في الواجهةكتاب السفير

وزراء من ورق

isjc

* نورالدين زاوش

كثيرة هي المواقف التي ورّط فيها وزراء حزب العدالة والتنمية الدولة المغربية سياسيا ودبلوماسيا؛ ففي يونيو 2014م صرَّح مصطفى الخلفي وهو يومها وزير للاتصال وناطق رسمي باسم الحكومة، في معرض رده على سؤال نائبة برلمانية تتهمه بالسيطرة على الإعلام قائلا: “هل يرضيكم أن يتحول المغرب إلى ماخور في المكسيك؟” في إشارة إلى مشاهد العري والمجون على القنوات المكسيكية، الأمر الذي أغضب المكسيك بشدة فأصدرت بيان احتجاج على هذا التصريح الأرعن. كان هذا قبل أن يتهذب الحس الفني لقياديي حزب العدالة وقبل أن يسمو ذوقهم ويرتقي، حتى عادت مشاهد المجون الصاخب التي كانت التلفزة المغربية تعرضه على قنواتها وهي تغطي أحداث مهرجان موازين بالنسبة لهم مجرد مشاهد ليس فيها بأس ولا تدعو للحرج، مثلما صرحت بذلك بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة.

كما صرّح بنكيران، وهو رئيس الحكومة أنذاك، بأنه يخشى بعد تقنين القنب الهندي أن يتحول المغرب لكولومبيا جديدة ودولة عصابات، مما ساهم في برودة العلاقات الدبلوماسية مع كولومبيا، كان هذا قبل أن يتفَقَّه حزب العدالة في معادلات الاقتصاد المعقدة ويصادق وزراؤه بالإجماع في المجلس الحكومي على عرض مشروع قانون تقنين “الكيف” على أنظار البرلمان.

لم تكن بلجيكا أكبر حظا من سابقاتها؛ فاستقبال السيد بنكيران للوفد البلجيكي بتاريخ 11 أبريل 2012م، وتجاهلِه بطريقة فظة وغريبة لوزيرة العدل البلجيكية “أنيمي تورتيلبوم”، وإحْراجه لها بكونه اعتقد أنها مجرد مترجمة للوفد، جعلها تصرح بأنها كادت تنسحب من اللقاء لولا خشية تأزيم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو الشيء الذي أسال لعاب الصحافة البلجيكية؛ فصارت لا حديث لها في ذلك الأسبوع الأسود سوى عن احتقار الإسلاميين للمرأة، كان هذا طبعا قبل أن يتلقى “بنكيران” تكوينا خاصا في معاملة الجنس اللطيف؛ فصار يتغزل بهن أمام الملأ وأحيانا أمام زوجته؛ تماما مثلما تغزل سنة 2015م بالمذيعة “نهاد الصنهاجي” في لقاء مفتوح قائلا: “عْجَبْتِني ولكن ما عرفتكش؟”

وبعد بلجيكا وكولومبيا جاء الدور على روسيا، حيث انتقد بشدة كبيرُهم الذي علمهم السحر لوكالة “قدس بْرِس للأنباء” في 30 نونبر 2016م الدور الروسي في سوريا قبل أن يتساءل: “لماذا تدمر روسيا سوريا بهذا الشكل؟”، مما دفع وزارة خارجية المملكة لإصدار بيان لـ“تبديد سوء الفهم“، ولدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة الرباط.

من المعلوم أن سِفرا عظيما بالكاد أن يحيط بكوارث العدالة والتنمية التي تفاجئنا في كل مرة، وأن مقالا بسيطا يعجز عن تحقيق هذا المراد؛ إلا أن آخر صيحة من هذه الكوارث التي يُندى لها الجبين ما دوَّنه منذ أيام وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد على صفحته الشخصية، والذي أكد فيه بأن المغرب من حقه أن يمد رِجله، في إشارة واضحة إلى توريط الدولة المغربية في الغزو البشري الذي طال مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وكأننا، للأسف الشديد، لسنا بصدد شخصية مرموقة من رتبة وزير دولة بل بصدد وزير من ورق.

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى