ورطة النظام الجزائري
* نورالدين زاوش
سأل الكلب الغزال: ما لي أعدو خلفك ولا ألحقك، فأجاب: أنا أجري لنفسي أما أنت فتجري لسيدك؛ حضرني هذا الحوار وأنا أتلمس أسرار الفشل الذريع للنظام الجزائري في حماية مرتزقته البوليزاريو، وانهياره عند كل مناسبة سانحة أمام حنكة ورزانة المغرب الذي يدافع عن أرضه وتاريخه بكل احترافية وأريحية.
يحمل النظام الجزائري من صفاة الكلب الشيء الكثير؛ إلا أن الفرق بينهما إضافة إلى صفة الوفاء المستشرية في الكلاب، هو أن الجزائر حتى ولو كانت تعدو لنفسها ما كانت لتذوق طعم النصر أو تنعم بنشوة الانتصار ولو بعد ألف عام؛ فالنظام الذي قتل ثلاثمائة ألف من مواطنيه العُزَّل فيما سمي بالعشرية السوداء لا يمكن إلا أن يكون نظاما وحشيا ودمويا أقرب إلى نظام يحكمه قانون الغاب منه إلى نظام راق وحضاري، والنظام الذي طرد من أراضيه ليلة العيد 75 ألف مغربي، فهدم بذلك الأسر وشتت العائلات وفرق بين المرء وزوجه وأولاده بلا رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني، من المحال أن يقدم للمغرب دروسا في مناصرة المستضعفين والمقهورين.
إنه لمن المضحك المبكي أن نتابع أخبار الإعلام الجزائري وهو يتبجح بخطاب نصرة المظلوم والوفاء للشعوب المقهورة وشعبه يئن تحت وطأة الفقر والبطالة والجهل، حتى علق أحد الظرفاء الجزائريين قائلا: آن الأوان لمساندة الشعب الجزائري المحتل من لدن طغمة العسكر.
ما عاد يشغل بال الجزائري هاجس التنمية وتقليص نسبة “الحِيطيسْت” التي صارت تعد بالملايين، ولا عاد مستوى التعليم والصحة الكارثيان يقضان مضجعه، ولا أصبح يتساءل عن أرقام المصابين بكوفيد 19 وأعداد الموتى كل يوم؛ بل صار كل همه أن يسترق السمع عله يأتيه بقبس من أخبار الرئيس الجزائري وأحواله ومصيره، وصار مبلغ علمه أن يعرف من يحكم الجزائر حقيقة.
إن ملء الفراغ السياسي الجزائري بخلق عدو خارجي يوحد الشعب خدعةٌ أكل عليها الدهر وشرب، ومخطط بئيس لفظ أنفاسه الأخيرة مع انتهاء الحرب الباردة؛ إلا أن هذا النظام البائد ما زال يعيش في جبة أبيه؛ هذه الجبة التي اتسع فيها الخرق على الراتق حتى صار صاحبها يخبط خبط عشواء كمن يحارب طواحين الهواء.
ما منع الشعب الجزائري من ملء الشوارع والأزقة والطرقات إلا الوباء، وما إن ينحصر الوباء بإذن الله تعالى حتى يعود الحراك إلى سالف عهده، أو ربما أشد توهجا واتقادا، وفي ظل التقدم الإعلامي والتكنلوجي المهول، لم تعد أساليب المافيا والتصفيات والاغتيالات تجدي نفعا مثلما كانت في الثمانينات، مما يجعل استنساخ العُشرية السوداء مجرد مغامرة حمقاء؛ حينها فقط، سيكون العسكر أمام ورطة حقيقة لا يحسده عليها أحد، وكذلك جنت على نفسها براقش.