في الواجهة

اكتشاف المصلحة العامة كجثة هامدة بعد تصفية كائنات التسلط الانتهازي بالعمادة السابقة بكلية الحقوق بالمحمدية (الجزء السابع)

le patrice

* بقلم: د. المصطفى ساجد

فهذا التماطل المستمر والتجاهل الممنهج، اتجاه المطالب المشروعة للأساتذة الباحثين بالجامعات العمومية، هي ممارسات تدخل ضمن إستراتيجية محكمة تهدف إلى ضرب القطاع الجامعي العمومي المجاني وتقزيم دور مكانة الأستاذ الباحث وتبخيس قيمته العلمية والأكاديمية.

فهيمنة الوزارة المعنية بقطاع التعليم العالي، وتهربها الدائم من الاستجابة لملف مطلبي مشروع، تجد تفسيرها في غياب الصراع وطمس قوة الفاعلين الجامعيين عبر قنوات التأثير لجهات حزبية وبعض نماذجها، ذات الارتباطات مع الأطراف الحكومية والنافذة والتي أضحت لها قوة تحديد سقف التصعيد وربطه بهاجس خدمة السلم الاجتماعي، والتي كانت تراهن مقابل ذلك على تقلد مسؤوليات معينة أو إدراجها في إطار الترشيح للاستوزار.

الرواد والمساندون لديكتاتورية كلية الحقوق، من أعضاء مجالس الجامعة والمكاتب النقابية، ومن الفاعلين بالمؤسسة و الذين إما طواعية أو بالرضوخ للترهيب، قزموا مكانة ومهام الهياكل الجامعية و وقعوا في غالبيتهم عريضة العمادة السابقة بالمكاتب الإدارية، وبالتالي علفوا كائنات محرضة، ذات شراسة انتقامية بلغت قمة خبثها حتى تجرؤها على نعت أعضاء المكتب المحلي النقابي بالأشرار، وذلك لأنهم ظلوا خارج دائرة الولاء و اختاروا، بعد إغلاق باب الحوار الجدي و التعنت والتصلب لاستمرارية الاستحواذ على مهام قابلة للتبضيع والتسليع، نهج منطق الصراع ضد نمط التسيير المتسلط  والزبوني، ومواجهة جبروت هذا الطاقم الإداري الذي يتجاوز حدوده المسطرة ويعبث ويستهثر بالمسؤوليات. فالمراهنة على خدمات المصالح الخارجية لإدارات عمومية معينة ولنماذج حزبية و وزارية، احترفت زيارة المؤسسة لتلميع صورتها من خلال ندوات البهرجة ولتمرير إيديولوجياتها وخطاباتها السياسوية، وعلى مكاسب المساندة عبر التوغل داخل أخطبوط جامعي موسع، خاصيته وحوافز متانته إقتسام المنافع وتبادل المصالح، هذه كلها عوامل تفسر “الحماس الاستبدادي” للطاقم الإداري وبلطجيته المجيشة لإلحاق الأذى والضرر بالغير، بدون مراعاة و مبالاة لعواقبه الخطيرة وما ينجم عن ذلك من تبعات وبيانات وشكايات ومن متابعات قضائية ضد الممارسات الشنيعة والأفعال المنافية للقانون، كما أن التمادي لمدة طويلة في التجاوزات اللاقانونية وارتكابها بآمان نابع من عدم تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما هو منصوص عليه بالمادة الأولى من الدستور، ومن إستراتيجية الإفلات من العقاب .      

تثار العديد من التساؤلات بشأن الموقف السلبي والغياب التام و المطلق للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي عن الساحة عموما، وعن اتخاذ وتبني مواقف نضالية تتطلبها المرحلة، خاصة وأن العديد من القضايا والمحن للأساتذة الباحثين، المنتمين لهذا الجهاز النقابي، لم تلق اهتماما في شأنها. وقد عرفت كلية الحقوق بالمحمدية وشهدت حالات اتهم فيها أساتذة في إطار دعاوى قضائية (عبد الواحد شعير، جواد العسري) وأن المكتب الوطني لم يحرك ساكنا ولو بمؤازرة واحدة. ولعل المحنة التي يجتازها الأستاذ الباحث المعطي منجب تؤشر على هذا المنحى الخطير، إذ الموقف كان يستدعي، على الأقل، مؤازرة هذا  الأستاذ الجامعي والاهتمام بملفه من باب التضامن وهاجس الدفاع عن صيانة كرامة وحقوق المواطن، بحيث أنه تاريخيا فالنقابة الوطنية للتعليم العالي تتبنى أدبيات واسعة بالاهتمام بالقضايا والإشكاليات على المستوى الوطني والعالمي انطلاقا من مبادئ الدفاع عن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية للمواطنين وللشعوب في مواجهتها للقهر والاضطهاد وكل ممارسات الأنظمة المستبدة والقوى الاستعمارية والرأسمالية.

فالتدبير الاستبدادي له ضحايا وأكباش الفداء، عبر ممارسات تصفية الحسابات والتهديدات والمس السافر بالحقوق، ضمن إستراتيجية الترهيب بالمثال.  (Stratégie d’intimidation par l’exemple)

 في إطار حماس استضافة نماذج الخطابات السياسوية أو التأطير لأنشطة مرتبطة بمهن المحاماة والقضاء، عمدت العمادة السابقة على خدمة مصالحها من خلال تدخلات و تصريحات التلميع ومدح “الانجازات” من جهة والشحن والتحريض، وذلك عندما تتجرأ نماذج زائرة بتلفيق الاتهامات الرخيصة وإطلاق أحكام مسبقة ضد أساتذة معينين ظلوا تحت مجهر آلة الطغيان والأذى لطاقم العمادة السابقة.

“اطحن مو !” هذه العبارة القبيحة لها دلالتها للأسف، ولها روادها وأنصارها في حالات تنزيلها واقعيا وتطبيقها ضد الحقوق والممتلكات والملفات وكل أشكال الأضرار للغير. وفي هذا الشأن يجب الإشارة الى ما تعرض له بعض الأساتذة من تجاوزات وتعسفات ممنهجة وأنهم وضعوا تحت مجهر الطاقم الإداري بغية  التنكيل بحقوقهم وإلحاق الأذى والضرر بهم وكذلك اقتراف ممارسات التحريض لتلطيخ السمعة والضغط على بعض الفاعلين لفبركة الاتهامات ولتصفية الحسابات (التجميد والتعطيل اللاقانوني للترقية، الإتلاف الإجرامي لملفات التأهيل الجامعي، سحب تنسيق التكوينات بقرارات أحادية الجانب، تخريب العجلات بآلات حادة بمرآب السيارات داخل أسوار المؤسسة…).

فممارسات خلق الأضرار والتنكيل بحقوق ومعنويات مجموعة من الفاعلين كان مصدرها فريق العمادة السابقة، كطاقم إداري يعبث بالمسؤوليات ويتجاوز حدود مهامه، من خلال هيمنته على قرارات جميع الهياكل بدون استثناء.فأعضاء الهياكل كانوا المطبقين المطيعين لاملاءات تفرض من طرف العميد السابق وفريقه. وفي هذا الشأن، يجب التذكير ببعض القرارات التي اتخذت ضد بعض الأساتذة من طرف بعض الهياكل الجامعية، التي كانت تحت قبضة طاقم العمادة السابقة بامتثال أعضائها للأوامر وبالرضوخ لما يفرض عليهم من تعليمات.

وعلى هذا المنوال، وفي مجموعة من الحالات، فالهياكل الجامعية اتخذت طابع المجازر والمحاكم بجلد وسلخ وسن قرارات عقابية، كقرار استدعاء بعض الأساتذة للمثول أمام أعضاء اللجنة العلمية واعتبارها كمجلس تأديبي لها صلاحيات التأديب والترويض.

 فدور المجزرة، للهياكل الجامعية، تجسد في القرار المتخذ من طرف أعضاء مجلس الكلية في شأن عدم قبول استمرارية الاشتغال بالمؤسسة لثلاث أستاذات اللغات والتواصل ووضعهن رهن إشارة رئاسة الجامعة للتكلف بأمرهن لمواصلة عملهم بمؤسسات أخرى.

أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية *

يتبع..

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى