الاستاذ محمد العربي سعد تدفق انساني .. كبير وفارس من الزمن التربوي الجميل
السفير 24 – محمد تكناوي
انا لا اراك ……ولكني ألقاك……. فما تراه العين رؤية …وما يراه القلب لقاء ……..
هكذا قال جلال الدين الرومي وهكذا احسست وانا أتهادى لاقتحام عفاف الاستاذ محمد العربي سعد الاليق، والكتابة عن اسمه الوضيء في سماء التربية والتعليم.
محمد العربي سعد أو الاستاذ سعد كما دأب الجميع على مناداته، له من اسمه كل النصيب فهو يحبل بكل معاني السعادة و الفرح والسلام والخير الكثيف.
قد يكون كافيا أن اقول عنه اسم بقامة عالية جدا …وبقيمة ثقيلة جدا وكفى…، فأمام مقام هذا الهرم الشامخ قد يسعف الصمت ولا تسعف العبارة، بل يكون الصمت أبلغ بكثير عن الكلام، لدى سأرصع كلماتي هاته بكثير من درر الصمت البليغ، وما ستخطه يدي عن الاستاذ سعد هو اقل بكثير مما كان ينبغي ان يكتب.
تتسع الرؤيا…. وتضيق اللغة….. كما يقول المتصوفة فقد لا تطاوع العبارات بل وقد تخون الكلمات، لكن الصدق حتما لن يهجر فالمقام مقام صدق، و الاستاذ سعد هو من زمرة الصادقين. صادق مع ذاته ومع الاخرين بعيد عن الامتلاء بنفسه، صديق الكل العابر الى القلوب بتواضعه وبساطته، وطلاوة حديثة ولكنته المراكشية الاصيلة، ونخوة نظرته الى الامور والحياة، يوزع طيبوبته وقفشاته اينما حل وارتحل.
الاستاذ سعد هذا الواحد المتعدد فهو اكبر من ان يكون نفسه فقط، فقد كان مربيا واستاذا وموجها ومسؤولا ومهندسا للعمل الجمعوي الراقي، من الكبار الذين اجتمعت فيهم كل مواصفات الريادة تاريخ عائلي نضالي تليد، وحضور باذخ، وثقل معرفي، وكريزما مؤثرة، وعقلية حكيمة، وقدرة فائقة على الخطابة والتواصل، وابتعاد عن الاضواء، انه باختصار قبس من لحض النور و رجل من الطراز المغربي الفريد.
هو سليل اسرة مراكشية عريقة في العلم والنضال، من رجال التنوير ورجال الاصلاح ومن بين من شيدوا لهذه الحاضرة العريقة جسور العبور الى المجد وكانوا حداثها الى المستقبل وحراكها الاساس ونبضها الذي لا يتوقف وشبابها المتجدد الذي لم تقهره الظروف وتحينه المراحل والمنعطفات الصعبة، ومن حق ذاكرة اكاديمية التعليم بمراكش ان تنتعش بعطاءات هذا الهرم واسهاماته التي تجاوزت الرقعة الترابية للأكاديمية لتعانق تطلعات الناشئة المغربية بحقها وحلمها بتعليم جدير بأبناء هذا الوطن.
لقد ادرك الاستاذ سعد خلال مشواره التربوي والتعليمي والجمعوي الباذخ ونضاله الدائم ان التربية والتعليم بوابة الوطن الى النور والمعرفة والعلم والتقدم والتحرر من الانزلاق والتخلف وان المدرسة شمعة الوطن التي تضيئ الدروب وتقلب كل المعادلات الخاطئة وتغير كل المفاهيم والقيم والعادات المغلوطة. في جميع المحطات استطاع الاستاذ سعد ان يبقى كبيرا جدا، وقريبا من الكل ومن وجدان نساء ورجال التعليم في مختلف ربوع جهة مراكش اسفي حافظ على نقاء سيرته وعلى طهارة سريرته فلم يغير القناع ولا المعطف ولم تدجنه اغراءات المسؤولية والمهام الجسام التي تقلب فيها بالأكاديمية الجهوية أو بمديريتي مراكش والحوز وغيرها ، الاستاذ سعد هو من الناس الذين ولدوا بشرا عاديين تم اصبحوا شخصيات استثنائية بنكرانهم لذواتهم وايثار للأخرين واحترام للناس وعشق الوطن وغيرته على مؤسسات التربية والتكوين ورجال التعليم.
الكتابة عن هذا الهرم هو اعتراف بخصوبة الوطن الذي انجب مثل الاستاذ محمد العربي سعد الذي سيبقى اسمه مسجل بمداد من النور والنار في سجلات التربية والتعليم بمراكش وبكل ربوع مغربنا الحبيب، هو ايضا صك اعتراف بالأيادي البيضاء لهذا التدفق الانساني الكبير.