فن وثقافةفي الواجهة

“ليلة السكاكين”.. رواية تكشف أسطورة البطل المزيف وسقوط القرى في فخ الخرافة

"ليلة السكاكين".. رواية تكشف أسطورة البطل المزيف وسقوط القرى في فخ الخرافة

le patrice

السفير 24 

صدرت حديثًا عن دار نوفل – هاشيت أنطوان رواية قصيرة (نوفيلا) بعنوان “ليلة السكاكين” للكاتب والمخرج السوري عروة المقداد، وهي عمل أدبي يختصر حكاية وطنٍ غارقٍ في الأسطورة والخرافة، ويعرّي آليات السلطة في توجيه العقول وتشكيل الوعي الجمعي.

تدور أحداث الرواية، الواقعة في 176 صفحة، في قرية صغيرة يعود إليها ابن سلامة بعد خمسة عشر عامًا من الغياب، ليُقتل بطريقة مروّعة تهزّ كيان المكان. لكنّ فظاعة الجريمة لا تكمن فقط في القتل ذاته، بل في تواطؤ أهل القرية الذين حوّلوا ابن سلامة من بطلٍ أسطوريّ إلى ضحيةٍ للغدر والنكران.

من خلال هذه الحكاية، يرسم المقداد صورةً رمزية لمجتمعاتٍ مأزومةٍ تتغذّى على الأسطورة، وتبحث في الخرافة عن خلاصٍ من واقعها المنهار. فالقرية هنا ليست مجرد مكانٍ جغرافي، بل مرآةٌ لمجتمعاتٍ متشظّية، غارقة في التبعية، تخضع لتلاعب “السلطة غير المباشرة” المتمثلة بالمختار وحلفائه، الذين يسيطرون على عقول الناس من خلال حياكة القصص وتضخيم الرموز.

بلغةٍ سلسةٍ مشبعةٍ بالرمزية، وبأسلوبٍ بصريّ مستمدّ من تجربته السينمائية، ينجح عروة المقداد في نقل القارئ إلى قلب الحدث، فيعيش معه تفاصيل العنف والخيانة، ويتأرجح بين التعاطف مع البطل والحنق على مجتمعه الذي خانه.

تطرح “ليلة السكاكين” سؤالًا مؤلمًا:

هل كانت تلك القرية مجهولة فعلًا، أم أنّها صورةٌ مصغّرة عن كلّ القرى، بل عن المجتمع البشري بأسره حين يختلق الأبطال ليصلبهم لاحقًا؟

النوفيلا لا تتحدث عن مكانٍ بعينه، بل عن حكاية مألوفةٍ تتكرّر في كلّ زمنٍ ومجتمع: حين يتحوّل البطل الشعبي إلى ضحيةٍ لأسطورةٍ صنعها الناس بأيديهم، قبل أن ينقلبوا عليها عند أول امتحان للوعي والضمير.

الكاتب عروة المقداد (من مواليد دمشق عام 1985، وأصله من درعا) هو مخرج وكاتب سوري حائز على جائزة سمير قصير لحرية الصحافة 2014، وجائزة معهد غوته في العام نفسه عن قصته القصيرة “السيدة سوزان”.

نال عددًا من الجوائز العالمية عن أفلامه الوثائقية «300 ميل»، «النشور» و**«تحت سماء حلب»**، كما يكتب مقالات نقدية وفكرية في صحف ومنصات عربية بارزة منها الحياة، العربي الجديد، الجمهورية، رصيف 22، وحكاية ما انحكت.

“ليلة السكاكين” ليست مجرد رواية عن جريمة قتل، بل تشريح أدبي لمجتمعٍ يصنع بطله ليدمّره، ويعبد أسطورته حتى تتحول إلى لعنة.

إعلان gardenspacenouaceur

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى