في الواجهةكتاب السفير

هل يمكن للملك إسقاط حكومة أخنوش؟

هل يمكن للملك إسقاط حكومة أخنوش؟

le patrice

السفير 24 – ابراهيم جديد. صحفي . باحث في العلوم السياسية

إمكانية الملك المغربي في إسقاط الحكومة دستورياً هي موضوع يتسم بالدقة وبتداخل الصلاحيات ضمن نظام دستوري محدد. الدستور المغربي لسنة 2011 يعطي للملك صلاحيات واضحة، ولكنها ليست مباشرة فيما يخص إقالة الحكومة أو رئيس الحكومة، وإنما ترتبط هذه الصلاحيات بإجراءات دستورية معينة يلتزم بها النظام السياسي المغربي.

  1. صلاحيات الملك في تعيين الحكومة وإعفاء الأعضاء: بموجب الفصل 47 من الدستور المغربي، للملك الحق في تعيين رئيس الحكومة من الحزب الحاصل على الأغلبية في مجلس النواب. كما يعين أعضاء الحكومة بناءً على اقتراح رئيس الحكومة، وله الحق في إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة بعد استشارة رئيس الحكومة. لكن الدستور لا يعطي للملك صلاحية مباشرة لإعفاء رئيس الحكومة أو إقالته، وإنما يتم ذلك بآليات أخرى.

  2. إسقاط الحكومة عن طريق استقالة رئيس الحكومة: استقالة رئيس الحكومة هي الآلية الوحيدة الدستورية المباشرة التي تنهي مهام الحكومة كلها. عندما يقدم رئيس الحكومة استقالته للملك وفق الفصل 47، تصبح الحكومة مستقيلة، ويكلف الملك رئيس حكومة جديد لتشكيل حكومة أخرى. هذا يبين أن قرار الإقالة الفعلي لرئيس الحكومة يجب أن يكون بيده أو من خلال تفاعلات سياسية برلمانية، وليس بإرادة ملكية مباشرة.

  3. حل البرلمان وإسقاط الحكومة: وفق الفصل 51 من الدستور، يملك الملك حق حل البرلمان أو أحد مجلسيه بعد التشاور مع المحكمة الدستورية ورئيس الحكومة ورئيسي المجلسين. حل البرلمان يؤدي ضمنياً إلى استقالة الحكومة، وذلك لأن الحكومة تستمد شرعيتها من البرلمان وفقدانه يستجلب استقالة الحكومة. هذا يعني أن الملك يمكنه بشكل غير مباشر “إسقاط” الحكومة عبر حل البرلمان، لكنه ليس له سلطة مباشرة على إقالة الحكومة بمعزل عن البرلمان.

  4. ملتمس الرقابة البرلمانية: إسقاط الحكومة برلمانياً يمكن أن يتم عبر ملتمس الرقابة، الذي يقدمه على الأقل خمسة أعضاء من مجلس النواب، ويتطلب تصويتا بالأغلبية المطلقة للإسقاط الفعلي للحكومة وفق الفصل 105. هذه الآلية تعكس روح الديمقراطية البرلمانية وتحكم الرقابة السياسية على الحكومة، وهي إحدى الوسائل التي تحدد موقف الحكومة البرلماني وصلاحياتها.

  5. الملك كحكم وأعلى ضمان لاستقرار الدولة: وفق الفصل 42، يعتبر الملك الممثل الأسمى وواضع الضمان لاستمرارية الدولة وسير المؤسسات الدستورية، ويلعب دور حكم أعلى بين المؤسسات السياسية. تدخل الملك في الأزمات السياسية يهدف إلى حماية النظام، التوازن، واستمرارية المؤسسات، وليس التحكم المباشر في السلطة التنفيذية.

خلاصة: الدستور المغربي يمنح الملك صلاحيات هامة في العلاقة مع الحكومة، ولكن إقالة الحكومة أو رئيس الحكومة مباشرة ليست من صلاحياته الحصرية أو المباشرة. هذه الصلاحيات تتم عبر الاستقالة الطوعية لرئيس الحكومة، حل البرلمان الذي يؤدي إلى استقالة الحكومة، أو إسقاط الحكومة عن طريق ملتمس رقابة برلماني. تُمارس السلطة الملكية في هذا المجال ضمن إطار دستوري دقيق يوازن بين الضمان السياسي للاستقرار واحترام القواعد الديمقراطية البرلمانية.

وبالتالي، فإن الملك ليس له صلاحية مباشرة في “إسقاط الحكومة” بمعناها المباشر، لكنه يستطيع تنفيذ ذلك بصورة غير مباشرة وفق آليات دستورية محددة في فصول الدستور. هذا التحليل يستند إلى مواد متعددة من الدستور المغربي (فصول 42، 47، 51، 96، 105)، وكذلك مراجعات فكرية وقانونية حديثة في المغرب حول صلاحيات الملك في عهد الدستور الحديث.

إعلان gardenspacenouaceur

الإدارة

مدير النشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى