أقلام حرةفي الواجهة

كلمات من وحي الحياة مع الأموات

le patrice

السفير 24 – بقلم الدهري عبدالكريم 

هناك من هم أحياء رغم أنهم أموات ،و هناك منهم هم أموات رغم أنهم أحياء..و هناك فئة ثالثة تموت و هي حية ،لتنسحب بهدوء من حياة ميتة…هي فئة ماتت أكثر من مرة و ستموت مجددا ،لتبحث عن حياة جديدة أو موت مختلف..سيعتقد الجميع أنها أنانية ..مريضة أو ربما مسحورة ..كما أعتقدوا كلما واكبوا حياة ميت حي أخر ..لكن يتجاهلون أو يجهلون ..أنهم هم من يصنعون ميتا جديد و من نوع أخر كل مرة و بطرق مختلفة …

حينما تحس أن هناك عنصرية تمارس عليك، من المقربين منك، تنسى عنصرية الوطن و تجدها أرحم.

حينما يهرب الكثيرون من أوطانهم فليس الأمر دائما متعلق بجور و ظلم مسؤوليهم، بل ما يخفونه و لا يريدون كشفه للرأي العام، يجعلهم يظلمون الوطن أكثر فأكثر محاولة منهم الحفاظ على بعض الروابط العائلية..فيتهمونه أنه السبب الأول و الأخير في معاناتهم، رغم أن معاناتهم لها شكل أخر و ليست بعيدة عن أبواب منازلهم..حيث تمارس عليهم أنواع كثيرة من الظلم المباشر و الغير المباشر..إن العدل الذي يحرمنا متعة الحياة الحقيقية ليس دائما عدل الملوك و الرؤساء، بل عدل الأباء عدل الأمهات عدل الإخوة عدل الأخوات، عدل العائلة كلها بصفة عامة، يليها الجيران هكذا و دوليك..غير أننا ننسى ظلم كل هؤلاء و نذم ظلم الوطن و الوطن الأحق باللوم هم هؤلاء ..لكننا في مجتمع غبي جاهل مستبد …يحرم عليك لذة الحياة و يرميك في مستنقع المجهول، للهروب من السخط و البحث عن الحرية، والحرية ليست هي الحياة خارج اسوار السجون، بل الحرية هي العيش خارج أسوار عنصرية المقربين منك قبل أي كان أخر.

خرجات بعض المغتربين، مستمرة في تهييج المواطنين كل مناسبة حساسة وجدوا فيها الفرصة لإشعال الفتنة..هي تحريض واضح للخروج للشارع و خلق الفوضى من قبل شعب يصعب قيادته و التحكم في تصرفاته، كما أنهم  لا يتوانون في التقليل من إحترام رمز الدولة المغربية و وصفه بأبشع النعوت ..كما يتهمون الشعب بالجبن و غيره…

نعم كل هذا أصبحت لهم الشجاعة و القدرة على قوله لأنهم الأن يعيشون خارج البلاد و قبله لم يكن لهم وجود…إن كانوا قد غادروا التراب الوطني من أجل حياة كريمة، فبالصحة و الهناء، لكن ليس لهم الحق أن يدعوا الشجاعة و يهرفون بما لا يعرفون، فقط من أجل الظهور بصورة المناضلين و الأبطال..الأبطال و المناضلون من يناضلون على أرض الواقع، دون المس بأمن و إستقرار الوطن..لنتحدث دون اللجوء إلى العاطفة :

المغرب فيه فساد كبير نعم، لكن دون أن ننسى أن هذا الفساد من هذا الشعب اللعين و ليس من غيره.

الزفزافي و رفاقه ناضلوا من أجل حقوق مشروعة نعم ، لكن لا يجب أن ننسى أنهم وقعوا في المحظور أكثر من مرة و إرتكبوا أخطاء قاتلة..

الأحكام التي صدرت في حق مجموعة من المناضلين نعم قاسية، لكن لا يجب أن نتجاهل أن ما رافق بعض الإحتجاجات كان قاسيا جدا على الوطن…

الحكومة حقيرة و مجرمة ،و الحكومة العميقة ظالمة و مستبدة نعم ،لكن هذا الشعب لا يستحق غيرهما .و الواقع يؤكد هذا يوميا..فلا يمكن أن تحكم الملائكة على الشياطين..

نعم هضمت الكثير من حقوقنا كما نهب الكثير من أموالنا، لكن السبب هو أننا لا نعرف واجباتنا و ما لنا و ما علينا ..و نعيش فقط من أجل أنفسنا ،لا نرحم حتى أقرب الأقربين منا ،فكيف نريد من الأخرين أن يرحمونا..

الحديث يطول ،غير أن المنطق كما أراه شخصيا يحتم علي أن لا أنساق وراء العاطفة ،و أنتقد طرفا دون الأخر ..جميعنا على خطأ و كل ما يصيبنا فهو من شرور أعمالنا… 


أي حراك شعبي و في أي منطقة كانت يقوده الحربائيون، لن يأتي بأي نتيجة إيجابية بل ربما يأتي بما هو أسوء.. النضال المثمر الذي أراه شخصيا في هذه المرحلة هو المقاطعة ..مقاطعة كل ما يمكن أن يكسر شوكة الفساد..لكن مع الأسف ما زالت هذه الثقافة ضعيفة جدا و لم تتبناها فئة عريضة من الشعب..أما من يدعون إلى الخروج للشارع يجب أن يتفرغوا للدعوة للمقاطعة أكثر فهي السبيل الأنجع لتحقيق بعض المكتسبات دون أي أضرار أو ضرر بالوطن ، شريطة إستخدامها بعقلانية …أما دعوتهم للخروج للشارع فهو دليل على فشل تبنيهم للمقاطعة بشكل واضح و هادف و لا يجدون إلا الشارع لإستعراض العضلات و اللعب بالنار ..

مقاطعة منتوجات رموز الفساد بالمغرب ،أمر سهل جدا ،و لكن من الصعب إقناع الجميع بهذه الخطوة..و بدون هذه الخطوة لا يمكن إضعافهم ،و ماداموا أقوياء ،فمن الصعب أن يتم إعتقالهم بسبب الفساد ..فنسبة مهمة من الشعب تزكيهم كل إنتخابات ،كما يزكيهم نفوذ المال ..

نعم مكان أغلبهم السجن ..و سيكونون بعيدين عنه جدا ،إلى أن يعي الشعب أنه يملك القوة في إذلالهم و نبذهم و إفشال مخططاتهم و رميهم في حاويات الأزبال دون المس بالوحدة الوطنية أو إستقرار البلد..أما و الشعب مستمر الدوران في حلقة فارغة من الجدية و العزم الكبير ..زد على ذلك مطالبته بالمستحيل و عجزه عن تحقيق السهل اليسير ..فكل ما يحدث يبقى زوبعة في فنجان …

الأغلبية من الشعب فاسدة أقولها و أكررها ،حينما نجد مدونين مشهورين و لهم ألاف المعجبين ،يستندون على أخطاء مروعة و إشاعات مغرضة لكتابة تدويناتهم المؤثرة على الرأي العام ،فاعلم أنك تعيش في مستنقع من الدناءة يكسوا هذا الواقع الزائف و يحرضك أكثر على السلبية و يوجهك إلى الأسوء…ما زالت حروبنا ضد الفساد هي الفساد عينه..أخرها إشاعة إعفاء شركة دانون من الضرائب ..تصبحون على إشاعة مغرضة جديدة على صفحة مشهورة أو في تدوينة لصاحبتها أو لصاحبها المؤثر..

ليس الأمر بغريب أن ننساق وراء أي شيء فنحن مجتمع، أنجب فكر ساكنة جبل سرغينة،أنجب فكر الأسطورة الزفزافية، أنجب فكر ولد زروال ،فكر جماعة زحليكة و غيره ..و القادم أحلى إن شاء الله..

إن الإجماع و السيط الذي حضيت به قضية الزفزافي خارج حدود الريف، ليست لأن الزفزافي على حق في كل ما كان يقوم به، بل لأن كل هيئة أو جهة أو جماعة ما وجدت في شعبية الزفزافي ،فرصة لإستعراض العضلات على الفساد الذي حرمها من حقها في بعض الكراسي و المراسي…الحقيقة أنهم يستغلون كل شيء ينساق وراءه القطيع لإبراز أنيابهم التي لن تخدم إلا ذئبيتهم في غابة الشعب الأليف العاشب…إنهم يجعلون منك أسطورة حين تلعب لك بعض أوراق الصدف ليكسبوا الشرعية و الموقع ..أما أنت فمكانك في الاخير بين أربع جدران، أنت تريد أن تخلد إسمك في التاريخ و هم لا تهمهم مزبلة التاريخ بل يهمهم أن يعيشوا حياتهم ملوكا هنا و قصورهم في المريخ …

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى