أقلام حرةفي الواجهة

أزمة تشغيل ذوي الإعاقة بالمغرب بين الضجة التشريعية وتعطيل التنزيل الإجرائي

isjc

عبد الواحد أولاد ملود : باحث في العلاقات الدولية جامعة القاضي عياض مراكش / خبير في مجال الإعاقة بالمغرب

الدارس لقضايا الإعاقة بالمغرب لا يجد غضاضة بالجزم أن ملف تشغيل ذوي الإعاقة يصطدم بمشاكل عويصة وهنا لا نعطي أحكام مسبقة قدر ما نسجل ونحن نتجول في شوارع العاصمة الرباط مجموعة من الملاحظات أهمها: تواجد مجموعات متفرقة من الأشخاص ذوي الإعاقة (المكفوفين وضعاف البصر على وجه الخصوص) يحتجون أمام القطاعات الوزارية رافعين شعارات تطالب الحكومة بالتدخل العاجل لتدبير أزمتهم التي عمرت طويلا داخل أروقة الوزارة الوصية في شخص وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية مقتنعين بأن هذه الأخيرة تواجههم بوعود قد تحلحل مشاكلهم وقد تتماطل في حلها، والغني عن البيان أن الحكومة عاجزة تماما عن فك لغز هذا الملف…

وسنقف في هذا المقال عند الثابت والمتغير في موضوع تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب بدءا بالمؤسسة التشريعية التي تخول لهذه الفئة حق الولوج إلى سوق العمل وهنا نقفز على قوانين الرعاية الاجتماعية لنمر مباشرة للقرار الوزاري رقم 03،130،00 الصادر في 10 يونيو 2000 والذي ينص على: تخويل الأشخاص ذوي الإعاقة كوطا 7 بالمائة من المناصب المالية سنويا سواء تلك التي ترتبط باجتياز المباريات أو عن طريق التوظيف المباشر… ليبقى هذا القرار عالقا دون تفعيل يذكر. وبعد صدور القانون الإطار رقم 97_13 المتعلق بتعزيز وحماية حقوق ذوي الإعاقة والذي خص الباب الرابع لتشغيل وإعادة التأهيل المهني لهؤلاء الأشخاص وربط إجراء توظيفهم بنص تنظيمي وهو ما فصله المرسوم الوزاري رقم 2،16،146 الصادر في يونيو 2016 والذي يرتبط بالمرسوم رقم 2،11،621 الخاص بتنظيم المباريات الوطنية على مستوى التوظيف والذي يقطع الصلة مع التوظيف المباشر منذ سنة 2011…

وعند قراءة استشرافية لمضامين المرسوم رقم 2،16،146 السالف الذكر نسجل مجموعة من الملاحظات أهمها:

  _ إبقاء نسبة 7 بالمائة لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة من المناصب المالية للدولة.

  _ إمكانية استفادتهم من الكوطا المخصصة لهم ابتداء من الإعلان عن خمسة مناصبة من قطاع معين عوض امكانية الاستفادة من الكوطا ما فوق 15 منصب المدرجة في القرار الوزاري الذي سلف ذكره.

  _ توسيع قائمة المناصب التي يستوجب منحها للأشخاص ذوي الإعاقة.

 _ إعفاء الأشخاص ذوي الإعاقة من شرط حد السن الأقصى للتوظيف المحدد بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل بالنسبة لجميع الأطر والدرجات وهذا يرتبط بترخيص من رئيس الحكومة…

 _ التغاضي عن امكانية تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص أو منح مميزات تفضيلية لهذا القطاع قصد ادماجهم في سوق الشغل.

  _ تجاوز التوظيف التعاقدي الذي بدأ العمل به دون الإشارة إليه في هذا المرسوم ليبقى حق الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى التوظيف التعاقدي التي منحت الإدارات المغربية في العمل به لا يشمل ذوي الإعاقة…

 _ تتمثل الملاحظة الأخيرة في كون هذا المرسوم له أثر تمييزي بين الإعاقات فيما بينها وهنا نسجل تمتع الإعاقة الحركية بحصة الأسد في المهن التي يمكن اسنادها لذوي الإعاقة…

ولتطبيق هذا المرسوم صدر مشروع مرسوم رقم 2،17،635 القاضي بتنظيم مباراة موحدة للأشخاص ذوي الإعاقة مرة واحدة سنويا على الأقل ابتداء من تاريخ المصادقة عليه ونشره بالجريدة الرسمية، وعند تحليلنا لحيثيات هذا المشروع نسجل أن على القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ستوجه لائحة المناصب المخصصة لذوي الإعاقة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتوظيف قبل 30 يوليوز من كل سنة لتنظم المباراة في شهر نوفمبر، وتُستتنى من هذا الإجراء هيئة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا وهيئة الأطباء والصيادلة والأطباء البياطرة وهيئة الممرضين وتقني الصحة.

ويجب التذكير أن إجراء المباراة الموحدة للأشخاص ذوي الإعاقة سيأخذ شكلا تدريجيا بما أطلق عليه بالمرحلة الانتقالية من سنة 2018 إلى سنة 2023 ليأخذ مساره مع مطلع 2024 ليبقى التساؤل مطروح: هل هذه المرحلة ستجبر قطاعات معينة بتوجيه مناصب خاصة لذوي الإعاقة إلى السلطة المختصة دون قطاعات أخرى؟ أم يبقى منح المناصب من القطاعات غير ملزم؟.

مهما تم تدبير هذه المرحلة فإنها ستصطدم بعراقيل ضحيتها الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يتزايد عددهم كل سنة. هذا دون أن نغفل غياب الإرادة السياسية لدى النخب السياسية لمنح الحق الكامل في تشغيل هذه الفئة، فقد واكبنا الاعلانات الصورية المتكررة للقطاعات الوزارية والإدارات العمومية بتخصيص نسبة 7 بالمائة كلما تم الإعلان عن مباراة للتوظيف إلا أننا عند الاعلان النهائي للناجحين لا نجد أي شخص في وضعية إعاقة والغريب في الموضوع أين هي تلك المناصب التي يتم تخصيصها لهؤلاء؟ ليتكرر السيناريو من سنة 2000 إلى وقتنا الحالي.

لا يمكن الحديث عن امكانية تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب دون الايمان بحق هذه الفئة من أصحاب القرار من جهة، ولا يمكن تدبير ملفهم بتطوير الأزمة لان حل الأزمة بالأزمة يزيد من استفحال الأوضاع.

في اعتقادنا كان من الأجدر قبل هذه الهرطقة التشريعية الواهية إصدار مرسوم استثنائي يحل المشاكل العالقة لهذه الفئة المتشردة في شوارع العاصمة الرباط التي سئمت من ويلات البطالة والفقر او على الأقل الابقاء على تفعيل الدوريات التي صدرت سابقا على غرار الدورية الوزارية الخاصة بالمكفوفين وضعاف البصر مايو 2008 لإزالة تراكم العاطلين عن العمل ومن بعد ذلك مأسسة مجال الإعاقة من التكوين والتأطير حيث لا يمكن معالجة مشكل التشغيل دون التغاضي عن مشكل التعليم والتكوين الذي يعد انطلاق لبناء الكفاءة والقدرات .      

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى