لتحي الصداقة المغربية التونسية..و لتسقط العصبية العمياء !
* الصادق بنعلال
أعرب الرئيس السابق للحكومة التونسية منصف المرزوقي سنة 2012 عن أمله في أن تمثل العلاقات المغربية التونسية “قدوة ونموذجا لغيرنا من البلدان والشعوب في إطار انفتاحنا على العالم”٬ و أفصح عن قناعته بأن هذه العلاقات ستتوطد وتتعمق أكثر في المستقبل
1 – مرة أخرى شهدت مقابلة في كرة القدم بين الناديين الكبيرين الترجي التونسي و الوداد المغربي نفس الحساسية الحادة التي ميزت جل اللقاءات الرياضية ، التي جمعت المنتخبين و أندية القطرين الشقيقين ، و الواقع أن الحوارات الفنية بين فرق المغرب العربي من الطبيعي أن يسمها روح التنافس و الصراع القوي من أجل الفوز ، فهي مقابلات رياضية تدخل في إطار ما يسمى رياضيا ” بالديربي” و نلاحظ مثل هذه الظاهرة المثيرة في عدد كبير من الاتحادات الكروية الدولية ، إلى درجة جعلت البعض يصرح بقدر من المبالغة بأن المواجهة التي تجمع البرازيل و الأرجنتين مثلا ، تكون صدامية و نارية رغم طابعها الودي !
2 – و من المعلوم أن العلاقة الأخوية العميقة التي تؤلف بين الشعبين الشقيقين في كل من المغرب و تونس موغلة في القدم و ضاربة في عمق التاريخ ، لا يمكن أن يعبث بها الذين ما زالوا يتلقون دروس المرحلة الأولية في المدرسة السياسية الفسيحة ، و بالتالي فنحن مصرون على الحفاظ على هذه العلاقة الممتازة ، و ملحون على استمرار توهجها و تألقها ، من أجل مغرب عربي أفضل ؛ مغرب الشعوب الطامحة إلى غد مشرق منفتح على قيم الديمقراطية و التسامح و العدالة ، و لن نقبل أن تعصف مقابلة في كرة القدم مهما علا شأنها بأحلام الوحدة و المصير المشترك ، و الأهداف النبيلة التي من المفروض أن نعد لها مناخا سليما ، من أجل انطلاقة مغاربية نحو الإقلاع التنموي الشامل !
3 – يجب أن يدرك الجميع أن الهزيمة في لقاء رياضي معين ليست نهاية العالم ، و لا يمكن بحال من الأحوال أن نجند كل الطاقات اللوجستيكية و المالية و الإعلامية من أجل حوار كروي محدود جدا في الزمان و المكان. صحيح لقد تعرض نادي الوداد المغربي لظلم تحكيمي شنيع ، سواء في مقابلة ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا بالرباط ، أو في مقابلة الإياب بتونس ، بيد أنه كان من الممكن أن يجتمع عقلاء الناديين مع أعضاء الاتحاد الإفريقي بهدوء ، بعد أن طالب لاعبو الوداد بحقهم المشروع في مشاهدة ” الفار ” ؛ تقنية فيديو الحكم المساعد ، إثر عدم احتساب حكم المقابلة لهدفهم الملغى ، و بعد أن مرت ساعة و نصف من عمر هذه المقابلة العجيبة ، للإعلان عن قرار إيقافها و إعادتها في تاريخ لاحق إحقاقا للعدل و المساواة و تكافئ الفرص ، دون ضجيج و احتكاكات مؤسفة ظلت حديث وسائل التواصل و المواقع الاجتماعية العالمية !
4 – لنعمل على إيقاف هذه الفضيحة التي أصابت الرياضة الإفريقية في مقتل ، و لنسع إلى إيقاف هذا النزيف المعنوي ، و لنحافظ على أواصر الصداقة و المحبة بين الدولتين الشقيقتين و باقي دول المغرب العربي الكبير ، و لنضع يدا في يد من أجل إنجاح الربيع الديمقراطي المغاربي ، و نقف جميعا في وجه الثورات المضادة لتأسيس أنظمة سياسية ديمقراطية ، تسعى إلى الرقي بالشعوب المحرومة و الصعود بها نحو العلا ، و في ذلك فليتنافس المتنافسون ، و ليحي الشعبان المغربي و التونسي ، و لتسقط العصبة العمياء !
* كاتب من المغرب