كرنفال بوجلود بين الموروث الثقافي وحداثة المجتمع
كرنفال بوجلود بين الموروث الثقافي وحداثة المجتمع

السفير 24 – فاطمة الزهراء حبيدة
ترتبط مناسبة عيد الاضحى بعادة سنوية ألا وهي “بوجلود” أو ما يعرف كذلك باسم “بيلماون” وهو مهرجان سنوي يعقد في أول أيام عيد الأضحى، إذ يرتدي بعض الشباب المتوطوعين جلود الماعز بعد غسله وتلوينه، وارتداء أقنعة أو وضع رموز وألوان على وجههم بحيث يتغير مظهرهم كليا بشكل يوصف بالغريب والمخيف أحيانا، ويخرجون للشارع للقيام بحركات ورقصات متناسقة مع إيقاعات موسيقية، بالإضافة إلى ضرب المارة ب”عظم الاضحية”، وتستمر الاحتفالات ب”بوجلود” لمدة 5 أيام كأقصى تقدير، وتثير هذه العادة جدلا بين من يعتبرها تراثا يستوجب الحفاظ عليه، واتجاه اخر يرى أنها طقوس بدائية، ويجب التخلي عنها.
بوجلود ظاهرة امازيغية خالصة:
تستوطن فعاليات مهرجان بوجلود في مدينة أكادير ونواحيها، وتتميز هذه المدينة، بتنوع ثقافي مهم، لكن يطغى فيها تواجد الأمازيغ بكثرة، وعند محاورتنا لشاب يلتزم بحضور فعاليات كرنفال بوجلود كل سنة، الذي عبر أن ظاهرة بوجلود تتجاوز وصف الظاهرة، واختار أن يؤكد على أنها تراث تحرص المنطقة على الحفاظ عليه، وعدم اندثاره، نظرا لرمزيته، وقيمته لدى مدينة أكادير، وأكد أن تراث بوجلود أصبح محل ترقب لدى المغاربة عند حلول مناسبة عيد الاضحى، وأضاف أنه يشجع أبناء المنطقة على الانخراط في فعاليات مهرجان بوجلود، وأن يحرصو على نقله من جيل لاخر، كما استرسل في حديثه عن تاريخ بداية هذا التراث، أنه مستوحى من ودلالته العميقة، وأنه استحضار للسكان الأصليين، وأداة للتعبير عن الهوية الأمازيغية.
وأكد المتحدث، أن استعداد لاحياء تراث بوجلود يستلزم مجهودا مهما، من حيث تنظيف جلود الماعز المستعملة، وتعطيرها، بالإضافة إلى انتقاء الحلي المناسب بشكل ينسجم مع إطلالة العارض، ناهيك عن وجود منافسة بين “عارضي بوجلود” من أجل الظفر بأحسن إطلالة.
وأشار كذلك إلى بعض العراقليل التي يواجهها العارضين وعلى رأسها التكاليف المادية، إذ اغلب أدوات الزينة والملابس، واكسسورات تكون مكلفة وتشكل تحدي كبير أمامهم.
بوجلود رمز للبركة والخير:
وكشفت مصادر “السفير 24” ، أنه ارتبط “بوجلود” منذ القدم بالبركة، وأن من يلمسه، أو يضربه، فيكون ذلك بمثابة نظير حظ، وفأل حسن، ويرجع سبب هذا الاعتقاد، أن عيد الأضحى، يشكل مناسبة لصلة الرحم وود والرحمة بين الناس، بالإضافة إلى فرحة الأسر بحلول هذه المناسبة، وتبادل التبريكات والتهاني، وإطعام المحتاجين، والتصدق عليهم.
كما أن جلد الماعز، أو الاضاحي بشكل عام، كان يعاد تدويرها ويصطلح عليها بال”هيدورة” كسجاد للصلاة، أو الجلوس، أو استعمالها في صناعة “طعريجة”، لذا فهي متعددة الدلالات في تاريخ الثقافة المغربية.
وبالتالي التداخل بين “بوجلود” كتراث، والدلالات الدينية والاجتماعية لعيد الأضحى، والرمزية التاريخية لجلد الأضاحي، جعل مفهوم البركة والخير مقترنا بهذا التراث.
بوجلود: ليس تراثا، وبدون معنى
وفي السياق المعاكس، عبر أحد شباب المنطقة أن هذا التراث يجب التخلي عنه، كونه لا يضيف أي شيء للمنطقة، بقدر ما يسئ لها، فالحركات والرقصات هي دون معنى، ناهيك عن أشكالهم المرعبة التي تبث الخوف لدى المواطنين، وانتقد المحاور بشدة “الضرب” الذي يقوم به “بوجلود” في غفلة من المارة، مشيرا للاضرار التي يمكن أن تسببها لهم، سواء الجسدية أو النفسية، كما نبه أنه سبق وأن تسببت ظاهرة ضرب المارة أثناء سير كرنفال بوجلود إلى جروح جسدية، واشتباكات وصراعات بين من يقبل هذه التصرفات على سبيل المزاح، ومنهم من تستفزه، مشيرا للازدحام الناتج عن فعاليات الكرنفال، الذي يشكل فرصة مناسبة لبعض الممارسات اللاأخلاقية كالتحرش الجنسي.
كما أشار أنه لا مجال للحديث عن البركة والخير من خلال ممارسة أفعال عنيفة على الناس، والقيام بطقوس دون معنى، يغلب عليها طابع الترهيب والتخويف، واصفا الكرنفال بأنه “دون معنى” ولا مجال لوصفه بالتراث، مقارنة ب”التبوريدة” أو “كناوة”، اللذان اعتبرهما رمزا للحضارة المغربية الأصيلة وتجمع بين التقليد والحداثة.
فبالرغم من الجدل الذي يثيره “بوجلود”، إلا أن تظل ظاهرة حية تتجدد كل سنة، وتبقى محط أنظار كل المغاربة، رغم انطباعاتهم المختلفة.