
السفير 24
يشهد قطاع الصحة بالمغرب جدلاً محتدماً بعد ظهور معطيات رسمية ومصادر متطابقة تشير إلى أن بعض الشركات المرتبطة بوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة استفادت من صفقات عمومية مهمة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وهو ما يثير علامات استفهام حول استغلال النفوذ وتداخل المصالح بين المسؤولية الحكومية والأعمال الاقتصادية الخاصة.
وتكشف المعطيات أن الشركات المرتبطة بسعيد برادة حصلت على صفقات متعددة خلال السنوات الأخيرة، شملت توريد أدوية ومستلزمات طبية وبرامج وطنية حساسة، مثل مكافحة الأمراض المزمنة والأوبئة وتجهيز المراكز الصحية والمستشفيات بالأدوية والمعدات الحيوية. وتوضح هذه الصفقات، بحسب الخبراء، كيف يمكن أن تُستغل النفوذ والموقع الرسمي للحصول على عقود مالية مهمة خارج إطار المنافسة الشفافة.
ويطرح هذا الوضع أسئلة حقيقية حول مدى احترام مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج إلى الصفقات العمومية، وغياب الشفافية والنزاهة في بعض الإجراءات التعاقدية، خصوصاً حين تكون الشركات على صلة مباشرة أو غير مباشرة بمسؤولين حكوميين، سواء عبر الملكية أو التدبير قبل تولي المهام الحكومية.
وتشير الوثائق المتاحة إلى أن هذه الصفقات تمت تحت إشراف الإدارة المركزية للوزارة، وهو ما يعيد إلى الواجهة النقاش حول مدى تطبيق مبدأ تجنب تضارب المصالح كما ينص عليه القانون التنظيمي المتعلق بأعضاء الحكومة، خاصة حين تمس برامج وطنية أساسية تتعلق بالصحة العامة والوقاية من الأمراض.
ويحذر خبراء في السياسات العمومية من أن هذه الحالات لا تقتصر على صفقة بعينها، بل تمثل نمطاً يحتمل أن يوسع دائرة تأثير المصالح الخاصة على القرار العام، وهو ما يستدعي تعزيز آليات الحكامة، وفصل السلطة العمومية تماماً عن الأنشطة الاقتصادية الخاصة، حماية للمال العام والمرفق العمومي من أي شبهات تأثير أو استغلال نفوذ.
ويطالب مراقبون بفتح تحقيق شامل وإعادة النظر في آليات تدبير الصفقات العمومية، وإلزام المسؤولين بالإفصاح الكامل عن علاقاتهم المالية والقانونية بالشركات الخاصة، سواء قبل تولي المنصب أو أثناء ممارسته، لضمان الشفافية وحماية المال العام.
هذا، ويبقى التساؤل جوهرياً: هل تمثل هذه الحالة حالة معزولة، أم أنها مؤشر على منظومة تتطلب مراجعة شاملة لقطع أي التباس بين الموقع الحكومي والمصالح الاقتصادية الخاصة؟



