الوضع الإستشرافي الليبي بين إعادة الإعمار أو إستمرار الدمار
الوضع الإستشرافي الليبي بين إعادة الإعمار أو إستمرار الدمار
السفير 24 – فؤاد الصباغ/ كاتب و باحث تونسي
كان يوم السبت 16 نوفمبر 2024 حدث ليبي هام من خلال تنظيم إنتخابات محلية على 58 مركز بلدية موزعة بين الشرق و الغرب والجنوب، وذلك تحت مساعى اممية من أجل لم شمل الأطراف الليبية المتنازعة على السلطة و كجس نبض داخلي لما يمكن أنّ يحدث قبل إنجاز أى إستحقاق إنتخابي اخر و أيضا لتحديد ردود فاعلية الأطراف السياسية النائمة. فوفقا للتقارير الرسمية و الأخبار الليبية تؤكد نجاح عملية الفرز و الإعلان عن قائمات الفائزين بتلك الإنتخابات ولو أنّ العملية كانت بصفة محتشمة نظرا لمشاركة 143 ألف ناخب رجال و نساء بنسبة 71.2% من قائمة الناخبين المسجلين.
فتلك الإحصائيات للمشاركين بعملية الإنتخاب تعد ضعيفة مقارنة مع عدد السكان الإجمالي لدولة ليبيا، وهذا يفسر بعزوف كلي عن الحياة السياسية و رغبة المواطن الليبي بالإهتمام بشؤونه المعيشية و مشاغله اليومية على أنّ يتابع الأحداث السياسية أو العسكرية و التي تلاعبت بها أطراف دولية و أدخلت هذا البلد الذي كان ينعم بالأمن و الإستقرار في نفق مجهول.
فبالعودة إلى الماضي و قبل ما يعرف بثورات الربيع العربي، نذكر أنّ ليبيا شهدت تجربة إقتصادية نموذجية تحت نظام الفكر الإشتراكي الجماهيري الذي كان ركيزته التجربة التنموية المركزية الشاملة.
إذ تعتبر تلك التجربة المستلهمة من الفكر الماركسي و إمتدادها مع التجربة اللينينية و الشوعية الصينية نظام داعم لطبقة الفقراء بحيث تعتبر اليد العاملة هي أساس الثروة الوطنية و توزيع ريع الثروات الطبيعية و الناتج القومي الخام بالتساوى بين كافة الطبقات هو أساس هذه التجربة التنموية المركزية الفتية. بالنتيجة تبسط الدولة يدها على كافة المؤسسات و الهياكل الإدارية و يكون صندوق الدعم الحكومي أو بما يسمي بصندوق التعويض هو الحافز الإجتماعي الرئيسي لتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين و الحد من ظاهرة الفقر و تحقيق العدالة الإجتماعية من المنظور الإقتصادي. لكن في المقابل كانت الأوضاع السياسية منغلقة بالكامل تحت نظام دكتاتوري مقيت و أحيانا تشهد تلك الأوضاع إضطرابات مع الدول الغربية وخاصة منها مع الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لرفع العقيد معمر القذافي شعار التحدى و الوعد و الوعيد من خلال التهديد والتصعيد كسلاح في وجه أعداء هو يعتبرهم أنهم تهديد و خطر داهم على الأمن القومي لبلده، مما خلق بدوره بيئة في عدم الثقة مع الأطراف الدولية الفاعلة و التي إنعكست سلبا على دولة ليبيا في فترات معينة من خلال فرض حصار أو عزلة سياسية دولية.
فتلك التراكمات الداخلية و الخارجية من دكتاتورية و سياسة إنغلاق طيلة سنين طويلة و خاصة منها التحالف الليبي-الروسي في المجال العسكري وفرض قيود على بعض الإستثمارات في الشركات النفطية و التحكم المباشر في أسعار و إنتاج النفط و الغاز خلق بدوره عامل إضافي جعل من دولة ليبيا في دائرة المخططات العالمية من طرف الدول العظمي لإسقاط نظامه مهما كان الثمن.
فمع بداية بما يسمي الثورات العربية و الإحتجاجات الشعبية المتتالية و التي يعتبرها البعض طبيعية وهي من إفرازات الكبت السياسي و طغيان الأنظمة الدكتاتورية السابقة وتندرج كسقوط قطع لعبة الدومينو، لكن في المقابل توجد طبقات مثقفة تفهم جيدا معني طبيعة “الصراع الدولي على النفوذ” و الأجندات لتلك الدول العظمي الفاعلة في المشهد الجيوسياسي الدولي بحيث تضرب بعرض الحائط سيادة تلك الدول الضعيفة والتي تصنفها ضمن مستعمراتها السابقة والتي تتدخل في شؤونها الداخلية و مقايضتها بمصالح معينة مقابل الإعانات الغذائية و المالية، وبالنتيجة هي التي تحدد مسار سياستها و علاقاتها الدولية و أيضا مصالحها الإقتصادية، التجارية و المالية و تجعلها دائما في تبعية مطلقة.
فدولة ليبيا لم تكن خلال تلك الفترة بعيدة عن المشهد الدولي و مرمى الإستهداف لأطماع القوى العظمي بحيث لأول مرة لم يستعمل الحليف الروسي حق النقض الفيتو في وجه حلف شمال الأطلسي “الناتو” لحماية دولة ليبيا عندما أعلن الأخير تدخله المباشر بالقوة العسكرية سنة 2011 للإطاحة بنظام العقيد، وهذه تعتبر مناورة أخري من جانب الدب الروسي الذي إستفاد كثيرا من التجارب السابقة على غرار تجربة حرب أفغانستان لتكون تلك الدولة مستنقع جديد للدول الغربية و حلفائها. إذ منذ تلك الفترة إلى غاية اليوم شهدت ليبيا أحداثا مأساوية إجتماعية، إقتصادية و سياسية و دمار في البني التحتية بمختلف المناطق الليبية خاصة خلال العشرية الفارطة بحيث ظهر ما يسمي “دولة الخلافة الإسلامية”. بالإضافة إلى ظهور حركة الإخوان الإسلاميين وهم بدورهم أدوات تستعملهم الإدارة الأمريكية من أجل القضاء على الأنظمة السابقة بإعتبارهم أكبر المضطهدين و ضحايا تلك الأنظمة السابقة.
فمع بداية العقد الفارط المرير و بروز بما يسمي داعش الذي كان داهس على نفوس المواطنين الليبيين بحيث لم تشهد دولة ليبيا منذ قرون مثل ذلك الدمار والفوضى العارمة، مما أدت تلك الأحداث للبداية الأولى لتقسيم ليبيا الى أجزاء. بالتالي كانت المخططات للأطراف الدولية الفاعلة منذ البداية واضحة و هي خلق إنقسام داخلي وتشرذم في المواقف و غياب سلطة الدولة والقرار السيادي الواحد. بالنتيجة تكونت مجموعات داخلية منقسمة و لها توجهات و أجندات ومصالح خاصة ووظفت بدورها كأدوات داخلية فاعلة لها مسارات لتنفيذ مصالح وتعليمات أجنبية.
فهذا الصراع الداخلي على السلطة وتغليب المصلحة الخاصة على العامة خلق مفهوم “الفوضي الخلاقة” الداخلية في المشهد السياسي. فتركيبة تلك الأطراف الدولية المتلاعبة بالمشهد الليبي تعتبر معقدة جدا بحيث نجد القطبين الرئيسيين وهي الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة مباشرة مع روسيا على المصالح السياسية والإستراتيجية بالمنطقة إلى جانب حلف شمال الأطلسي و الصين و بعض الدول التي تمارس الضغوطات و التدخلات بالوكالة على غرار تركيا و قطر من جهة و مصر و الإمارات العربية المتحدة من جهة أخري. فتلك الأطراف الأربعة الأخيرة هي أيضا بدورها أدوات تستعملها الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة مصالحها وخاصة من خلال خلق نظام الخلافة الإسلامية و الإخوان المسلمين وجعل لهم مصدر تمويل ودعم من جهات معينة تعتبر أصلا هي حليفة لهم و ترويجها بخطرهم على بلدان أخري. في تلك التركيبة في الصراع الدولى على النفوذ أضحت اليوم “حرب عالمية ثالثة” ممكن تسميتها بنوعية جديدة من الحروب الصامتة أو الحروب بالوكالة وهي تصنف على أنها شبيهة بسرطان حقيقي بنخر كدولة حتى اسقاطها و التلاعب بثرواتها و سلطة قرارها.
فتلك النوعية من الحروب المتطورة كان بدايتها مع مطلع العقد الفارط وممكن أن تستمر لسنين طويلة قادمة لأن تلك المخططات ستشمل أغلب الدول المستعمرة السابقة وربما ستحدد ملامح العالم الجديد مع موفي سنة 2050. فاليوم تعتبر دولة ليبيا حلبة صراع دولي حقيقي نظرا لموقعها الإستراتيجي في المحيط المتوسطي و تزايد الأطماع الغربية على مواردها الطبيعية و امتدادها الجغرافي نحو بقية الدول الإفريقية. فبالنتيجة ظهرت تلك الإنقسامات الداخلية و تجزئة تلك الدولة الى دويلات داخلية وأقاليم وحكم فيدرالي منها حكومة الشرق ببنغازي والتي لها برلمان و أجهزة سياسية مستقلة و حكومة الغرب المعترف بها دوليا ومقرها العاصمة طرابلس و نظام القبائل الذي يشكل بدوره ثقل اجتماعي وسياسي هام في المشهد الليبي الداخلي و خاصة منها الإعتماد على حشد تلك العروش من القابل لخدمة أجندات معينة خاصة منها أنصار النظام السابق والذي يعتبر مهم جدا بالنسبة لطرف دولي فاعل ومهم وهو روسيا في مخططاتها الإستشرافية. بالإضافة إلى ذلك ظهور ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة وهو هيكل استشاري داعم لحكومة الشرق أكثر من الغرب لكن في المقابل أضحى له دور سياسي و أطماع إضافية، أما الأهم في كل تلك الأطراف الداخلية الفاعلة هو بروز تشكيلة القوات العسكرية الجديدة بقيادة المشير خليفة حفتر والذي أصبحت تراهن عليه القوى العظمى أكثر فأكثر لخدمة مصالحها. فتلك التركيبة السياسية الداخلية لها أطماع شخصية بالدرجة الأولى من أجل الإستحواذ على السلطة و السيطرة على ثروات البلاد من “النفط و المال”.
إلى جانب هذا الخضم السياسي المعقد أصلا و التشكيلات الداخلية ظهر بما يسمي “الفيلق الروسي” و الذي كان يعرف سابقا بمجموعات فاغنر، فهذا الأخير والذي يعتبر منتج روسي جديد ظهر في صلب الحروب بالوكالة تحت قيادة مليشيات متنوعة و مسير من مركزية القرار وزارة الدفاع الروسية خلق خطر داهم جديد ليس فقط على دولة ليبيا بل على القارة الإفريقية ككل. فبالعودة إلى الخلفية السياسية للمشير خليفة حفتر و الذي أعلن علنا عن تحالفه الرسمي مع هذا الفيلق الجديد، فهو كان ضمن قوات العقيد معمر القذافي خلال فترة حكمه و متشبع بالفكر الإشتراكي و نظام الجماهيرية الليبية الشعبية و مبادئ الكتاب الأخضر ونظرا لفشله في تجربة حرب التشاد وعدم ثقة العقيد بمهامه إلتجأ للمغادرة السياسية و طلب اللجوء بالولايات المتحدة ليعود مجددا الى دولة ليبيا و حنينه للماضي و للسلطة اتضح بقوة منذ البداية مهما كان الثمن. فهذا الوضع الهش من خلال حرب الكر و الفر على مداخل مدينة طرابلس و الإستيلاء أحيانا على المعابر الحدودية سيعمق من الوضع الراهن و المستقبلي وسوف يؤدي الى عدم الإستقرار و العودة دائما الى نقطة الصفر كلما وجد مخرجا لأزمة. فتلك المناورات العسكرية لقيادة المشير حفتر ستخلق الإضطرابات المتواصلة و المتقطعة بين الحين و الحين وذلك في مسار تعطيل أى مسعى أممي للحل السلمي الذي ترغب به بعض القوى الدولية الفاعلة. فذلك الإنقسام الداخلي الليبي هو مفتعل وهو يندرج ضمن مسار توجيهي و “حرب صامتة بالوكالة” ضمن مخطط كبير سيشمل القارة الإفريقية ككل ليشكل بالنتيجة النظام العالمي الجديد.
فالوضع الليبي له امتداد بما يحدث بدولة السودان و بقية دول الساحل و الصحراء التي شهدت بدورها سلسلة انقلابات متتالية و انفصالها عن حضن مستعمراتها السابقة وآخرها كان دولة التشاد التي ألغت اتفاقية التعاون العسكري مع دولة فرنسا.
فهذا الصراع الدولي على النفوذ سيكون أبرز مستفيد من نتائجه هي دولة الصين الشعبية والتي لها مخطط استراتيجي لسنة 2050 والذي حققت منه بعض الأهداف من خلال يدها الخفية و قوتها الإقتصادية و التجارية الناعمة و الضاربة بقوة بالقارة الإفريقية وأيضا من خلال تحالفها الإستراتيجي مع القوة العسكرية الروسية بحيث توفر لها التسهيلات والدعم الإقتصادي و العسكري و اللوجستي و التقني و أيضا البشري عن طريق حلفتها كوريا الشمالية.
فكل تلك الأحداث مترابطة بعضها ببعض من حرب أوكرانيا مرورا بسلسلة إنقلابات القارة الإفريقية الى الحرب بمنطقة الشرق الأوسط، فكل تلك العوامل تبشر بحرب عالمية جديدة من نوع جديد ستكون بها الحروب بالوكالة و التكتلات الإقتصادية و السياسية من أبرز سماتها، ونذكر في هذا السياق تكتل فضاء البريكس و مدى تأثيراته من خلال عقد تحالفات استراتيجية و ضم دول جديدة في تكتله والذي يمثل اليوم ثقلا ديمغرافيا و جغرافيا و اقتصاديا ضاربا على الصعيد الدولي.
فبالعودة إلى المشهد الليبي في خضم هذا الصراع الدولي الراهن رغم مساعي الأمم المتحدة لإيجاد مخرج لتلك الأزمة يرضي جميع الأطراف من خلال مبادرتها بتنظيم انتخابات بلدية كبداية لتسوية وضعية الجمود السياسي وذلك على مرحلتين بعد انجاز المرحلة الأولى يوم 16 نوفمبر 2024 و الدورة الثانية ستكون يوم 25 جانفي 2025، إلا أنّه بعد الإعلان مباشرة عن نتائج الدورة الأولى برزت خلافات داخلية حادة منها إعلان أنصار النظام السابق فوزهم تحت قيادة المرشح السابق للإنتخابات الرئاسية سيف الإسلام القذافي و أيضا إنفجار الوضع داخل مدينة طرابلس والذي كاد أنّ يؤدي لانقلاب و تدخل عسكري خاصة من خلال تدخل الطرف الثاني المساند وهو المشير خليفة حفتر. بالنتيجة كان جس النبض من طرف الولايات المتحدة والقوى الغربية من بوابة الأمم المتحدة للحل السلمي فاشل نوعا ما قصد استكمال مرحلة تنظيم بقية الإنتخابات، وهذا يذكرنا بنفس السيناريو الجاري بالسودان من خلال رفض روسيا للحل السلمي و استعمال حق النقض الفيتو ردا على النوايا المبيتة في الحرب الصامتة بين الطرفين. فاليوم تعتبر روسيا و الصين أبرز دولتين لها أطماع كبري ليس فقط بليبيا بل بكامل القارة الإفريقية بحيث تغيرت لغة الخطابات لأغلب قادة تلك القارة و عقدها لتحالفات استراتيجية مع تلك الدولتين إلى جانب رفض روسيا لأي استقرار بأي دولة بتلك القارة حتى تحقيق أهدافها كاملة أو جعلها مستنقع وحل للولايات المتحدة الأمريكية و حلف شمال الأطلسي.
أيضا تلعب تلك الدولتين في صلب هذا الصراع الدولى على النفوذ بالقارة السمراء دورا محوريا للسيطرة على جميع المنافذ الإستراتيجية و البوابات الرئيسية للقارة منها شرقا من خلال دولة السودان التي تنفتح على دول القرن الإفريقي و شمالا على دول شمال افريقيا و غربا على دول الساحل و جنوبا على بقية دول افريقيا. أيضا سيكون نشاط الفيلق الروسي متصاعد في السنوات القادمة، وربما سيتحول تركيزه نحو البوابة الغربية على غرار دولة موريتانيا ليشكل أكبر ضربة لتواجد القوى العظمى المقابلة منها حلف شمال الأطلسي و الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المنطقة ويطوق تواجد وذلك قوات الأفري كوم في الأطلسي المغربي و بقاعدة طنطوان العسكرية.
إجمالا رغم تلك الإستثمارات الواعدة التي تشهدها ليبيا بالمنطقة الشرقية و ملامح اعادة الإعمار و التي استحوذت علي أغلبها شركات صينية خدمة لمصالحها و مساعي الأمم المتحدة لتحقيق الإستقرار السياسي، إلا أن الرؤي الإستشرافية تتجه نحو مزيد تأزم الوضع الليبي أكثر فأكثر نظرا لتراكم تلك التدخلات العميقة في الشأن السياسي الليبي الداخلي و سلب السيادة الوطنية و تقرير المصير لذلك الشعب المسكين. فالوضع ممكن أن يتجه نحو تقسيم ليبيا الى ثلاثة اقاليم شرقا و غربا و جنوبا أو الإتجاه نحو الأسوء و فرض كل طرف دولى فاعل أجنداته بالقوة. فهنا يمكن القول إما أنّ توحد ليبيا تحت مظلة سياسية واحدة و يتنازل كل طرف دولى لحساب الطرف الآخر في هذا الصراع الدولى الشديد بالمنطقة أو ننتظر الحرب المضادة الشاملة و التصعيد الكبير ليس فقط بليبيا بل بكامل القارة الإفريقية لأن التجربة التاريخية أثبتت أنّه عندما توجد ثورة تكون لها ثورة مضادة و عندما توجد انقلابات عسكرية توجد لها انقلابات مضادة و عندما يوجد تسليح و فوضي عارمة تكون لها المضاد العكسي حتي تتحقق الأهداف و النتائج المنشودة لكل طرف في ظل هذه الحروب الجديدة الصامتة و بالوكالة.