمة للنزلاء ؛ هذه المشاكل حولت مصلحة الأمراض النفسية والعقلية بالمستشفى الجهوي منذ شهور لفضاء احتجاج الممرضين على تدهور الأوضاع بسبب مواجهة شكاياتهم من طرف الإدارة الوصية باللامبالاة والأبواب المقفلة ، حيث أصبحوا يواجهون مصيرهم لوحدهم عوض الإستماع لمعاناتهم وإيجاد حلول كفيلة لإخراج المصلحة من الأزمة وتوفير الظروف والشروط الملائمة للمزاولة المهنية واحترام المعايير الجاري بها العمل لتجويد الخدمات المقدمة للنزلاء النفسيين ، وذلك عبر التطبيق التسليم للدوريات والمراسيم والقوانين لحماية الممرضين ، وخاصة منها ما جاءت به دورية لوزير الصحة السابق والتي تؤكد على أن المصالح التي تعتبر من المستوى الثاني والتي طاقتها الإستيعابية ما بين 20 إلى 40 سرير يجب أن يتكفل بها ممرض لكل 3 إلى 4 مرضى ، بينما يجد ممرضوا هذه المصلحة أنفسهم أمام واقع مخالف تماما ، فمثلا يتكفل أحيانا ممرض واحد بما يزيد عن 50 مريضا ؛ وبالتالي فلا يمكن للمصلحة استيعاب هذا الكم الهائل من النزلاء ، كما تقر الأطر الصحية بحجم الضغوط والإجهاد التي يعيشها الطاقم التمريضي الذي يؤكد أن هناك إرهاقا بدنيا و نفسيا وأحيانا يكونون عرضة لشتى أشكال الإعتداءات.
وأفاد مصدر نقابي ببني ملال لـ “السفير 24” أن مصلحة الطب النفسي بالمركز الإستشفائي الجهوي تحولت إلى جحيم من جراء تراكم المشاكل والمعضلات وسيادة قانون “الغاب” ، ونهج أساليب التعنت و المراوغة والإلتفاف على المطالب الملحة للشغيلة الصحية بالمصلحة والتجاء الإدارة إلى لغة التهديد بتوقيفهم عن العمل والوعيد بالمتابعات الإدارية الجائرة في حقهم ، و الإنتقام وفبركة الملفات وحبك المكائد للنيل من عزيمتهم في تغيير هذا الوضع المرير الذي يعانون منه وينعكس سلبا على جودة العلاج ، وكذلك توجيه الإستفسارات الكيدية وإمطارهم بالشكايات لا لشيئ سوى لمطالبتهم بالإشتغال وفق القانون ، الشيئ الذي أجج الأوضاع وأشعل فتيل الإحتجاج في الأسابيع الماضية من طرف الأطر الصحية الذين خاضوا عدة أشكال نضالية بعد تفاقم الأوضاع واحتقانها واستحالة العمل في تلك الظروف المزرية داخل المصلحة.
ومن المطالب المشروعة والعادلة التي يطالب بها ممرضوا المصلحة يؤكد ذات المصدر، احترام الظهير الشريف المنظم للصحة النفسية والنظام الداخلي للمستشفيات لاسيما في الشق المتعلق بالإستشفاء بمصالح الطب النفسي ، بحيث القانون ينص على الإستشفاء من طرف طبيب أخصائي في الأمراض النفسية والعقلية عوض أطباء المستعجلات أو طلبة الطب الذين يقومون بتحمل مسؤولية الإستشفاء ، مما ينتج عنه اكتظاظ كبير بالمصلحة وما لذلك أيضا من تبعات ومتاعب ومتابعات قانونية ، كذلك يطالب الممرضون بعدم سلب حرية الأشخاص ، بحيث يصل عدد النزلاء أحيانا إلى 120 مريضا ، في حين أن الطاقة الإستيعابية للمصلحة لا تتجاوز على أقصى تقدير 45 نزيلا.
كما يطالب الممرضون بضرورة حضور الأطباء الأخصائيين أثناء الخدمة الإلزامية ، بحيث أنهم لا يحضرون إلا يومين في الأسبوع وبتواطئ مكشوف من طرف الإدارة التي تتستر على غيابهم ، وبالتالي يبقى الممرضون في مواجهة مباشرة مع مرافقي المرضى وذويهم بتحريض من أطباء المستعجلات الذين يسلمون قرار الإستشفاء في خرق للقانون السالف الذكر، حسب المصدر.
وأضاف المصدر بأن ظروف الإشتغال داخل المصلحة لا يمكن وصفها إلا بالكارثية ، منها تصميم لايساعد تماما على المراقبة وغياب وسائل التثبيت الجسدية ، و كاميرا المراقبة والنقص الحاد في المعدات و الأدوية الضرورية ذات الطابع الإستعجالي ، ونقص حاد في غرف العزل وغياب تام للحماية الأمنية لاسيما بالليل ، بحيث لا تتوفر المصلحة إلا على حارس أمن خاص واحد فقط ، كما تعرف المصلحة روائح نتنة وغير صحية بسبب غياب النظافة.
وأمام كل هذه الإكراهات والمشاكل القائمة وبسبب كل هذه الممارسات الإدارية الشاذة والممارسات الغير سليمة في حق الشغيلة الصحية عوض انكباب المسؤولين على حلها وتوفير الظروف والشروط المناسبة ، والتي تستجيب للمعايير وتطبيق القانون، وكذلك لمواجهة كل أشكال الترهيب والإستبداد وسيادة الفوضى واللاقانون ، أججت الأوضاع وخاض على ضوئها الممرضون برنامجا نضاليا تصعيديا
وبعد صراع طويل و أخذ ورد يضيف ذات المصدر، أن الإدارة رضخت مؤخرا لحل بعض المشاكل أمام استماتة الأطر الصحية وارادتهم في تحقيق مطالبهم المشروعة و العاجلة، والمتمثلة أساسا في تحسين الأوضاع وظروف المزاولة المهنية ليتفاجؤوا بعد ذلك إلى عودة الإدارة إلى لغة الإنتقام عبر توجيه إستفسارين شديدي اللهجة لممرضين إثنين من طرف الإدارة ، وهذا ما اعتبروه شططا في استعمال السلطة وعليه فقد قرروا العودة إلى ساحة المعركة مجددا عبر تنفيذ وقفة احتجاجية يوم الإثنين المقبل أمام إدارة المستشفى، تتبعها مسيرة تنطلق من المركز الإستشفائي الجهوي بني ملال في إتجاه ولاية الجهة.