جريمة قتل إبن لوالده بعين حرودة…المجرمون الآخرون…؟!
السفير 24 | كريم اليزيد
لا يمكن أن نعزل حدث قتل إبن لوالده مؤخرا، و باقي المصائب التي حدثت و تحدث و ستحدث بعين عين حرودة، عن التحولات السوسيولوجية والأفعال غير القانونية التي تشهدها المنطقة، خاصة بالتجمعات البشرية العشوائية، و ما ينتج عنها من مشاكل اجتماعية معقدة و أمنية عويصة، و التي تشكل تحديات و إكراهات كبيرة، تستنزف طاقات فكرية هائلة و موارد مالية ضخمة ومساحات زمنية شاسعة تضيع معها الحقوق و المكتسبات و تدمر المبادرات و البرامج التنموية، و هي التحولات التي يلعب فيها برنامج إعادة الإيواء المدرج في إطار تهيئة مدينة زناتة الجديدة المحور الأساس، باعتبار أن مراحل تنفيذ مقتضيات هذا البرنامج، تشكل مجالات خصبة تنشط فيها لوبيات تفريخ البراريك و شبكات الفساد و الإتجار بالبشر و بآلامهم و مآسيهم من خلال استقطابهم و حشوهم في الدواوير المستهدفة من برنامج إعادة الإيواء، مشكلين بذلك كارتيلات انتخابوية و أحزمة البؤس و الإجرام التي تضع أجهزة الدولة أمام معظلات اجتماعية و أمنية جمة، كما تضع المشاريع التنموية أمام تحديات تقنية و إدارية و مالية صعبة، و تحكم عليها بالفشل في مهدها.
و هو ما تطرقنا إليه في مقال من جزئين نشر على صفحات جريدة “السفير 24” الإلكترونية بتاريخ 18 و 27\08\2019 تحت عنوان (من أغرق دواوير عين حرودة بالوافدين الجدد ؟! دوار جيني نموذجا) حيث أشرنا إلى الأفعال الإجرامية التي مورست و تمارس بدواوير عين حرودة، و حيث طالبنا بتحريك المتابعات القضائية ضد العقليات المتورطة في الأفعال التي ترقى إلى مستوى الخيانة والمس بالمصالح و بالإستراتيجيات التنموية الملكية و الحكومية، و بالتالي المساهمة في إفشال النموذج التنموي الوطني، الذي أعلن جلالة الملك عن فشله خلال الخطاب الذي ألقاه بتاريخ 13\10\2017.
و عليه فإن جريمة قتل (ف.ح) لوالده مؤخرا، ليست في نظرنا، إلا تحصيل حاصل و نتيجة تعكس العلاقة السببية بين هذا الحادث المؤلم و التجاوزات التي كان أبناء دوار غزوان ينددون بها بالتوازي مع إعادة إيواء جزء من هذا الدوار بتجزئة ديال المنصور التي لازالت بدون مرافق عمومية، اللهم مدرسة للاخديجة و مسجد عشوائي، و هي العملية التي أشرف جلالة الملك شخصيا خلالها على تسليم مفاتيح الشقق و شواهد الملكية لبعض الستفيدين من هذا الدوار و دوار كريسطال بتاريخ 29\01\2013.
فكيف تم تقييد الأب القتيل على لوائح المستفيدين من هذه العملية بمعية زوجته الثانية و ليس زوجته الأولى و أم أبنائه الخمسة، حتى تحولوا إلى السكن بالشقة التي كان يملكها الأب الهالك حتى قبل حصوله على الإستفادة من عملية إعادة الإيواء، و هي الشقة التي قتل بداخلها بعد حصوله على حكم بإفراغ أبنائه منها؟!
و كيف حصل على الإستفادة من العملية التي أشرف عليها جلالة الملك و قد كان مالكا منذ 2008 للشقة مسرح الجريمة؟!
إن مدمري المشاريع التنموية و المتلاعبين بأهدافها، و سماسرة العشوائيات و تفريخ البراريك، و توسيع أحزمة البؤس و حاضنات الإجرام، و المتاجرين في الشواهد الإدارية و المتسببون في خلق المآسي الإجتماعية و نسف التلاحم الأسري و المجتمعي، هم المجرمون الحقيقيون و الآخرون المشاركون بشكل غير مباشر في جريمة قتل (ف.ح) لوالده؟
وهم من يجب محاسبتهم اليوم قبل الغد، لأنه لا حصاد للنتائج المرجوة، دون تنقية الحقل من الأعشاب الضارة و غير المرغوب فيها .