تكناوي يكتب عن : الاحتفال عن بعد “بعيد الفطر” في زمن كورونا
* بقلم: محمد تكناوي
قال ابو الطيب المتنبي :
عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى ام بأمر فيك تجديد
اما الاحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونها بـــــيد
عاد عيد الفطر ولكن ليس بأحسن حال يا ابي الطيب وجديده انه اتى في زمن وباء فتك بالعالم وافسد كثير من مظاهره وطقوسه، اتي في زمن افرد فيروس كورونا جناحيه على كل دول المعمور.
فعيد الفطر لهذه السنة يحل بشكل استثنائي ومختلف لم يسبق للامة الاسلامية أن شاهدت مثله منذ بدء الاحتفال به لأول مرة والذي يعود إلى السنة الثانية للهجرة. وهذا الاستثناء لم يسمح بما هو معتاد فتم تغيير طبيعة الاحتفالات، وظهرت أفكار مختلفة لممارسة كثير من شعائره وطقوسه وايجاد مخارج بديلة لها بالفضاء الافتراضي.
وعيد الفطر أو العيد الصغير كما درج المغاربة على تسميته هو من الاعياد الاسلامية الى جانب عيد الاضحى، له أصل قبل الاسلام اذ كان العرب في الجاهلية يصومون من أسبوع الى أسبوعين في موعد قدوم الصيف الذي يوافق شهر الحر او شهر رمضان وكانوا يحجون الى الكعبة ويقدمون القرابين الى أربابهم فلما جاء الاسلام هذب هذا العيد وأزال عنه بقايا الصبغة الجاهلية وحوله الى عبادات.
وكما سلف القول يحل هذا العيد على المغاربة في ضل الاجراءات التي تم اتخاذها والتي تأتي في اطار منع انتشار فيروس كورونا خاصة الغاء مناسك العمرة وزيارة الأماكن المقدسة واغلاق المساجد ومنع الصلاة فيها ، وحضر التجمعات والتجوال و فرض التقوقع في المنازل، فكثير من المظاهر الروحية والاجتماعية والترفيهية والشكلية عطل فيروس كورونا ممارستها خاصة بعد تمديد الطوارئ الصحية والحجر الصحي الى ما بعد عيد الفطر.
بالنسبة للمظاهر الروحية فمع تعذر اقامة صلاة العيد حيث ان الاصل في اقامتها يكون في المصليات والمساجد ، و هذه السنة فرضت جائحة كورونا أن تتم في المنازل والبيوت مع الاسر والاهل بدون خطبة بعدها ، وبلا مظاهر للفرح او تكبيرات تصدح بالمساجد.
من هذه المظاهر أيضا زكاة الفطر التي أصدر المجلس العلمي الاعلى راي يقضي بجواز اخراجها نقدا ، وكذلك تعجيلها اي اخراجها قبل العيد بيوم او يومين او ثلاثة، كما توسم البعض تسليمها للأسر الفقيرة التي تأثرت اكثر من غيرها بتداعيات الحجر الصحي.
و من مستلزمات طقوس عيد الفطر الاجتماعية صلة الارحام والمعايدة وفي ضل الحجر الصحي والتشديد على ضرورة التزام ضوابط التباعد الاجتماعي والجسدي سيتم الاكتفاء بالمعايدات عبر الهواتف والرسائل النصية، وبدل التواجد سينتقل المحتفلون والمهنئون الى منتديات التواصل الاجتماعي.
ضمن المظاهر الترفيهية المرتبطة بعيد الفطر ايضا بهجة الاطفال الذين يخرجون الى الشوارع والى المتنزهات والحدائق بملابسهم القشيبة للهو واللعب وشراء الحاجيات والحلويات، فهذه الطقوس التي تعلوها السمات وعلامات الفرح سوف تختفي خلال هذا العيد بل ان الهدوء والسكون والصمت سيخيم على الشوارع.
ولتبرير تشديد اجراءات الحجر الصحي خلال ايام العيد اعتبر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني انه لا يريد ان يتحول العيد من فرح الى حزن ومأساة لعدد من المواطنين خاصة وان الوضعية الوبائية بالمغرب وإن كانت مستقرة لا تزال غير مطمئنة.
وعلى الرغم من تداعيات الحجر الصحي وما يكسوه من خوف وحذر وخشية وترقب فلا بد من استكناه المعنى الروحي والابعاد العميقة لعيد الفطر الذي هو قبل كل شيء احساس بلذة الانتصار على الذات في صوم رمضان، وعلى اهمية ان نعيش الفرح الحقيقي للعيد وهذا الفرح ليس بالضرورة الملابس والاطعمة ولا المعايدات والتهاني وانما بالمحبة والاهتمام بأحوال من حولنا، وبهجة ترتسم الوجوه وهي ترتدي ثوب الصحة والعافية والابتعاد عن مخاطر الوقوع في براثن فيروس كورونا.
وكل عيد وأنتم بخير.