في الواجهةكتاب السفير

إعادة تشكيل الشرق الأوسط: ضعف إيران وحلفائها بعد التحولات الكبرى

إعادة تشكيل الشرق الأوسط: ضعف إيران وحلفائها بعد التحولات الكبرى

le patrice

السفير 24 – بقلم: د. ادريس الفينة

تشهد منطقة الشرق الأوسط تغييرات جذرية ومتسارعة قد تُعيد رسم ملامحها الجيوسياسية بشكل جديد وبدون عودة. إيران، حزب الله، ونظام بشار الأسد، الذين كانوا في صدارة مشهد الصراعات الإقليمية، أصبحوا اليوم أمام واقع جديد يعكس تراجعًا ملموسًا في قوتهم وقدرتهم على المناورة. هذه الأطراف لم تعد تركز على تحقيق أهداف استراتيجية، بل على محاولة ضمان بقائها في مواجهة أزمات متلاحقة.

سقوط نظام بشار الأسد: نقطة تحول
في خطوة كانت متوقعة منذ فترة، انهار نظام بشار الأسد بشكل كامل، وفرّ الأسد إلى وجهة مجهولة، مما يعكس تفكك النظام الذي كان يعتمد على الدعم الروسي والإيراني. هذا الانهيار لا يمثل فقط خسارة لحليف استراتيجي لإيران وحزب الله، ولكنه أيضًا يُضعف المحور الذي اعتمدت عليه طهران في تعزيز نفوذها الإقليمي.
النظام السوري الذي كان ركيزة أساسية في مشروع “محور المقاومة” أصبح اليوم في طيّ النسيان، ما يفتح الباب أمام صراعات داخلية وإقليمية لإعادة تشكيل السلطة في سوريا.

حزب الله: فقدان القوة والانكشاف أمام العجز

حزب الله، الذي كان يُعتبر أحد أقوى الأذرع الإيرانية في المنطقة، تعرض لضربة قاصمة بعد الحرب الأخيرة الشرسة مع إسرائيل. هذه الحرب، التي خسر فيها الحزب الجزء الأعظم من قوته العسكرية والبشرية، كشفت عن هشاشته.

• فقدان المنافذ الخارجية: اليوم، لم يعد لدى حزب الله أي منفذ للتزود بالمال أو السلاح، مع تشديد العقوبات الدولية، وانهيار الدعم الإيراني بسبب الضغوط الاقتصادية الداخلية في طهران.

• تآكل الشرعية: في الداخل اللبناني، تتزايد النقمة الشعبية على الحزب، الذي أصبح يُنظر إليه كعبء سياسي واقتصادي، وليس كجهة مقاومة.

إيران: حصار دولي وتراجع نفوذ

إيران تواجه اليوم أزمات متعددة تُقوض من قدرتها على الاستمرار في لعب دور القوة الإقليمية المهيمنة:

• في اليمن: الحصار القوي المفروض على تدفق الأسلحة إلى الحوثيين قلّص قدرتهم على مواصلة الصراع. الدعم الإيراني أصبح محدودًا وغير قادر على تحقيق الأهداف التي كان يسعى إليها.

• في العراق ولبنان: النفوذ الإيراني يتراجع تدريجيًا في ظل الاحتجاجات الشعبية وضغوط الحكومات المحلية، مما يجعل إيران في موقف دفاعي.

روسيا: انسحاب قسري وتركيز داخلي
في ظل الحرب الأوكرانية واستنزاف مواردها، أصبحت روسيا أقل قدرة على إدارة ملفاتها في الشرق الأوسط. انسحابها التدريجي من المشهد السوري يترك إيران وحزب الله في مواجهة تحديات أكبر دون دعم مباشر.

إعادة تشكيل الشرق الأوسط: النظام الجديد
هذه التطورات تُشير إلى أن عملية إعادة تشكيل الشرق الأوسط قد دخلت مرحلة جديدة، حيث يتراجع النفوذ الإيراني وحلفاؤه لصالح قوى إقليمية ودولية تسعى لملء الفراغ.

• ضعف النفوذ الإيراني: انهيار النظام السوري وفقدان حزب الله لموارده الاستراتيجية سيضعف مشروع إيران الإقليمي.

• تعزيز التحالفات الإقليمية: دول الخليج العربي وتركيا باتت في موقع أقوى لإعادة صياغة المشهد السياسي، مع تركيز على الأمن والاستقرار.

سقوط نظام الأسد، خسائر حزب الله، وتراجع النفوذ الإيراني تُظهر أن مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط قد بدأت.

المنطقة تتحرك نحو إعادة توزيع القوى، حيث يتم تقليص دور إيران وحلفائها لصالح لاعبين إقليميين ودوليين آخرين.

هذه التحولات تُمهّد الطريق لشرق أوسط جديد يعيد ترتيب الأولويات ويُعيد صياغة التحالفات، مع التركيز على التنمية والاستقرار بدلاً من الصراعات والتدخلات. الشرق الأوسط أمام مرحلة مليئة بالتحديات، ولكنها تحمل في طياتها فرصًا لتشكيل مستقبل أكثر استقرارًا وتوازنًا.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى