المستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة…”كارثة بكل المقاييس”
السفير 24 / ح.ر – ا.م – ك.ي
أصبحت صورة مستشفيات طنجة سوداوية في ذهن السكان، لأنها لا تراعي الكثافة السكانية لعاصمة البوغاز. والازدحام هو العنوان الرئيسي لمرافقها، وضعية يتجرع مرارتها المرضى القاصدين هذا المرفق الصحي العمومي للعلاج. ويعتبر المستشفى الجهوي محمد الخامس بمدينة طنجة من أكبر المستشفيات بالمدينة والجهة، لكنه يئن من الاكتظاظ وسوء المعاملة مع المرضى الذين يقصدونه للعلاج. “السفير 24” زارت مرافق المستشفى دون إعلام مسبق، وكان حصاد الجولة أن قليل من الأطباء وكثير من المرضى يتقاسمون المشاكل ذاتها.
وخلال زيارتك للمستشفى الجهوي محمد الخامس بمدينة طنجة. تجد المرضى ينتظرون في طوابير طويلة، يتعالى أنينهم في قاعات الانتظار، أجهزة معطلة باستمرار، ازدحام شديد وتلاسنات بين المرضى وحراس الأمن الخاص، كما أن البعض من الأطباء النزهاء يعانون في سبيل علاج المرضى.
“الدخول إلى مستشفى محمد الخامس، يعد ساعة في الجحيم! أو كارثة بكل المقاييس”، جملة تلفظ بها أحد المواطنين الذي رافق زوجته إلى مصلحة الولادة، بعدما أحست بألم المخاض لكن جل المولدات منشغلات بالتسلية وعوض القيام بفحص النساء الحوالم يقمن بارجاعهن الى بيوتهن حتى يشعرن بالمخاض رغم أن سبب زيارتهم الى هذا المستشفى هو المخاض بذاته. حوامل يتجرعن مرارة الانتظار، ولا مبالاة في المرافق الصحية. الولوج للمستشفى يعطي انطباعا سلبيا أن الأمور ليست على ما يرام، والدليل على ذلك أن المرضى يدخلون دون أن يسألهم حراس الأمن عن دوافع الزيارة، إذ يكتفون بالوقوف في البوابة فقط.
بعد جولة قصيرة لطاقم “السفير 24” بأقسام المستشفى الذي أصبح مشهورا بالاهمال وكثرة حالات الوفيات، اتضح أن بعض هذه الأقسام يعاني الاكتظاظ، من قبيل مكتب نظام المساعدة الطبية (راميد) وقسم الولادة أو ما اصطلح عليه بعض المواطنين “قسم الموت” لكثرة حالات الوفيات به، وقسم المستعجلات الذي يعرف فوضى دائمة ومعاملة “باك صاحبي”. أصوات الضجيج والصراخ تعلو من كل مكان، في وقت يجب أن يحظى فيه المرضى بالهدوء، الأمر الذي يزيد من معاناتهم.
يؤدي بعض الأطباء تكلفة الازدحام والفوضى التي تطبع المكان، والبعض الآخر لا يهمه القسم الذي أداه في سبيل علاج المريض، قد تجدهم في بعض القاعات رفقة بعض الممرضات، والسبب يعلمه هما الاثنين فقط، “والفاهم يفهم”، كما تعيش بعض الممرضات والممرضون النزهاء في حالة ضغط دائم، مرددين عبارة “الطبيب مكره لا بطل”، نتيجة عدم استيعاب المستشفى الحالات الوافدة عليه من كل المدن المجاورة، وقلة التجهيزات ما يؤثر بالسلب على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.
وأكد أحد المرضى لـ “السفير 24” أنهم أصبحوا يعانون من الفساد المنتشر بين بعض الأطر الطبية والشبه طبية بهذا المستشفى، الذين تخلوا عن أخلاقيات المهنة وأصبحوا لا يؤمنون بجدوى المعاملة الحسنة التي تساعد المريض نفسيا في العلاج، وأضاف أن المريض الفقير المقهور أصبح بالنسبة لهم قطعة نقدية يسعى إلى دسها في جيبه، إذ لا يمكنك أن تطالب بالعلاج في هذه المؤسسة الصحية دون أن يكون لك وسيط يسهل عليك المأمورية ويفتح لك الطريق مع الطبيب الملزم عليه علاجك، حتى تتمكن من إجراء الفحوصات والتحليلات التي تكلفك بالخارج أموالا كثيرة.
وفي سؤالنا لمريض آخر، أكد لنا أنه تعذر عليه أخد موعد مع طبيب اختصاصي بهذا المستشفى، من أجل إجراء عملية جراحية، لكنه تمكن من الحصول على الموعد حين التجأ لأحد السماسرة، الذي تكفل له بكل الإجراءات، بما فيها الكشوفات الطبية والصور والعملية، مقابل مبالغ مالية دفعها مسبقا، وهي نفس السلوكات المشينة التي تتكرر يوميا بقسم الولادة، حسب المصدر ذاته.
كما أن بعض المرضى لا يلتزمون بالصف، إذ يسألون عن اسم شخص يشتغل داخل أروقة المستشفى، لأنه يجنبهم مشقة طول الانتظار، لكن ما يحسب للمستشفى هو وجود علامات التشوير التي ترشد الزائر إلى المصلحة التي قدم إليها، ما يسهل مأمورية المرضى.
وبخصوص مصلحة “راميد” فانها تعرف الكثير من المشاكل، في مقدمتها الاكتظاظ الشديد، مقارنة بباقي الأقسام، الأمر الذي يعمق معاناة المرضى ويدفع نحو الانفلات الأمني. مشهد الفوضى والاحتجاج يتكرر بمكتب نظام المساعدة الطبية، المعروف اختصارا بـ “راميد”، في أغلب المستشفيات العمومية، وفي هذا المرفق الصحي العمومي بطنجة.
صراخ، المرضى وبكاء الأطفال، وفيات احتجاجات وشكايات بالجملة، هي شعار المستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة، حيث لا يمكنك أن تسمع هنا إلا أصواتا تعبر عن الاستياء والتذمر من الوضع الكارثي لهذه المؤسسة الصحية، التي باتت تمثل محنة لكل من يقصدها للتطبيب والعلاج، كما أن ادارة هذا المرفق الصحي العمومي التي تجدها فقط على الأوراق، أصبحت عاجزة ولا تستطيع معاقبة المتهاونين في تأدية واجبهم المهني النبيل، ليبقى شعار المستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة…”كارثة بكل المقاييس”.