
السفير 24 – جمال اشبابي باريس
لم يبق الخوف والقلق محصورين في باريس. فالمغرب بأسره يعيش على وقع الترقب، في وقت تستعد فيه المملكة لاحتضان كأس الأمم الإفريقية على بعد أسابيع.
في أوساط الجمهور المغربي، لم تكن إصابة أشرف حكيمي مجرد خبر رياضي، بل صدمة وطنية حقيقية. فالنجم الباريسي تحول إلى رمز يتجاوز حدود المستطيل الأخضر، إذ ينظر إليه باعتباره “روح المنتخب وقلبه النابض”.
وصور سقوطه باكيا على أرضية الملعب كانت كافية لتجمد المشاعر وتثير الخوف في كل بيت مغربي ينتظر كأسا طال انتظارها منذ عام 1976.
في هذا السياق، كشفت تقارير فرنسية أن الطاقم التقني للمنتخب المغربي كان قد طالب نادي باريس سان جيرمان بمنح حكيمي فترات راحة أطول تفاديا للإرهاق قبل البطولة القارية.
غير أن المدرب الإسباني لويس إنريكي تجاهل هذه التوصيات، وأصر على إشراكه في كل المباريات تقريبا.
ونقل موقع Yahoo Sport France عن مصادر مقربة من الاتحاد المغربي أن “المخاوف من إرهاق حكيمي كانت حقيقية، لكن باريس لم يتجاوب معها”، وهو ما اعتبره مراقبون “نوعا من الاستهتار بلياقة أحد أهم أعمدة المنتخب المغربي.”
وبحسب تقرير لقناة RMC Sport يعود إلى تاريخ 6 شتنبر 2025، فإن إدارة النادي الباريسي ناقشت فعلا مع الطاقم الفني للمنتخب المغربي فكرة منح حكيمي فترات راحة إضافية، غير أن إنريكي فضل الإبقاء عليه ضمن تشكيله الأساسي، ما أثار اليوم موجة انتقادات حادة ضده.
لكن خلف العاطفة يختبئ سؤال أكثر وجعا: لماذا جازف المدرب لويس إنريكي بإشراك حكيمي رغم الإرهاق البدني الذي يعانيه؟
ففي نظر عدد من المحللين الفرنسيين، كان القرار مجازفة متهورة، خصوصا أن اللاعب خاض أكثر من خمس عشرة مباراة في أقل من شهرين مع باريس سان جيرمان والمنتخب المغربي.
قناة RMC Sport الفرنسية خصصت فقرة مطولة ضمن برنامجها After Foot لمناقشة إصابة حكيمي، ووصفتها بأنها “النتيجة المتوقعة لإرهاق متواصل”.
الصحفية كارين غالي قالت حرفيا على أثير RMC: “عندما أرى أن لويس إنريكي يدخل حكيمي في مباريات لا أهمية لها، أتساءل: لماذا المخاطرة بلاعب منهك وهو مقبل على بطولة قارية في بلاده؟”.
أما المحلل دانييل ريولو، فذهب أبعد من ذلك قائلا في البرنامج ذاته: “لو كنت مكان حكيمي، لقلت لنفسي: لا يجب أن أصل مصابا إلى كأس إفريقيا… إنها لحظة وطني وأسرتي، البطولة التي ينتظرها المغرب منذ نصف قرن”.
لكن، النتيجة جاءت قاسية. ففي مواجهة بايرن ميونيخ ليلة أمس، نفذ الكولومبي لويس دياز تدخلا عنيفا بكلتا قدميه على كاحل حكيمي الأيسر. وبحسب تقرير رويترز الذي أشار إلى “إصابة مشتبه بها في الكاحل” وأن اللاعب “غادر الميدان باكيا مستندا إلى الطاقم الطبي”.
تلفزيون Cadena SER الإسباني أكد بدوره أن الفحوص الأولية ترجح “التواء خطيرا في الكاحل قد يبعده بين ستة وثمانية أسابيع”.
وينتظر الجمهور، سواء المغربي أو الباريسي إصدار إدارة النادي الباريسي لبيان يوضح الوضع الصحي لحكيمي ومدى خطورة الإصابة.
وبذلك، يصبح احتمال مشاركة حكيمي في كأس إفريقيا موضع شكٍّ حقيقي، إذ قد لا يتمكن من استعادة جاهزيته التامة في الوقت المناسب.
فحتى لو تماثل للشفاء قبل انطلاق البطولة، فإن خطر الانتكاسة سيبقى قائما، مما يدفع الجهاز الفني للمغرب إلى دراسة بدائل اضطرارية.
حكيمي، الذي خاض 88 مباراة دولية منذ 2016 وحمل شارة القيادة منذ 2024، كان يحلم بأن يرفع الكأس على أرض بلاده.
لكن دموعه أمام بايرن ميونيخ جعلت الحلم يبدو مهدّدا، وفتحت نقاشا أوسع حول مسؤولية الأندية الأوروبية في حماية نجومها الأفارقة قبل البطولات القارية.
اليوم، من حق الجمهور المغربي تحميل إدارة باريس سان جيرمان جزءا من المسؤولية، فيما يهاجم المحللون الفرنسيون إنريكي بسبب “سوء التقدير” و”الافتقار إلى الحس الإنساني”.
أما حكيمي، فيجد نفسه بين مجازفة مدرب وقلق وطن بأكمله ينتظر خبرا واحدا: هل سيرفع راية بلاده في كأس إفريقيا، أم سيكتفي بمشاهدتها من بعيد؟



