
السفير 24 – زهيرة لبيض
في إطار انفتاح نقطة الاتصال لمؤسسة وسيط المملكة بجهة سوس ماسة على محيطها الخارجي، نظمت هذه الأخيرة يوم 13 أكتوبر 2025 جلسة عمل مع المرصد المغربي لحقوق الإنسان – فرع أكادير.
قدم خلالها السيد نبيل لحبيب، المكلف بنقطة الاتصال، ورقة تعريفية بمؤسسة وسيط المملكة وأدوارها الدستورية وطرق اشتغالها. كما تم تقديم صورة عامة عن البرنامج الوطني الذي أطلقته مؤسسة وسيط المملكة تحت شعار: “نحو إدارة المساواة ما بين الجنسين”، وأهمية انخراط المجتمع المدني في النقاش العمومي الدائر حوله، لبلورة اقتراحات عملية وواقعية.
ودعا السيد لحبيب المرصد المذكور إلى تقديم مقترحاتهم أو تطلعاتهم أو اهتماماتهم ذات الصلة بالموضوع من خلال المنصة الرقمية التي أحدثتها المؤسسة لهذه الغاية، والتي تتيح كذلك للمواطنات والمواطنين إبداء آرائهم، مشدداً على ضرورة جعل هذه الجلسة أرضية أولى للنظر في إمكانية تطوير أوجه التعاون بين المؤسسة والمرصد المذكور.
في مشهد حقوقي يعيد ترتيب العلاقة بين المواطن والإدارة، وبين الفعل المؤسساتي والمجتمع المدني، احتضنت نقطة الاتصال لمؤسسة وسيط المملكة بجهة سوس ماسة يوم 13 أكتوبر 2025 لقاءً تواصلياً نوعياً مع المرصد المغربي لحقوق الإنسان – فرع أكادير، في إطار سياسة الانفتاح والتفاعل التي تنتهجها المؤسسة على محيطها الخارجي، قصد ترسيخ ثقافة الوساطة والحوار، وتجسيد فلسفة الإنصات كمدخل لإصلاح العلاقة بين الإدارة والمواطن.
في مستهل اللقاء، قدم السيد نبيل لحبيب، المكلف بنقطة الاتصال، عرضاً تعريفياً شاملاً حول مؤسسة وسيط المملكة، أبرز فيه موقعها الدستوري باعتبارها هيئة مستقلة تعمل على ترسيخ مبادئ العدالة الإدارية وصيانة الحقوق وتجويد علاقة المواطن بالمرفق العمومي. كما بسط أمام الحاضرين طرق اشتغال المؤسسة وآليات تدخلها، سواء عبر استقبال التظلمات أو عبر إبداء التوصيات والمقترحات ذات الطابع الإصلاحي في مواجهة مظاهر الشطط أو انغلاق الإدارة.
ولم يفت السيد لحبيب أن يقدم صورة عامة عن البرنامج الوطني الذي أطلقته مؤسسة وسيط المملكة تحت شعار: “نحو إدارة المساواة بين الجنسين”، وهو برنامج يحمل في جوهره بعداً فلسفياً واجتماعياً عميقاً، يقوم على تفكيك البنية الذكورية التي ما تزال تتخلل بعض مفاصل الإدارة العمومية، وعلى الدفع نحو ترسيخ مبدأ المساواة كقيمة مؤسسة للمواطنة الكاملة. وقد دعا في هذا السياق إلى انخراط المجتمع المدني في النقاش العمومي الدائر حول الموضوع، من خلال تقديم تصورات عملية وواقعية عبر المنصة الرقمية التي أحدثتها المؤسسة، والتي تتيح للمواطنات والمواطنين الإسهام بأصواتهم وآرائهم، في ممارسة ديمقراطية تشاركية حقيقية تتجاوز حدود الشكوى نحو أفق الاقتراح والإبداع المؤسساتي.
في المقابل، لم يكن المرصد المغربي لحقوق الإنسان بأكادير مستمعاً صامتاً، بل فاعلاً نقدياً بامتياز، حيث أغنى رئيس المرصد ومجموعة من أعضاء مكتبه المحلي النقاش بقراءات ميدانية ومعاينات دقيقة، تطرقت إلى اختلالات المساواة بين الجنسين في الولوج إلى الخدمات الإدارية والمرافق العمومية، مستعرضين حالات ملموسة تكشف عن الحاجة إلى إصلاح ثقافي وإداري موازٍ.
لقد تحول اللقاء إلى فضاء مفتوح للحوار حول الفعل الإداري والعدالة النوعية، حيث تفرعت النقاشات نحو قضايا أخرى تلامس مهام مؤسسة وسيط المملكة، كحق المواطن في المعلومة، ومسألة الإنصاف الإداري، والتدبير الترابي للحقوق.
وفي عمق هذا التفاعل بين المؤسسة والمرصد، بدا أن الأمر يتجاوز مجرد جلسة عمل شكلية، إلى تأسيس أرضية فكرية وشراكة محتملة تنبني على قناعة مشتركة مفادها أن العدالة الإدارية ليست شأناً تقنياً محضاً، بل هي رهان مجتمعي أخلاقي، وفعل ثقافي يؤسس لكرامة المواطن في علاقته بالمرفق العام.
إن اللقاء، بما حمله من دينامية فكرية وتشاركية، يشكل خطوة رمزية نحو ترسيخ فلسفة الوساطة المواطِنة، تلك التي لا تكتفي بحل النزاعات بين المواطن والإدارة، بل تسعى إلى إعادة بناء الثقة كشرط وجودي لأي إصلاح حقيقي. ففي زمن تتناسل فيه الشكوى وتتعقد فيه مسارات العدالة، تبرز مؤسسة وسيط المملكة والمجتمع المدني كشريكين في مهمة واحدة تتمثل في إعادة الاعتبار للإنسان كمحور لكل سياسة عمومية، وللمساواة كقيمة تتجاوز النصوص نحو الممارسة اليومية.



